منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شرح المنظومة (الرسموكية) في علم الفرائض (الدرس الثاني)

اذهب الى الأسفل

شرح المنظومة (الرسموكية) في علم الفرائض (الدرس الثاني) Empty شرح المنظومة (الرسموكية) في علم الفرائض (الدرس الثاني)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد السبت أغسطس 06, 2011 9:35 am

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد :
فهذا هو الدرس الثاني، من دروسنا لشرح المنظومة الرسموكية في علم الميراث والفرائض، وننبه كل طالب يريد الخوض في علم الفرائض؛ على أنه يجب عليه معرفة جزء لابأس به من علم الحساب وقواعده قبل ان يقدم على تعلم هذا العلم، وذلك لكي يتمكن من تقسيم التركات، وتصحيح المسائل واختصارها وغير ذلك، وبهذا أدخل علم الحساب في العلوم الشرعية التي يجب على الطالب تعلمها، والله أعلم

قال الناظم رحمه الله : (بسم الله الرحمن الرحيم )، بدأ المصنف بالبسملة تبركا واقتداءا بكتاب الله وبسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، ثم إن فيها جارا ومجرورا ومضافا وهو الجار والمجرور ومضافا إليه وصفتين ، فالجار والمجرور: متعلق بفعل محذوف مناسب للمقام تقديره أنظم، والمضاف إليه هو لفظ الجلالة :علم على الذات العلية لا يسمى به غيره ،وهو مشتق من الألوهية على الأصح ،وذكر سيبويه عن الخليل أن أصله إله على وزن فعال ،فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة ، وقال الكسائي والفراء :أصله الإله ،حذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية ،وعلى هذا فالصحيح أنه مشتق من أله الرجل : إذا تعبد ،فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة فالتقت اللام التي هي عينها مع اللام التي هي للتعريف ،فأدغمت إحداهما في الأخرى فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة .

والصفتان الرحمن الرحيم : فيهما تسع أوجه في الإعراب، سبع جائزة واثنان ممنوعة ، فالسبع الجائزة : إما كل منهما مخفوض أومرفوع أومنصوب ، أوالأول مخفوض والثاني منصوب أو مرفوع ، أو الأول مرفوع والثاني منصوب أو العكس .

فالخفض في كل منهما :على التبعية والنعت للفظ الجلالة
والرفع : على الخبرية لمبتد إ محذوف تقديره هو- أي الله-
والنصب : على المفعولية لفعل محذوف تقديره أمدح، وكل من المبتدإ في حالة الرفع على الخبرية والفعل في حالة النصب على المفعولية لا يظهر لقول الناظم :

وارفع أوانصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أوناصبا لن يظهرا.

وتقدير المبتدإ بهو والفعل بأمدح لأجل أن يفهم الطالب لا غير.
وخفض الأول ونصب الثاني : على النعتية للفظ الجلالة في الأول، وعلى المفعولية لفعل محذوف في الثاني تقديره أعني .
وخفض الأول ورفع الثاني : على النعتية في الأول ، وعلى الخبرية لمبتد إ محذوف في الثاني تقديره هو.
ورفع الأول ونصب الثاني : على الخبرية لمبتد إ محذوف في الأول تقديره هو وعلى المفعولية لفعل محذوف في الثاني تقديره أعني
ونصب الأول ورفع الثاني :على المفعولية لفعل محذوف في الأول تقديره أعني وعلى الخبرية لمبتد إ محذوف في الثاني تقديره هو .

وأما الوجهان الممنوعان في الإعراب فاثنان :
أحدهما: إذا نصب الرحمن فالخفض ممنوع في الرحيم
الثاني : إذا رفع الرحمن فالخفض ممنوع في الرحيم ولذا قال بعضهم في بيت :
إن ينصب الرحمن أو يرتفعا ... فالخفض في الرحيم قطعا منعا.

وعلل المنع بأمورمنها: الفصل بين النعت والمنعوت بأجنبي ،ومنها: أن العرب كانت إذا صرفت وجهها عن شيء كانت لا ترجع إليه.

والحاصل أن الصور التي تقتضيها القسمة العقلية تسع ، سبع جائزة واثنتان ممنوعتان.

وأما اشتقاقهما: فهما اسمان بنيا للمبالغة، من رحم، كالغضبان من غضب، والعليم من علم، والرحمة في اللغة: رقة القلب، وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان، ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها. وأسماء الله تعالى إنما تؤخذ باعتبار الغايات، التي هي أفعال، دون المبادئ التي هي انفعالات. و (الرحمن) أبلغ من (الرحيم) لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، كقطع وقطع، وذلك إنما يؤخذ تارة باعتبار الكمية، وأخرى باعتباره الكيفية.
فعلى الأول: قيل: يا رحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر، ورحيم الآخرة لأنه يختص بالمؤمن، وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا لأن النعم الأخروية كلها جسام، وأما النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.
وإنما قدم (الرحمن) - والقياس الترقي من الأدنى إلى الأعلى- لتقدم رحمة الدنيا، ولأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره تعالى.
انظر البيضاوي.

ومعنى الرحمن الرحيم، أي: الرحمن بنعمة الإيجاد، الرحيم بنعمة الإمداد. «نعمتان ما خلا موجود عنهما، ولا بد لكل مكون منهما: نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد، أنعم أولا بالإيجاد، وثنى بتوالي الإمداد» . كما في (الحكم العطائية) . فاسمه (الرحمن) يقتضي إيجاد الأشياء وإبرازها، واسمه (الرحيم) يقتضي تربيتها وإمدادها. ولذلك لا يجوز إطلاق اسم (الرحمن) على أحد، ولم يتسم أحد به إذ الإيجاد لا يصح من غيره تعالى، بخلاف اسمه (الرحيم) فيجوز إطلاقه على غيره تعالى لمشاركة صدور الإمداد في الظاهر من بعض المخلوقات مجازا وعارية.

أو: الرحمن في الدنيا والآخرة، والرحيم في الآخرة لأن رحمة الآخرة خاصة بالمؤمنين. أو الرحمن بجلائل النعم والرحيم بدقائقها، فجلائل النعم مثل: نعمة الإسلام والإيمان والإحسان، والمعرفة والهداية، وكشف الحجاب وفتح الباب والدخول مع الأحباب، ودقائق النعم مثل: الصحة والعافية والمال الحلال، وغير ذلك. انتهى الكلام على البسملة .

ثم قال: (وصلى الله) بواو العطف، وهي عاطفة لذلك المضارع المقدر على المضارع الذي تعلق به المجرور السابق عطف إنشاء، لأن حذف القول مع بقاء محكيه كثير في كلام العرب.

والصلاة لغة :الدعاء ، واصطلاحا :فإن كانت من الله ، فهي ثناء الله عليه في الملإ الأعلى ،قاله أبوالعالية ،ومن غيرالله عز وجل كالملائكة والجن والإنس طلب الثناء عليه من الله أوالإستغفار، وحكمها: فرض مرة في العمر، وقيل: كلما ذكر - عليه الصلاة والسلام – وجبت، والله أعلم.
ثم قال: (على سيدنا) من السيادة، وأصلها سيود، فاجتمعت الواو والياء،وسبقت إحداهما بالسكون،فقلبت الواو ياء فصارت سييد، فأدغمت الياء في الياء فصارت: (سيد) والسيادة والسؤدد في اللغة : الشرف، ويطلق السيد: على الرب، والمالك، والشريف، والفاضل، والكريم، والحليم، والرئيس، والزوج، ومتحمل أذى قومه، وأخبرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم) بنفسه (أنه سيد ولد آدم) وقال:(قوموا إلى سيدكم) وقال : (السيد الله) قال الخطابي:قوله (صلى الله عليه وسلم):(السيد الله) يريد أن السؤدد حقيقة لله عز وجل وأن الخلق كلهم عبيد له .

قلت: هذا لا ينافي السيادة الإضافية المخصوصة بالأفراد الإنسانية، وقد تقدمت الأحاديث التي تبين جواز إطلاقها على أشخاص مخصوصين، فسيادة الله تبارك وتعالى سيادة حقيقية مطلقة، وليست كسيادة المخلوقين الضعفاء، ولأن حقيقة السيد هي: المالك للشيء، كما أن الله عز وجل مالك الخلق، والمخلوق لايملك شيئا .

ثم قال: (محمد) اسم من أسماء نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهو مشتق من الحمد أو من اسمه تعالى المحمود ولهذا كان أبو طالب يقول كما روى عنه البخاري في تاريخه :

وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد

قال ابن القيم : وهو علم وصفة واجتمعا في حقه ( صلى الله عليه وسلم ) وإن كان علما محضا في حق من تسمى به غيره اهـ .
وهو منقول من اسم مفعول حُمِّد بصيغة المبني للمفعول بتشديد الميم ،سماه بهذا الإسم جده عبد المطلب بإلهام من الله ، رجاء أن يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله المحمودة .

ثم قال: (وعلى آله) اختلف في أصل الآل، فقال سيبويه: أصله (أهل) بدليل تصغيره على أهيل، ثم أبدلوا هاء (أهل) همزة فصارت (أأل)، فاجتمعت همزتان ثانيتهما ساكنة، فقلبت ألفا من جنس حركة ما قبلها فصارت (آل) كما قالوا في الإسم آدم وآخر، وفي الفعل آمن وآزر، قال ابن مالك:

ومدا أبدل ثاني الهمزين من ... كلمة إن يسكن كآثر وائتمن

وقال الكسائي : أصله ( أوَل) بفتح الواو، بدليل تصغيره على أويل من الأول، فتحركت الواو تحركا أصليا، فانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا فصارت (آل)، قال ابن مالك في الخلاصة:

من واو أو ياء بتحريك أصل ... ألفا أبدل بعد فتح متصل

وقد نص صاحب القاموس،على أن تصغير أهل هو،(أويل،وأهيل) فدل هذا على صحة كل من القولين، وبه تعلم بطلان الوجوه التي رد بها مذهب سيبويه.

وآل اسم جمع لا واحد له، ولا يضاف إلا إلى العاقل الشريف، فلا يضاف إلى غير العاقل أصلا، ومن النادر أن يضاف لغير العاقل إلحاقا له بالعاقل، كقول الشاعر:

من الجرد من آل الوجيه ولاحق ... تذكرنا أوتارنا حين تصهل

ومنه قول عبد المطلب :

وانصر على آل الصليـ ... ـب وعابديـه اليوم آلك

وانما هذا لتنزيلهم له منزلة العاقل حيث عبدوه .
ولا يضاف إلا إلى شريف، وقد يعترض على ذلك بقول الله تعالى: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) ويجاب عن ذلك، بأن هذا تهكم أو لشرفه فيهم، فلا يقال آل الفرس، ولا آل الحجام، ولا آل الإسكاف، وغير ذلك.
وآل الرجل خاصته، وآل النبي (صلى الله عليه وسلم)،فيهم تفصيل على ما هو الحق، ففي باب الزكاة، من تحرم عليهم وهم أقاربه المؤمنون من بني هاشم ومواليهم إجماعا، وبني المطلب على الراجح من خلاف الفقهاء،كما ذهب إليه الشافعي، والمشهور من مذهب مالك عدم دخول بني المطلب في آله (صلى الله عليه وسلم) كما ذهب إليه بعض الحنابلة، وخصت الحنفية فرقا خمسا أشار لهم من قال :

علي وعباس عقيل وجعفر ... وحمزة هم آل النبي بلا نكر

تنبيه :كل فرقة من هذه الفرق يطلق عليها الأشراف، والواحد شريف، هذا هو مصطلح السلف كالذهبي وغيره، وما تعارف الناس عليه خصوصا في مصر، من تخصيص الحسن والحسين بذلك، إنما حدث من عهد الفاطميين، قاله السيوطي في (العجالة الزرنبية).

وفي باب الدعاء، هم كل مؤمن ولو عاصيا، وفي باب المدح، كل مؤمن تقي،لحديث (آل محمد كل تقي).

ثم قال : (وصحبه) اسم جمع لا واحد له من لفظه،هذا قول سيبويه، وقال الأخفش: جمع صاحب كراكب وركب، والتحقيق الأول كما أفاده الأشموني في الألفية، وهو في اللغة المرافق، والمراد هنا صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، جمع صحابي وهو: من لقي النبي (صلى الله عليه وسلم) مؤمنا به، ومات على الإسلام، ولو تخللت ذلك ردة على الأصح .

ثم قال: (وسلم)أي أمن،والتسليم في اللغة، الرضا والسلامة، وفي حقه (صلى الله عليه وسلم) زيادة تأمين،وطيب تحية وإعظام،ثم قال: (تسليما تاما) تأكيد لما سبق.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، و على آله وصحبه وسلم.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 43
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى