سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الثالث)
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الثالث)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى ءاله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الخبير.
أما بعد: فهذا هو الدرس الثالث من شرح نظم السلم المنورق في علم المنطق، ويشتمل هذا الدرس على شرح تتمة مقدمة الناظم (رحمه الله) وبالله التوفيق.
قال الناظم (رحمه الله):
وبعد فالمنطق للجنــــان == نسبته كالنحو للــــسـان
فيعصم الأفكار عن غيّ الخطا == وعن دقيق الفهم يكشف الغطا
فهاك من أصوله قواعــــداً == تجمع من فنونه فوائـــدا
(وبعد) كلمة يؤتى بها للإنتقال من أسلوب إلى أسلوب الآخر، والتقدير: مهما يكن من شيء فأقول: بعد البسملة وما بعدها، (فالمنطق) أي العلم المخصوص الآتي بيانه، والمنطق في الأصل مصدر ميمي مَفْعِل يطلق بالاشتراك على ثلاثة أمور:
الأول: الإدراكات الكلية، يعني: الكثيرة. الإدراكات الكلية.
الثاني: القوة العاقلة التي هي محل صدور تلك الإدراكات.
الثالث: النطق الذي هو التلفظ، وكلها مرادة هنا
وتسمية هذا العلم بالمنطق، من باب تسمية الشيء باسم ما يتعلق به، ثم صار حقيقة عرفية في هذا العلم المخصوص، وقد تقدم تعريفه في المقدمة لغة واصطلاحا.
ثم قال: (للجنان) الجَنان يطلق على القلب، والمراد به هنا القوى الفكريّة، (نسبته) يعني: فائدته. والضمير في نسبته يعود إلى المنطق، (كالنحو للسان) وذلك أن كلا منهما يعصم ما تعلق به عن الخطإ فيه.
ثم قال: (فَيَعْصِمُ) أي: يحفظ، والفاء هذه للتفريع، مفرعة على التشبيه المذكور لأنه شبه المنطق بالنحو (الأَفْكَارَ) جمع فكر، والمراد به الأنظار كما سبق (عَنْ غَيِّ الخَطَا)، الغي مضاف، والخطأ مضاف إليه، والغي: الضلال، ضد الهدى، لكنه عام سواء كان عن عمد، أو عن سهو، والخطأ ضد الصواب، وهو يكون عن سهو، حينئذٍ يكون من إضافة العام إلى الخاص، فهو إذًا يعصم الأفكار عن الوقوع في الخطأ والضلال، (وَعَنْ دَقِيقِ الفَهْمِ) الفهم هنا، مصدر بمعنى اسم المفعول أي: المفهوم. وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني: عن المفهوم الدقيق (يَكْشِفُ الغِطَا) -بكسر الغين-: الستر، والمعنى أنّ من تمكّن من هذا الفنّ صار النظريّ من المعاني المستورة ضرورياً مكشوفاً واضحاً له، وهذا أمر مشاهد لا يحتاج لبيان.
ثم قال: (فهاك) الفاء هنا للفصيحة، و(ها) اسم فعل أمر بمعنى خذ، والكاف حرف خطاب، (من) تبعيضية (أصوله) جمع أصل، والضمير فيه عائد على المنطق، (قواعدا) الألف هنا للإطلاق، وليست بدلا عن التنوين، لأن قواعد ممنوع من الصرف،
والمعنى: خذ أيها الطالب، قواعد علم المنطق حال كونها هي بعض أصوله. أي قواعده. إذ القاعدة والأصل، بمعنى واحد، وهو: أمر كليّ ينطبق على جميع جزئياته. كقول النحاة: الفاعل مرفوع، وقول المناطقة الموجبة الكليّة عكسها موجبة جزئية. و(الفنون): جمع فن أي الفرع. والفوائد جمع فائدة وهي في الأصل: ما استفيد من علم أو مال، مشتقة من الفيد، أي استحداث المال والخير، وقيل هي اسم فاعل من فئدته، أي أصبت فؤاده، قال الخفاجي:
من الفؤاد اشتقت الفائدة == والنفس يا صاح بذا شاهدة
لذا ترى أفئدة الناس قد == مالت لمن في قربه فائـدة
والمعنى أن هذه القواعد تجمع فروعاً، والفروع تشتمل على فوائد.
ثم قال:
سمّيته بالسلّم المنـــورق == يرقى به سماء علم المنطق
والله أرجو أن يكون خالصا == لوجهه الكريم ليس قالصا
وأن يكون نافعاً للمبتــدي == به إلى المطولات يهتدي
(سميته) الضمير المتصل بسميته يعود على المؤلف المفهوم من السياق، وسمّى يتعدى لمفعولين للأول بنفسه، وللثاني بنفسه أو بالباء، كما هنا، (بالسلم) وهو ما يصعد به عادة إلى أعلى منه، وقيل ما له درج يتوصل به من سُفل إلى علوّ. واستعماله في المعاني مجاز، (المنورق) بتقديم النون على الراء، المزين والمزخرف، وفي بعض النسخ بتقديم الراء على النون، والأول أولى، (يُرْقَى) أي يصعد (بِهِ) أي بهذا التأليف (سَمَاءُ عِلْمِ المَنْطِقِ) أي علم المنطق الذي هو كالسماء في الرفعة والشرف، فالإضافة من إضافة المشبه به الذي هو السماء، للمشبه الذي هو المنطق، ويصح أن تكون السماء مستعارة للكتب المطولة من هذا العلم، أي يتوصل بهذا التأليف إلى ما هو أطول منه من الكتب المؤلفة في ذلك الفن، (وَاللهَ) اسم الجلالة، منصوب على التعظيم، أي لا غيره، كما استفيد من تقديم المعمول، (أَرْجُو) أيْ أؤمل منه لا من غيره (أنْ يَكُونَ) ذلك التأليف، (خَالِصَا) من الرياء وحب الشهرة والمحمدة (لِوَجْهِهِ) أي ذاته (الكَرِيمِ) أي المعطي على الدوام (لَيْسَ) ذلك التأليف (قَالِصَا)، أي ناقصًا بأن لا يعوق عن إكماله عائق، وليس ناقصًا من الثواب والأجر لحب الظهور، فيكون تأكيدًا لما قبله، أو ليس ناقصًا مطروحًا في زوايا الخمول والإهمال، بأن لا ينتفع به كما يشعر به ما بعده، والقالص في الأصل اسم لإحدى شفتي البعير الناقصة عن الأخرى، ثم تجوّز به إلى الناقص مطلقًا من استعمال المقيد في المطلق (وَأَنْ يَكُونَ) ذلك التأليف (نَافِعًا لِلْمُبْتَدِي) الذي أخذ في التعليم ولم يقدر على تصور المسائل، وهذا من التواضع لأنه نافع للمبتدئ ولغيره من المتوسط والمنتهي، ثم بَيَّن ثمرة نفعه للمبتدي بقوله: (بِهِ إِلَى المُطَوَّلاَتِ). من الكتب (يَهْتَدِي) أي يتوصل.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليما، والحمد لله حمدا كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى ءاله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الخبير.
أما بعد: فهذا هو الدرس الثالث من شرح نظم السلم المنورق في علم المنطق، ويشتمل هذا الدرس على شرح تتمة مقدمة الناظم (رحمه الله) وبالله التوفيق.
قال الناظم (رحمه الله):
وبعد فالمنطق للجنــــان == نسبته كالنحو للــــسـان
فيعصم الأفكار عن غيّ الخطا == وعن دقيق الفهم يكشف الغطا
فهاك من أصوله قواعــــداً == تجمع من فنونه فوائـــدا
(وبعد) كلمة يؤتى بها للإنتقال من أسلوب إلى أسلوب الآخر، والتقدير: مهما يكن من شيء فأقول: بعد البسملة وما بعدها، (فالمنطق) أي العلم المخصوص الآتي بيانه، والمنطق في الأصل مصدر ميمي مَفْعِل يطلق بالاشتراك على ثلاثة أمور:
الأول: الإدراكات الكلية، يعني: الكثيرة. الإدراكات الكلية.
الثاني: القوة العاقلة التي هي محل صدور تلك الإدراكات.
الثالث: النطق الذي هو التلفظ، وكلها مرادة هنا
وتسمية هذا العلم بالمنطق، من باب تسمية الشيء باسم ما يتعلق به، ثم صار حقيقة عرفية في هذا العلم المخصوص، وقد تقدم تعريفه في المقدمة لغة واصطلاحا.
ثم قال: (للجنان) الجَنان يطلق على القلب، والمراد به هنا القوى الفكريّة، (نسبته) يعني: فائدته. والضمير في نسبته يعود إلى المنطق، (كالنحو للسان) وذلك أن كلا منهما يعصم ما تعلق به عن الخطإ فيه.
ثم قال: (فَيَعْصِمُ) أي: يحفظ، والفاء هذه للتفريع، مفرعة على التشبيه المذكور لأنه شبه المنطق بالنحو (الأَفْكَارَ) جمع فكر، والمراد به الأنظار كما سبق (عَنْ غَيِّ الخَطَا)، الغي مضاف، والخطأ مضاف إليه، والغي: الضلال، ضد الهدى، لكنه عام سواء كان عن عمد، أو عن سهو، والخطأ ضد الصواب، وهو يكون عن سهو، حينئذٍ يكون من إضافة العام إلى الخاص، فهو إذًا يعصم الأفكار عن الوقوع في الخطأ والضلال، (وَعَنْ دَقِيقِ الفَهْمِ) الفهم هنا، مصدر بمعنى اسم المفعول أي: المفهوم. وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني: عن المفهوم الدقيق (يَكْشِفُ الغِطَا) -بكسر الغين-: الستر، والمعنى أنّ من تمكّن من هذا الفنّ صار النظريّ من المعاني المستورة ضرورياً مكشوفاً واضحاً له، وهذا أمر مشاهد لا يحتاج لبيان.
ثم قال: (فهاك) الفاء هنا للفصيحة، و(ها) اسم فعل أمر بمعنى خذ، والكاف حرف خطاب، (من) تبعيضية (أصوله) جمع أصل، والضمير فيه عائد على المنطق، (قواعدا) الألف هنا للإطلاق، وليست بدلا عن التنوين، لأن قواعد ممنوع من الصرف،
والمعنى: خذ أيها الطالب، قواعد علم المنطق حال كونها هي بعض أصوله. أي قواعده. إذ القاعدة والأصل، بمعنى واحد، وهو: أمر كليّ ينطبق على جميع جزئياته. كقول النحاة: الفاعل مرفوع، وقول المناطقة الموجبة الكليّة عكسها موجبة جزئية. و(الفنون): جمع فن أي الفرع. والفوائد جمع فائدة وهي في الأصل: ما استفيد من علم أو مال، مشتقة من الفيد، أي استحداث المال والخير، وقيل هي اسم فاعل من فئدته، أي أصبت فؤاده، قال الخفاجي:
من الفؤاد اشتقت الفائدة == والنفس يا صاح بذا شاهدة
لذا ترى أفئدة الناس قد == مالت لمن في قربه فائـدة
والمعنى أن هذه القواعد تجمع فروعاً، والفروع تشتمل على فوائد.
ثم قال:
سمّيته بالسلّم المنـــورق == يرقى به سماء علم المنطق
والله أرجو أن يكون خالصا == لوجهه الكريم ليس قالصا
وأن يكون نافعاً للمبتــدي == به إلى المطولات يهتدي
(سميته) الضمير المتصل بسميته يعود على المؤلف المفهوم من السياق، وسمّى يتعدى لمفعولين للأول بنفسه، وللثاني بنفسه أو بالباء، كما هنا، (بالسلم) وهو ما يصعد به عادة إلى أعلى منه، وقيل ما له درج يتوصل به من سُفل إلى علوّ. واستعماله في المعاني مجاز، (المنورق) بتقديم النون على الراء، المزين والمزخرف، وفي بعض النسخ بتقديم الراء على النون، والأول أولى، (يُرْقَى) أي يصعد (بِهِ) أي بهذا التأليف (سَمَاءُ عِلْمِ المَنْطِقِ) أي علم المنطق الذي هو كالسماء في الرفعة والشرف، فالإضافة من إضافة المشبه به الذي هو السماء، للمشبه الذي هو المنطق، ويصح أن تكون السماء مستعارة للكتب المطولة من هذا العلم، أي يتوصل بهذا التأليف إلى ما هو أطول منه من الكتب المؤلفة في ذلك الفن، (وَاللهَ) اسم الجلالة، منصوب على التعظيم، أي لا غيره، كما استفيد من تقديم المعمول، (أَرْجُو) أيْ أؤمل منه لا من غيره (أنْ يَكُونَ) ذلك التأليف، (خَالِصَا) من الرياء وحب الشهرة والمحمدة (لِوَجْهِهِ) أي ذاته (الكَرِيمِ) أي المعطي على الدوام (لَيْسَ) ذلك التأليف (قَالِصَا)، أي ناقصًا بأن لا يعوق عن إكماله عائق، وليس ناقصًا من الثواب والأجر لحب الظهور، فيكون تأكيدًا لما قبله، أو ليس ناقصًا مطروحًا في زوايا الخمول والإهمال، بأن لا ينتفع به كما يشعر به ما بعده، والقالص في الأصل اسم لإحدى شفتي البعير الناقصة عن الأخرى، ثم تجوّز به إلى الناقص مطلقًا من استعمال المقيد في المطلق (وَأَنْ يَكُونَ) ذلك التأليف (نَافِعًا لِلْمُبْتَدِي) الذي أخذ في التعليم ولم يقدر على تصور المسائل، وهذا من التواضع لأنه نافع للمبتدئ ولغيره من المتوسط والمنتهي، ثم بَيَّن ثمرة نفعه للمبتدي بقوله: (بِهِ إِلَى المُطَوَّلاَتِ). من الكتب (يَهْتَدِي) أي يتوصل.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليما، والحمد لله حمدا كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
مواضيع مماثلة
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الثاني)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الخامس)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس السادس)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الرابع)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الأول)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الخامس)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس السادس)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الرابع)
» سلسلة شرح منظومة (السلم المنورق) في علم المنطق (الدرس الأول)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى