سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث ( الدرس الخامس )
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث ( الدرس الخامس )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد : فهذا هوالدرس الخامس من شرح المنظومة البيقونية ،سنتكلم فيه (إن شاء الله) على القسم الثاني والثالث من اقسام الحديث وهو الحديث الحسن والضعيف، قال الناظم رحمه الله:
والَحسَنُ المعروفُ طُرْقاً وغَدَتْ ... رجَالُهُ لا كالصحيحِ اشتَهَرَتْ
وكلُّ ما عَن رُتَبةِ الُحسنِ قَصُر ... فهَوَ الضَّعيفُ وهوَ أقْساماً كثُرْ
قوله :(والحسن) هذا هو القسم الثاني من أقسم علم مصطلح الحديث، والمراد هنا الحسن لذاته، كما أن الصحيح المتقدم كذلك، والحسن في اللغة: ما استكمل صفات تبعث على الرضى وتدعوا إلى المدح، وفي الإصطلاح عرفه المؤلف بقوله: (المعروف طرقا) تمييز محول عن نائب الفاعل، أي المعروف طرقه،أي رجاله المخرجون له، ولو كان طريقا واحدا، خلافا لما يوهم قوله (طرقا) بالجمع، لأنه لا يشطرط في الحسن لذاته تعدد الطرق، باستثناء الحسن لغيره، ثم قال: (وغدت)أي صارت (رجاله) أي الحديث الحسن، (لا كالصحيح اشتهرت).
والمعنى: أن الحديث الحسن، هو الذي صارت رجاله مشتهرة اشتهارا دون اشتهار رجال الحديث الصحيح في الضبط، فعلم بهذا أن شروط الحديث الحسن هي شروط الحديث الصحيح ما عدا شرط الضبط، فإنه في الحديث الصحيح في المرتبة العليا، أما في الحديث الحسن، فأقل من ذلك.
وأما حكم الحديث الصحيح والحسن، فهو الإجماع على الإحتجاج والعمل به عند المحدثين ومن يعتد به من الأصوليين والفقهاء.
تنبيه : ذكر المؤلف (رحمه الله) هنا، الحديث الصحيح لذاته والحسن لذاته ولم يذكرالحديث الصحيح لغيره والحسن لغيره تسهيلا على المبتدي، والله أعلم .
ولهذا نقول زيادة للفائدة: الصحيح لغيره، هو الحسن لذاته، إذا تعددت طرقه.
والحسن لغيره: هو الضعيف إذا تعددت طرقه، على وجه يجبر بعضها بعضا.
ثم قال: (وكل ما) أي كل حديث (عن رتبة الحسن) وعن رتبة الصحة بالطريق الأولى (قصر) في المصباح: قصُر الشيء بالضم قِصَراً، على وزن عنب، خلاف طال، فهو قصير، وعلى هذا يكون المعنى لم يبلغ رتبة الحسن، وقوله: (فهو الضعيف) أي فهو الحديث الضعيف، وهذا هو القسم الثالث من أقسام مصطلح علم الحديث، ويقال له المردود أيضا.
والضعيف في اللغة: الضَّعف بضم الضاد وفتحها، ضد القوي، واصطلاحا: هو الذي لم تجتمع فيه صفات القبول، السابقة الذكر في شروط الحديث الحسن، فبالأولى الحديث الصحيح، و كان في سندِه أحدُ عـَشرةِ أشياء ، خمسة ٌ تتعلقُ بالضبط ، وخمسة ٌ تتعلقُ بالعدالةِ، فالأشياء التي تتعلق بالضبط ( أي ضبط الراوي ) هي :
1ـ فـُحـش ِغـَلـَطِهِ:(أي كثرته بأن يكون خطؤه أكثر من صوابه )
2ـ الغفلة:( أي ذهوله عن الحفظ والإتقان ) .
3ـ سـوء حـفـظــهِ:( أي أن غلطه أكثر من صوابه ) .
4ـ المخالفة: (أي مخالفتهِ لمن هو أوثق منه ) .
5ـ التوهم:( بأن يروي على سبيل التوهم ).
والأشياء التي تتعلق بالعدالةِ ( أي عدالة الراوي ) هي:
1ـ الفــسـق:(المراد به ظهوره منه بالفعل والقول ) . (1)
2ـ الكــذب:(بأن يروي عنه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله متعمدا).
3ـ تهمتـه ِبذلـك:( أي تهمة الراوي بالكذب المذكور) .
4ـ البـدعة:(وهي هنا: اعتقاد ما أ ُحدث واختـُرع على خلاف المعروف) .
5ـ الجهالـــة:( بأن لا يُعرف فيه تعديل ولا تجريح معين ) .
ثم قال: (وهو أقساما كثر) بضم الثاء،أي كثر أقساما، فأقساما تمييز قدم على عامله، وهو جائز إذا كان العامل متصرفا كما هنا وإن كان قليلا، قال ابن مالك:
* وعامل التمييز قدم مطلقا *** والفعل ذو التصريف نزرا سبقا *
والمعنى أن الحديث الضعيف قسم تحته أنواع كثيرة، منها ما له لقب خاص كالمضطرب، ومنها ما ليس له لقب خاص به، بل يدخل تحت لقب عام وهو الضعيف، ولكن كثرة هذه التقسيمات لا طائل تحتها، كما قال ابن حجر (رحمه الله): إن ذلك تعب ليس وراءه أرب، والله أعلم.
أما حكم الحديث الضعيف: فهو عدم قبول الإحتجاج به والعمل به في العقائد والأحكام الشرعية، ويجوز العمل به في الفضائل والترغيب والترهيب وذكر المناقب بشروط ثلاثة:
1- أن لا يشتد ضعفه، 2- أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الإحتياط،
3- أن يندرج تحت أصل شرعي معمول به، وإلا فالمسألة فيها خلاف معروف، هذا ما رجح عندي، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ،وءاله وصحبه أجمعين ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد : فهذا هوالدرس الخامس من شرح المنظومة البيقونية ،سنتكلم فيه (إن شاء الله) على القسم الثاني والثالث من اقسام الحديث وهو الحديث الحسن والضعيف، قال الناظم رحمه الله:
والَحسَنُ المعروفُ طُرْقاً وغَدَتْ ... رجَالُهُ لا كالصحيحِ اشتَهَرَتْ
وكلُّ ما عَن رُتَبةِ الُحسنِ قَصُر ... فهَوَ الضَّعيفُ وهوَ أقْساماً كثُرْ
قوله :(والحسن) هذا هو القسم الثاني من أقسم علم مصطلح الحديث، والمراد هنا الحسن لذاته، كما أن الصحيح المتقدم كذلك، والحسن في اللغة: ما استكمل صفات تبعث على الرضى وتدعوا إلى المدح، وفي الإصطلاح عرفه المؤلف بقوله: (المعروف طرقا) تمييز محول عن نائب الفاعل، أي المعروف طرقه،أي رجاله المخرجون له، ولو كان طريقا واحدا، خلافا لما يوهم قوله (طرقا) بالجمع، لأنه لا يشطرط في الحسن لذاته تعدد الطرق، باستثناء الحسن لغيره، ثم قال: (وغدت)أي صارت (رجاله) أي الحديث الحسن، (لا كالصحيح اشتهرت).
والمعنى: أن الحديث الحسن، هو الذي صارت رجاله مشتهرة اشتهارا دون اشتهار رجال الحديث الصحيح في الضبط، فعلم بهذا أن شروط الحديث الحسن هي شروط الحديث الصحيح ما عدا شرط الضبط، فإنه في الحديث الصحيح في المرتبة العليا، أما في الحديث الحسن، فأقل من ذلك.
وأما حكم الحديث الصحيح والحسن، فهو الإجماع على الإحتجاج والعمل به عند المحدثين ومن يعتد به من الأصوليين والفقهاء.
تنبيه : ذكر المؤلف (رحمه الله) هنا، الحديث الصحيح لذاته والحسن لذاته ولم يذكرالحديث الصحيح لغيره والحسن لغيره تسهيلا على المبتدي، والله أعلم .
ولهذا نقول زيادة للفائدة: الصحيح لغيره، هو الحسن لذاته، إذا تعددت طرقه.
والحسن لغيره: هو الضعيف إذا تعددت طرقه، على وجه يجبر بعضها بعضا.
ثم قال: (وكل ما) أي كل حديث (عن رتبة الحسن) وعن رتبة الصحة بالطريق الأولى (قصر) في المصباح: قصُر الشيء بالضم قِصَراً، على وزن عنب، خلاف طال، فهو قصير، وعلى هذا يكون المعنى لم يبلغ رتبة الحسن، وقوله: (فهو الضعيف) أي فهو الحديث الضعيف، وهذا هو القسم الثالث من أقسام مصطلح علم الحديث، ويقال له المردود أيضا.
والضعيف في اللغة: الضَّعف بضم الضاد وفتحها، ضد القوي، واصطلاحا: هو الذي لم تجتمع فيه صفات القبول، السابقة الذكر في شروط الحديث الحسن، فبالأولى الحديث الصحيح، و كان في سندِه أحدُ عـَشرةِ أشياء ، خمسة ٌ تتعلقُ بالضبط ، وخمسة ٌ تتعلقُ بالعدالةِ، فالأشياء التي تتعلق بالضبط ( أي ضبط الراوي ) هي :
1ـ فـُحـش ِغـَلـَطِهِ:(أي كثرته بأن يكون خطؤه أكثر من صوابه )
2ـ الغفلة:( أي ذهوله عن الحفظ والإتقان ) .
3ـ سـوء حـفـظــهِ:( أي أن غلطه أكثر من صوابه ) .
4ـ المخالفة: (أي مخالفتهِ لمن هو أوثق منه ) .
5ـ التوهم:( بأن يروي على سبيل التوهم ).
والأشياء التي تتعلق بالعدالةِ ( أي عدالة الراوي ) هي:
1ـ الفــسـق:(المراد به ظهوره منه بالفعل والقول ) . (1)
2ـ الكــذب:(بأن يروي عنه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله متعمدا).
3ـ تهمتـه ِبذلـك:( أي تهمة الراوي بالكذب المذكور) .
4ـ البـدعة:(وهي هنا: اعتقاد ما أ ُحدث واختـُرع على خلاف المعروف) .
5ـ الجهالـــة:( بأن لا يُعرف فيه تعديل ولا تجريح معين ) .
ثم قال: (وهو أقساما كثر) بضم الثاء،أي كثر أقساما، فأقساما تمييز قدم على عامله، وهو جائز إذا كان العامل متصرفا كما هنا وإن كان قليلا، قال ابن مالك:
* وعامل التمييز قدم مطلقا *** والفعل ذو التصريف نزرا سبقا *
والمعنى أن الحديث الضعيف قسم تحته أنواع كثيرة، منها ما له لقب خاص كالمضطرب، ومنها ما ليس له لقب خاص به، بل يدخل تحت لقب عام وهو الضعيف، ولكن كثرة هذه التقسيمات لا طائل تحتها، كما قال ابن حجر (رحمه الله): إن ذلك تعب ليس وراءه أرب، والله أعلم.
أما حكم الحديث الضعيف: فهو عدم قبول الإحتجاج به والعمل به في العقائد والأحكام الشرعية، ويجوز العمل به في الفضائل والترغيب والترهيب وذكر المناقب بشروط ثلاثة:
1- أن لا يشتد ضعفه، 2- أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الإحتياط،
3- أن يندرج تحت أصل شرعي معمول به، وإلا فالمسألة فيها خلاف معروف، هذا ما رجح عندي، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ،وءاله وصحبه أجمعين ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
مواضيع مماثلة
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الخامس عشر)
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث ( الدرس السادس )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس العاشر )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الحادي عشر)
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الثاني عشر)
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث ( الدرس السادس )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس العاشر )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الحادي عشر)
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الثاني عشر)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى