سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس السابع عشر)
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس السابع عشر)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، أفضل الأنبياء والمرسلين، وعلى ءاله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الخبير.أما بعد:
في الدرس الماضي شرحنا بمعونة الله الحديث المدبج، وفي هذا الدرس قمنا بفضل الله وحسن توفيقه بشرح الحديث المتفق المفترق، والحديث المؤتلف المختلف، قال الناظم (رحمه الله):
مُتَّفِقٌ لَفْظًا وَخَطًا مُتَّفِـــقْ ... وَضِدُّهُ فِيْمَا ذَكَرْنَا الْمُفْتَـرِقْ
مُؤْتَلِفٌ مُتَّفِقُ الْخَطِّ فَقَـــطْ ... وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ فَاخْشَ الْغَلَطْ
قوله: (متفق) أي متحد (لفظا) أي نطقا (وخطا) أي كتابة يسمى (متفق) في الإصطلاح (وضده) أي المتفق (فيما ذكرنا) أي من الإتفاق في اللفظ والخط يسمى (المفترق) في الإصطلاح، لافتراق الأسماء بافتراق المسميات، وعبارة الناظم توهم أنهما قسمان، لكن الذي عليه العلماء أنهما قسم واحد، فقولهم: المتفق يعني: في النطق والخط، وقولهم: المفترق يعني: في ذواتهم وأشخاصهم، وإن اتفقت أسماءهم في اللفظ والخط.
أهميته:
إن معرفة هذا النوع من الحديث مهم جدا ، فقد زلق بسبب الجهل به غير واحد من أكابر العلماء.
فائدته:
- عدم ظن المشتركين في الإسم واحدا ، مع أنهم جماعة . وهو عكس " المهمل " الذي يخشى منه أن يظن الواحد اثنين
- التمييز بين المشتركين في الإسم، فربما يكون أحدهما ثقة والآخر ضعيفا، فيضعف ما هو صحيح أو بالعكس.
- متى يحسن إيراده ؟
يحسن إيراد المثال فيما إذا اشترك الراويان أو الرواة في الإسم ، وكانوا في عصر واحد ، واشتركوا في بعض الشيوخ أو الرواة عنهم ، أما إذا كانوا في عصور متباعدة فلا إشكال في أسمائهم .
وهو عشرة أقسام:
الأول: من اتفقت أسماؤهم ، وأسماء آبائهم ، مثاله : الخليل بن أحمد ، ستة رجال.
الثاني: أن تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم ، نحو : أحمد بن جعفر بن حمدان ، أربعة رجال.
الثالث: أن تتفق الكنية والنسبة معا ، نحو أبي عمران الجوني ، رجلان .
الرابع: أن يتفق الاسم واسم الأب والنسبة ، نحو محمد بن عبد الله الأنصاري ، رجلان متقاربان في الطبقة .
الخامس: أن تتفق كناهم ، وأسماء أبائهم ، نحو أبي بكر بن عياش ، ثلاثة رجال.
السادس: أن تتفق أسماؤهم ، وكنى آبائهم ، [عكس ما قبله]، نحو صالح بن أبي صالح ، أربعة رجال.
السابع: أن يتفق الاسم فقط ، ويقع في السند ذكر الاسم فقط ، مهملا من غير ذكر أبيه أو نسبة تميزه ، ونحو ذلك . وكذلك : أن تتفق الكنية فقط ، ويذكر بها في الإسناد من غير تمييز بغيرها
مثال ذلك في الإسم: إذا أطلق عبد الله في السند، فإذا قيل بمكة : عبد الله ، فهو ابن الزبير ، وإذا قيل بالكوفة ، فهو ابن مسعود ، وإذا قيل بالبصرة ، فهو ابن عباس ، وإذا قيل بخراسان ، فهو ابن المبارك . وقال الخليلي في " الإرشاد " : " إذا قال المصري: عبد الله ، فهو ابن عمرو - يعني : ابن العاص - وإذا قاله المكي ، فهو ابن عباس - قلت : لكن قال النضر بن شميل: إذا قال الشامي: عبد الله ، فهو ابن عمرو بن العاص - قال : وإذا قال المدني: عبد الله ، فهو ابن عمر " . قال الخطيب: وهذا القول صحيح ، قال: وكذلك يفعل بعض المصريين في عبد الله بن عمرو بن العاص .
ومثل ابن الصلاح لاتفاق الكنية: بأبي حمزة -بالحاء والزاي- عن ابن عباس إذا أطلق ، قال : وذكر بعض الحفاظ أن شعبة روى عن سبعة كلهم أبو حمزة ، عن ابن عباس ، وكلهم بالحاء والزاي إلا واحدا ، فإنه بالجيم - أي: والراء - وهو أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي . فإذا أطلق ، فهو نصر بن عمران ، وإذا روي عن غيره ، فهو يذكر اسمه ، أو نسبه " ، والله أعلم . الثامن: أن يتفقا في النسب من حيث اللفظ ، ويفترقا من حيث أن ما نسب إليه أحدهما ، غير ما نسب إليه الآخر، كالحنفي نسبة إلى قبيلة، والحنفي نسبة إلى مذهب أبي حنيفة.
التاسع: أن يتفقا في الإسم ويفترقا في الجنس، بأن كان أحدهما رجلا والآخر امرأة، كأسماء بنت عميس[اسم امرأة]، وأسماء بن حارثة [اسم رجل].
العاشر: أن يتفقا في الإسم واسم الأب ويفترقا في الجنس، كهند بنت المهلب [اسم امرأة]، وهند بن المهلب [اسم رجل]، وهكذا.
ثم قال: (مؤتلف) لغة : اسم فاعل من " الإئتلاف " بمعنى " الاجتماع والتلاقي " وهو ضد النفرة، واصطلاحا عند المحدثين عرفه المؤلف بقوله: (متفق الخط فقط) في الأسماء والألقاب والأنساب ونحوها دون اللفظ، وبهذا القيد يخرج الحديث المتفق الذي تقدم، لأنه متفق خطاً ولفظا، وأما هذا فإنه متفق في الخط فقط دون اللفظ، ولهذا قال: (وضده) أي مثله كما في القاموس، وقد تقدم أن مثل هذه العبارة توهم أنهما قسمان، وليس كذالك بل هما قسم واحد، وقوله (مختلف) لغة: اسم فاعل من " الاختلاف " ضد الاتفاق، أي مختلف نطقا وعينا أي ذاتا، فالأشخاص في هذا متعددة أيضا، إنما الكلام يكون في الأسماء فقط من حيث الكتابة والنطق بها، فهي في المتفق المفترق متفقة في الخط واللفظ، وفي المؤتلف المختلف متفقة في الخط ومختلفة في اللفظ، (فاخش) هذا تنبيه وتحذير لطالب الحديث من التصحيف والوهم في الأسماء ونحوها (الغلط) الخطأ، أي في هذا النوع .
أهميته: معرفة هذا النوع من مهمات علم الرجال ، حتى قال علي بن المديني " أشد التصحيف ما يقع في الأسماء، لأنه لا يدخله القياس، ولا قبله ولا بعده شيء يدل عليه.
فائدته: تكمن في تجنب الخطأ وعدم الوقوع فيه، وهو قسمان:
أحدهما: ما ليس له ضابط يرجع إليه ، وإنما يعرف بالنقل والحفظ ، وهو الأكثر، كأسيد بالتكبير، وأسيد بالتصغير، وحميد بالتكبير، وحميد بالتصغير، ونحوها.
ثانيها: ما ينضبط لقلته في أحد طرفيه، وهو نوعان:
أحدهما: على العموم من غير تقييد بتصنيف ، ويضبط بأن يقال : ليس لهم فلان إلا كذا والباقون كذا .
مثاله: سلَام بتخفيف اللام، وسلّام بتشديدها، فجميعه بالتشديد إلا خمسة بالتخفيف معروفون عند أهل الحديث.
ثانيها: ما كان مخصصا بما في " الموطأ " و" الصحيحين" البخاري ومسلم.
مثاله: محمد بن خازم بالخاء المعجمة ، وهو: أبو معاوية الضرير، فليس في الصحيحين والموطأ إلا واحد، وأما ما عداه فكثير، ولكن بالحاء المهملة.اهـ
ويوجد نوع لم يذكره المؤلف يشبه هذين النوعين، أي [المتفق المفترق] و[المؤتلف المختلف] ويسمى: " المتشابه " وهو مركب منهما.
تعريفه: لغة: اسم فاعل من " التشابه" بمعنى " التماثل" ويراد بالمتشابه هنا " الملتبس" ومنه " المتشابه" من القرآن أي الذي يلتبس معناه.
واصطلاحاً: أن يتفق الاسمان في اللفظ والخط ، ويفترقا في الشخص ، ويأتلف أسماء أبويهما في الخط ، ويختلفا في اللفظ ، أو على العكس ، بأن يأتلف الاسمان خطا ، ويختلفا لفظا ، ويتفق أسماء أبويهما لفظا ، أو نحو ذلك ، بأن يتفق الاسمان والكنيتان لفظا ، وتختلف نسبتهما نطقا ، أو تتفق النسبة لفظا ، ويختلف الاسمان أو الكنيتان لفظا ، وما أشبه ذلك .
بعض أمثلته:
أ) "محمد بن عُقيل" بضم العين و" محمد بن عَقيل" بفتح العين،اتفقت أسماء الرواة،واختلفت أسماء الأبناء.
ب) " شريح بن النعمان" و " سريح بن النعمان" اختلفت أسماء الرواة،واتفقت أسماء الآباء.
أنواع أخرى من المتشابه:
هناك أنواع أخرى من المتشابه من أهمها:
أ) أن يحصل الاتفاق في الاسم واسم الأب إلا في حرف أو حرفين مثل.
" محمد بن حُنَين" و " محمد بن جُبَيْر".
ب) أو يحصل الاتفاق في الاسم واسم الأب خطاً ولفظاً،لكن يحصل الاختلاف في التقديم والتأخير.
1- إما في الاسمين جملة مثل : " الأسود بن يزيد" و " يزيد بن الأسود"
2- أو في بعض الحروف مثل:" أيوب بن يسار" و " أيوب بن سيار". فائدته: تكمن فائدته في ضبط أسماء الرواة، وعدم الالتباس في النطق بها،وعدم الوقوع في التصحيف والوهم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه الأمجاد، والحمد لله الذي هدى من شاء من عباده إلى سلوك صراطه المستقيم، واتباع شرعه القويم، والبعد عن أسباب سخطه العظيم.
مواضيع مماثلة
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث ( الدرس السابع )
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث (الدرس الثاني )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الرابع عشر)
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث (الدرس الثالث )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الخامس عشر)
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث (الدرس الثاني )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الرابع عشر)
» سلسلة شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث (الدرس الثالث )
» سلسلة شرح (المنظومة البيقونية) في مصطلح الحديث ( الدرس الخامس عشر)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى