منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اللؤلؤ المبروم، على متن العلامة ابن آجُرُّوم (2)

اذهب الى الأسفل

اللؤلؤ المبروم، على متن العلامة ابن آجُرُّوم (2) Empty اللؤلؤ المبروم، على متن العلامة ابن آجُرُّوم (2)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الخميس ديسمبر 27, 2012 2:57 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسلين، نبينا محمد، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، وعلى من اهتدى بهديه إلى يومِ الدين.أما بعدُ:
فهذا هو الدرس الثاني من شرحنا على المنظومة الآجرومية في علم النحو، قال المولف:
[ بسم الله الرحمن الرحيم ] افتتح المؤلف – رحمه الله – كتابه بالبسملة ، تبركا واقتداءا بكتاب الله وبسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، ثم إن فيها جارا ومجرورا ومضافا وهو الجار والمجرور ومضافا إليه وصفتين ، فالجار والمجرور: متعلق بفعل محذوف مناسب للمقام تقديره أصنف، والباء للاستعانة أو المصاحبة والملابسة، وطولت خطا، عوضا من الالف المحذوف. والمضاف إليه هو لفظ الجلالة :علم على الذات العلية لا يسمى به غيره ، والصفتان الرحمن الرحيم :
فيهما تسع أوجه في الإعراب، سبع جائزة واثنان ممنوعة ، فالسبع الجائزة : إما كل منهما مخفوض أومرفوع أومنصوب ، أوالأول مخفوض والثاني منصوب أو مرفوع ، أو الأول مرفوع والثاني منصوب أو العكس .

فالخفض في كل منهما :على التبعية والنعت للفظ الجلالة
والرفع : على الخبرية لمبتد إ محذوف تقديره هو- أي الله-
والنصب : على المفعولية لفعل محذوف تقديره أمدح، وكل من المبتدإ في حالة الرفع على الخبرية والفعل في حالة النصب على المفعولية لا يظهر لقول الناظم :

وارفع أوانصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أوناصبا لن يظهرا.

وتقدير المبتدإ بهو والفعل بأمدح لأجل أن يفهم الطالب لا غير.
وخفض الأول ونصب الثاني : على النعتية للفظ الجلالة في الأول، وعلى المفعولية لفعل محذوف في الثاني تقديره أعني .
وخفض الأول ورفع الثاني : على النعتية في الأول ، وعلى الخبرية لمبتد إ محذوف في الثاني تقديره هو.
ورفع الأول ونصب الثاني : على الخبرية لمبتد إ محذوف في الأول تقديره هو وعلى المفعولية لفعل محذوف في الثاني تقديره أعني
ونصب الأول ورفع الثاني :على المفعولية لفعل محذوف في الأول تقديره أعني وعلى الخبرية لمبتد إ محذوف في الثاني تقديره هو .

وأما الوجهان الممنوعان في الإعراب فاثنان :
أحدهما: إذا نصب الرحمن فالخفض ممنوع في الرحيم
الثاني : إذا رفع الرحمن فالخفض ممنوع في الرحيم ولذا قال بعضهم في بيت :
إن ينصب الرحمن أو يرتفعا ... فالخفض في الرحيم قطعا منعا.

وعلل المنع بأمورمنها: الفصل بين النعت والمنعوت بأجنبي ،ومنها: أن العرب كانت إذا صرفت وجهها عن شيء كانت لا ترجع إليه.

والحاصل أن الصور التي تقتضيها القسمة العقلية تسع ، سبع جائزة واثنتان ممنوعتان.

وأما اشتقاقهما: فهما اسمان بنيا للمبالغة، من رحم، كالغضبان من غضب، والعليم من علم، والرحمة في اللغة: رقة القلب، وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان، ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها. وأسماء الله تعالى إنما تؤخذ باعتبار الغايات، التي هي أفعال، دون المبادئ التي هي انفعالات. و (الرحمن) أبلغ من (الرحيم) لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، كقطع وقطع، وذلك إنما يؤخذ تارة باعتبار الكمية، وأخرى باعتباره الكيفية.
فعلى الأول: قيل: يا رحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر، ورحيم الآخرة لأنه يختص بالمؤمن، وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا لأن النعم الأخروية كلها جسام، وأما النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.
وإنما قدم (الرحمن) - والقياس الترقي من الأدنى إلى الأعلى- لتقدم رحمة الدنيا، ولأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره تعالى.
انظر البيضاوي.

ومعنى الرحمن الرحيم، أي: الرحمن بنعمة الإيجاد، الرحيم بنعمة الإمداد. «نعمتان ما خلا موجود عنهما، ولا بد لكل مكون منهما: نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد، أنعم أولا بالإيجاد، وثنى بتوالي الإمداد» . كما في (الحكم العطائية) . فاسمه (الرحمن) يقتضي إيجاد الأشياء وإبرازها، واسمه (الرحيم) يقتضي تربيتها وإمدادها. ولذلك لا يجوز إطلاق اسم (الرحمن) على أحد، ولم يتسم أحد به إذ الإيجاد لا يصح من غيره تعالى، بخلاف اسمه (الرحيم) فيجوز إطلاقه على غيره تعالى لمشاركة صدور الإمداد في الظاهر من بعض المخلوقات مجازا وعارية.

أو: الرحمن في الدنيا والآخرة، والرحيم في الآخرة لأن رحمة الآخرة خاصة بالمؤمنين. أو الرحمن بجلائل النعم والرحيم بدقائقها، فجلائل النعم مثل: نعمة الإسلام والإيمان والإحسان، والمعرفة والهداية، وكشف الحجاب وفتح الباب والدخول مع الأحباب، ودقائق النعم مثل: الصحة والعافية والمال الحلال، وغير ذلك. انتهى


ولما كان الكلام مقصودا بالذات بالنظر الى الكلمة، وهو الذي يقع به التفاهم والتخاطب بخلاف الكلمة، بدأ به المصنف فقال : [الكلامُ: هُوَ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ] والكلام لغة: عبارة عن القول أو ما كان مستكفيا به، وفي اصطلاح النحويين هو: ما جمع القيود الأربعة التي ذكرها المصنف.
والكِلام بكسر الكاف هو الجراحات، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

أجدك ما لعينك لا تنام ... كأن جفونها فيها كِلام

ومنه قَول رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يدمى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ " . رواه البخاري.اهـ

والكُلام بضم الكاف، الارض الصلباء التي لا تنبت شيئا، قال صاحب المثلث في هذه المعاني:

أما الحديث فالكَلام ... والجرح في المرء الكِلام
والموضع الصلب الكُلام ... لليبس والتصلــــب

والكلام في اللغة أعم من الاصطلاح، لأنه يطلق على ستة أشياء:

1 – يطلق على الاشارة كقوله تعالى:
{آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41] والرمز الاشارة
ومنه قول يزيد بن معاوية:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها ... إشارةَ محـزونٍ ولم تتـكلمِ.
فأيقنتُ أنّ الطرفَ قد قالَ مرحباً ... وأهلاً وسهلاً بالحبيبِ المتيّمِ.
وقول إبراهيم بن المهدي:
إذا كلّمتني بالعيون الفواتر ... رددت عليها بالدموع البوادر
فلم يعلم الواشون ما دار بيننا ... وقد قضيت حاجاتنا بالضمائر.

2 - يطلق على لسان الحال و منه قوله تعالى:
{يوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] وقيل: كلامها يكون حقيقة ومنه قول الشاعر:
امتلأ الحوض و قال قطني … مهلا رويدا قد ملأت بطني.
وكقول نصيب:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب.
وكقول الآخر:
يشكو إلي جملي طول السرى ... يا جملي ليس إلي المشتكى
وقول عنترة:
فازور من وقع القنا بلبانه ... وشكا إلي بعبرة وتحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ... ولكان لو علم الكلام مكلمي

3 - يطلق على المعنى القائم بالنفس، و هو حديث النفس، و منه قول الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما … جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فكلامك بمعنى تكليمك ولكنه بنية المفعول.
ومنه قولهم:
إذا حدثتك النفس أنك قادر ... على ما حوت أيدي الرجال فجرب

4 - يطلق على الحدث الذي هو التكليم تقول أعجبني كلامك زيدا أي تكليمك إياه وإذا استعمل بهذا المعنى عمل عمل الأفعال كما في هذا المثال وكقوله:
قالوا كلامك هندا و هي مصغية ……يشفيك قلت صحيح ذاك لو كانا

5 - يطلق على "الخط" كقول العرب "القلم أحد اللسانين" ومنه قول عائشة –رضي الله عنها- ما بين دفتي المصحف كلام الله.اهـ
فالذي بين الدفتين إنما هو خطوط.

6 – يطلق على الامر المصطلح عليه، وهو ما جمع القيود الأربعة التي ذكرها المصنف.
أحدها اللفظ، وهو في اللغة: الطرح والرمي، يقال أكلت الثمرة ولفظت النواة؛ أي: طرحتها، وفي الاصطلاح هو: الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية، التي أولها الألف، وآخرها الياء، كـ"زيد"، فإنها مشتملة على ثلاثة أحرف، "الزاي" و"الياء" و"الدال" فخرج بذلك الكتابة، والإشارة، ولو مفهومة، وحديث النفس، والتكليم كما تقدم، وجمعها بعضهم فقال:
واحترزوا باللفظ في الكلام ... من خمسة تدرى لدى الافهام
الخط والاشارة والمفهوم ... ثم حديث النفس والتكليم

ثانيها التركيب، وهو لغة: ضم الاجزاء المتفرقة، واصطلاحا: أربعة أقسام:
1 - تركيب إسناد: وهو ما كان جملة فعلية في الأصل نحو: "فَتَحَ اللهُ" و"جادَ الحقُّ" و"سُرَّ من رَأي" أو جملة اسمية؛ نحو: "الخيرُ نازلٌ" و"السيدُ فاهمٌ" و"رأسٌ مملوء".
2 - تركيب مزج: وهو الجمع بين كلمتين تنزل ثانيهتما منزلة تاء التأنيث مما قبلها نحو: "بعلبك" و" سِيَبَويه" و"حضرموت"، ويدخل فيه التركيب العددي: وهو كل عددين كان بينهما حرف عطف مقدر، نحو: أحد عشر إلى تسعة عشر، ومن الحادي عشر الى التاسع عشر.
3 - تركيب إضافة: و هو الجمع بين كلمتين تنزل ثانيهتما منزلة التنوين مما قبله، نحو: "امرئ القيس" و"غلامي" و "كتاب التلميذ وخاتم فضةٍ وصوْم النهار".
وزاد بعضهم تركيبا رابعا وسماه: "التركيب التقييدي" وهو: ضم الموصوف الى الصفة أو غيرهما مما لا يدخل في المركبات السالفة" نحو: "حيوان ناطق" و" محمد الفاضل".
والمراد هنا ما تركب من كلمتين فأكثر حقيقة أو تقديرا، فالحقيقة نحو: محمد مسافر، وزيد رجل فقيه، والتقدير نحو: محمد –صلى الله عليه وسلم - في جواب من قال لك: من هو خاتم الأنبياء ؟ فالتقدير: محمد –صلى الله عليه وسلم – هو خاتم الانبياء.

ثالثها – الافادة، وهي لغة: ما استفاده الإنسان من علم، أو مال، أو جاه، أو غير ذلك؛ واصطلاحا: ما أفاد فائدة، يحسن سكوت المتكلم عليها، بحيث لا يصير السامع، منتظرًا لشيء آخر، فلو قلت: "إذا حضر الأستاذ" وسكتت فإن السامع ينتظر جواب الشرط لتحصل الفائدة، وجواب الشرط هو "أنصت التلاميذ" فهو الآن صار كلاما لحصول الفائدة المنتظرة.
واختلف النحويون في الفائدة التي يحسن السكوت عليها، فقيل سكوت المتكلم فقط، وقيل: السامع فقط، وقيل: هما معا، ونظم بعضهم هذا الخلاف فقال:
وقصدنا سكوت من تكلم ... وقيل: سامع وقيل: بل هما

رابعها – الوضع، وهو لغة: الإسقاط من قولهم: وضعت الدين عن فلان، إذا أسقطته؛ واصطلاحا: جعل اللفظ دليلا على المعنى، كوضع زيد على الذات المشخصة مثلا، وحضر بمعنى حصول الحضور في الزمان الماضي، وخرج بالوضع العربي: ما ليس بعربي، ككلام الأعاجم، وقيل: معنى الوضع القصد، وهو قصد المتكلم إفهام السامع، فيخرج كلام النائم، والسكران، ومن تكلم ولم يرد إفهام أحد، ويدخل فيه: كلام البربر، وغيرهم، والصحيح: الأول.

والخلاصة: أن حَدّ الكلام اصطلاحاً هو ما كان مشتملا على قيود أربعة وهي: اللفظ، والتركيب، والإفادة، والوضع.
تنبيه: لا يشترط في الكلام اتحاد الناطق، فلو نطق رجل بفعل ونطق آخر بالفاعل لكان كلاما، كما أن الكاتب لا يشترط اتحاده في كون الخط خطه، قاله ابن مالك وغيره.

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 43
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى