التصوف في بلاد سوس
صفحة 1 من اصل 1
التصوف في بلاد سوس
بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
الـحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن و الـصـلاة و الـسـلام عـلـى أشـرف الأنـبـيـاء و الـمـرسـلـيـن، ســـيـدنـا و مـولانـا وحـبـيـبـنـا و قـرة أعـيـنـنـا مـحـمـد و عـلـى آلــه و صـحـبـه أجـمـعـيـن، و مـن تـبـعـهـم بـإحـســان إلـى يـوم الـديـن وبعد ...
الـحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن و الـصـلاة و الـسـلام عـلـى أشـرف الأنـبـيـاء و الـمـرسـلـيـن، ســـيـدنـا و مـولانـا وحـبـيـبـنـا و قـرة أعـيـنـنـا مـحـمـد و عـلـى آلــه و صـحـبـه أجـمـعـيـن، و مـن تـبـعـهـم بـإحـســان إلـى يـوم الـديـن وبعد ...
يقال : "إذا كانت بلاد المشرق هي بلاد الرسل والأنبياء، فإن بلاد المغرب هي أرض الصالحين والأولياء".
وقد تحدث الاستاذ العلامة المختار السوسي في ترجمة والده في الجزء الاول من المعسول عن هذا الموضوع فقال:
كان المعروف من الطرق الصوفية في سوس؛ الطريقة الناصرية وحدها، ولا ريب أن هذه الطريقة أسست على السنة في كل مظاهرها لا أمت فيها ولا عوج، ولا يجد فيها أي قائل ما يقول، وماذا يقال في طريقة هادئة ناصحة مرشدة معلمة ؟ لا يعرف منها الا أذكار انفراد يذكرها من تلقنها، ثم لا إغراق فيها في إجلال المشايخ الا لماما، وقد يجتمع أصحابها في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم ما عرفت سوس هذه الطريقة الا بواسطة العلماء الذين تخرجوا من تامكروت، فرجعوا يؤسسون المدارس إذا كانوا علماء او بواسطة فقراء اميين آبوا فيعلمون الدين الصحيح في الاسواق وفي المواسم وفي المجتمعات وهم كلهم معروفون بالاهتداء ونصح العباد والاخلاص فيما هم فيه، ولهذا صارت سوس كلها قاطبة بلا استثناء ناصرية، يأتي أولاد الشيخ الناصري فيلقنونهم قبيلة قبيلة باجلال عظيم، واهتبال كبير، فينفعون في اصلاح ذات البين وفي فتح العيون العمي والآذان الصم والقلوب الغلف، حتى ألف الناس هذه الطريقة ونشأ فيها جيل بعد جيل من أوائل القرن الثاني عشر الى أن كاد يختتم القرن الثالث عشر، ومعلوم أن الشيخ محمد بن ناصر كانت ولادته باغيلان بدرعة في رمضان عام 1011 هـ ووفاته غروب يوم الثلاثاء 16 صفر عام 1085 هـ بتامكروت حيث مدفنه ومثواه الاخير – رحمه الله – (وعمره 75 سنة).
وعن التيجانية يقول:
ثم فيما بعد عام 1260 هـ اتصل بعض الفقهاء السوسيين بالشيخ الاديب الكبير [ أكْنْسُوسْ ] بمراكش فتلقنوا منه الطريقة التيجانية، كسيدي الحسن بن الطيفور الساموكني نزيل تزنيت المتوفى نحو عام 1274 هـ وسيدي عبد الله بن محمد بن احمد الادوزي نزيل العوينة المتوفى نحو عام 1282 هـ وسيدي سعيد الدراركي نزيل كسيمة المتوفى نحو عام 1286 هـ وسيدي احمد بن محمد من آل حساين الطاطائي المتوفى في نيف وتسعين من القرن الثالث عشر، وسيدي الحاج الحسين الافراني نزيل تزنيت المتوفى عام 1328 هـ وسيدي الزبير البعمراني المتوفى نحو عام 1350 هـ الآخذ عن السائح الرباطي، وبهؤلاء الاساطين الكبار ابتدأت الطريقة التيجانية بسوس، ولكنها في مبتدإ أمرها لم تنشر الا عند أفراد قليلين جدا، وقد كان أهلها الاولون يعتزون بها ولا يعرضونها عرضا، كما كان الدرقاويون يفعلون . وقد كانت وفاة الشيخ التيجاني – رحمه الله – سنة 1232 هـ .
وفي الوقت الذي دبت فيه التيجانية الى سوس دبت ايضا الطريقة الدرقاوية، فكما كان لاكنسوس المراكشي يدفي نشر الاولى؛ كان لشيخ آخر مراكشي يد في نشر الاخرى، وهو الشيخ سيدي احمد بن عبد الله من أصحاب الشيخ مولاي العربي الدرقاوي المتوفى سنة 1239 هـ ورد عليه من سوس أولا الحاج مبارك الهواري الكلوشي، وبُتْكْلاي الذي اسمه الحقيقي هو: الحاج محمد البلفاعي، ثم اصطحب بعد حين سيدي سعيد بن همو المعدري الثاني منهما الى ان كان السوسيون الذين يترددون الى الشيخ بمراكش سبعة، لم يظهر منهم الا الشيخان: سيدي الحاج مبارك العالم الجليل الذي له مؤلفات رأينا بعضها، وقد خلفه بعد موته سيدي عبد القادر البعاريري، وقد كان للزاوية المباركية اتباع لم يكثروا، ولكن الشيخ سيدي سعيد بن همو المعدري الامي طفحت ساحته بكثيرين، فيهم علماء خناذيذ كالعلامة سيدي محمد بن ابراهيم التامنارتي والد شيخ العصر سيدي الطاهر بن محمد الافراني الشهير، وكالعلامة الاديب سيدي الحبيب البوسليماني الجراري وجنيد زمانه سيدي الحاج الحسن التاموديزتي، والعلامة المدرس سيدي محمد بن المحفوظ الادوزي، وكثيرين يصلون نحو اربعين عالما كلهم تتلمذوا لهذا الشيخ الامي، وبالشيخ الامي سيدي سعيد بن همو هذا ظهرت الطريقة الدرقاوية باحوالها الخاصة التي لم تولف في الناصرية، كملازمة المرقعة عند المتجردين فقط، وخرق العادة في الاسواق، متى اريد ازالة الكبر ممن فيه الكبر، وبالمجاهدات الدائمة، وبحلق الاذكار بالمداولة بين الاشعار وبين الهيللة على نغمة خاصة، وبما يقومون فيه حلقة واحدة مستديرة وهو المسمى عندهم ذكر العمارة وبالجهر بالاذكار في الطرقات وفي الاسواق، بهذه الاخلاق ظهرت هذه الطريقة فقامت الناصرية واهلها ضدها تعلن ان ذلك بدعة، ولكن نشاط اهل الطريقة الجديدة وحسن نية معتنقيها؛ وما كان عليه شيخها من روحانية قوية عجيبة وما تؤثره في كل من [ انتسب ] اليها، كل ذلك فتح الطريق امام شيوعها، فكان الشيخ يسيح باصحابه، ويدل الناس على الله في ضمن طريقته وقد استطاع بعض من اعتنق هذه الطريقة – وقد حج ومر بمصر – أن ياتي من هناك من عند كبار العلماء بان هذه الطريقة التي تحمل هذه الاحوال؛ تعرف كذلك في المشرق من قديم، وقد قرأت انا بنفسي – يقول الاستاذ – هذه الفتاوي التي افتى بها سيدي محمد بن ابراهيم التامنارتي لما حج عام 1293 هـ ثم أضاف الاستاذ قوله:
هكذا ابتدأت المعركة بين الطريقتين الناصرية والدرقاوية، الاولى تدل بماظهرها السليمة والثانية تدل باسرار روحانيتها، ولا ننس ما كان قاله سيدي على الجمل لمولاي العربي لما اخذ عنه وعلمه القدر المعلوم من (لا اله الا الله ) والاستغفار والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – قال له:
ان هذه الاذكار اخذناها عن اهل الظاهر أهل تامكروت واما ذكر السر وهو الله فقد أخذناه عن اهل المخفية يعني : سيدي العربي بن احمد بن عبد الله الذي أخذ شيخه عن آل ابي المحاسن جدود الاسرة الفاسية المجيدة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه .
وقد تحدث الاستاذ العلامة المختار السوسي في ترجمة والده في الجزء الاول من المعسول عن هذا الموضوع فقال:
كان المعروف من الطرق الصوفية في سوس؛ الطريقة الناصرية وحدها، ولا ريب أن هذه الطريقة أسست على السنة في كل مظاهرها لا أمت فيها ولا عوج، ولا يجد فيها أي قائل ما يقول، وماذا يقال في طريقة هادئة ناصحة مرشدة معلمة ؟ لا يعرف منها الا أذكار انفراد يذكرها من تلقنها، ثم لا إغراق فيها في إجلال المشايخ الا لماما، وقد يجتمع أصحابها في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم ما عرفت سوس هذه الطريقة الا بواسطة العلماء الذين تخرجوا من تامكروت، فرجعوا يؤسسون المدارس إذا كانوا علماء او بواسطة فقراء اميين آبوا فيعلمون الدين الصحيح في الاسواق وفي المواسم وفي المجتمعات وهم كلهم معروفون بالاهتداء ونصح العباد والاخلاص فيما هم فيه، ولهذا صارت سوس كلها قاطبة بلا استثناء ناصرية، يأتي أولاد الشيخ الناصري فيلقنونهم قبيلة قبيلة باجلال عظيم، واهتبال كبير، فينفعون في اصلاح ذات البين وفي فتح العيون العمي والآذان الصم والقلوب الغلف، حتى ألف الناس هذه الطريقة ونشأ فيها جيل بعد جيل من أوائل القرن الثاني عشر الى أن كاد يختتم القرن الثالث عشر، ومعلوم أن الشيخ محمد بن ناصر كانت ولادته باغيلان بدرعة في رمضان عام 1011 هـ ووفاته غروب يوم الثلاثاء 16 صفر عام 1085 هـ بتامكروت حيث مدفنه ومثواه الاخير – رحمه الله – (وعمره 75 سنة).
وعن التيجانية يقول:
ثم فيما بعد عام 1260 هـ اتصل بعض الفقهاء السوسيين بالشيخ الاديب الكبير [ أكْنْسُوسْ ] بمراكش فتلقنوا منه الطريقة التيجانية، كسيدي الحسن بن الطيفور الساموكني نزيل تزنيت المتوفى نحو عام 1274 هـ وسيدي عبد الله بن محمد بن احمد الادوزي نزيل العوينة المتوفى نحو عام 1282 هـ وسيدي سعيد الدراركي نزيل كسيمة المتوفى نحو عام 1286 هـ وسيدي احمد بن محمد من آل حساين الطاطائي المتوفى في نيف وتسعين من القرن الثالث عشر، وسيدي الحاج الحسين الافراني نزيل تزنيت المتوفى عام 1328 هـ وسيدي الزبير البعمراني المتوفى نحو عام 1350 هـ الآخذ عن السائح الرباطي، وبهؤلاء الاساطين الكبار ابتدأت الطريقة التيجانية بسوس، ولكنها في مبتدإ أمرها لم تنشر الا عند أفراد قليلين جدا، وقد كان أهلها الاولون يعتزون بها ولا يعرضونها عرضا، كما كان الدرقاويون يفعلون . وقد كانت وفاة الشيخ التيجاني – رحمه الله – سنة 1232 هـ .
وفي الوقت الذي دبت فيه التيجانية الى سوس دبت ايضا الطريقة الدرقاوية، فكما كان لاكنسوس المراكشي يدفي نشر الاولى؛ كان لشيخ آخر مراكشي يد في نشر الاخرى، وهو الشيخ سيدي احمد بن عبد الله من أصحاب الشيخ مولاي العربي الدرقاوي المتوفى سنة 1239 هـ ورد عليه من سوس أولا الحاج مبارك الهواري الكلوشي، وبُتْكْلاي الذي اسمه الحقيقي هو: الحاج محمد البلفاعي، ثم اصطحب بعد حين سيدي سعيد بن همو المعدري الثاني منهما الى ان كان السوسيون الذين يترددون الى الشيخ بمراكش سبعة، لم يظهر منهم الا الشيخان: سيدي الحاج مبارك العالم الجليل الذي له مؤلفات رأينا بعضها، وقد خلفه بعد موته سيدي عبد القادر البعاريري، وقد كان للزاوية المباركية اتباع لم يكثروا، ولكن الشيخ سيدي سعيد بن همو المعدري الامي طفحت ساحته بكثيرين، فيهم علماء خناذيذ كالعلامة سيدي محمد بن ابراهيم التامنارتي والد شيخ العصر سيدي الطاهر بن محمد الافراني الشهير، وكالعلامة الاديب سيدي الحبيب البوسليماني الجراري وجنيد زمانه سيدي الحاج الحسن التاموديزتي، والعلامة المدرس سيدي محمد بن المحفوظ الادوزي، وكثيرين يصلون نحو اربعين عالما كلهم تتلمذوا لهذا الشيخ الامي، وبالشيخ الامي سيدي سعيد بن همو هذا ظهرت الطريقة الدرقاوية باحوالها الخاصة التي لم تولف في الناصرية، كملازمة المرقعة عند المتجردين فقط، وخرق العادة في الاسواق، متى اريد ازالة الكبر ممن فيه الكبر، وبالمجاهدات الدائمة، وبحلق الاذكار بالمداولة بين الاشعار وبين الهيللة على نغمة خاصة، وبما يقومون فيه حلقة واحدة مستديرة وهو المسمى عندهم ذكر العمارة وبالجهر بالاذكار في الطرقات وفي الاسواق، بهذه الاخلاق ظهرت هذه الطريقة فقامت الناصرية واهلها ضدها تعلن ان ذلك بدعة، ولكن نشاط اهل الطريقة الجديدة وحسن نية معتنقيها؛ وما كان عليه شيخها من روحانية قوية عجيبة وما تؤثره في كل من [ انتسب ] اليها، كل ذلك فتح الطريق امام شيوعها، فكان الشيخ يسيح باصحابه، ويدل الناس على الله في ضمن طريقته وقد استطاع بعض من اعتنق هذه الطريقة – وقد حج ومر بمصر – أن ياتي من هناك من عند كبار العلماء بان هذه الطريقة التي تحمل هذه الاحوال؛ تعرف كذلك في المشرق من قديم، وقد قرأت انا بنفسي – يقول الاستاذ – هذه الفتاوي التي افتى بها سيدي محمد بن ابراهيم التامنارتي لما حج عام 1293 هـ ثم أضاف الاستاذ قوله:
هكذا ابتدأت المعركة بين الطريقتين الناصرية والدرقاوية، الاولى تدل بماظهرها السليمة والثانية تدل باسرار روحانيتها، ولا ننس ما كان قاله سيدي على الجمل لمولاي العربي لما اخذ عنه وعلمه القدر المعلوم من (لا اله الا الله ) والاستغفار والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – قال له:
ان هذه الاذكار اخذناها عن اهل الظاهر أهل تامكروت واما ذكر السر وهو الله فقد أخذناه عن اهل المخفية يعني : سيدي العربي بن احمد بن عبد الله الذي أخذ شيخه عن آل ابي المحاسن جدود الاسرة الفاسية المجيدة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى