معنى التبرك وحكم مشروعيته
صفحة 1 من اصل 1
معنى التبرك وحكم مشروعيته
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلواته على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذا موضوع صغير، بينت فيه معنى التبرك ومشروعيته، إسعافا للطالبين ، وهداية للمرتابين ، ونصرة للصالحين بردِّ طعن الخاملين، فأقول وبالله التوفيق:
التبرك في اللغة : مصدر تبرك يتبرك تبركا ، وهو طلب البركة، والبركة : اسم جامع يطلق على عدة معان ، فيطلق ويراد به : ثبات الشيء ودوامه والنماء والزيادة و التيمن و السعادة.
والتبرك في الاصطلاح: لا يخرج عن هذه المعاني التي يدل عليها وضعه اللغوي، قال العلامة الراغب الأصبهاني - رحمه الله - في مفردات القرآن (ص: 119):
البَرَكَةُ: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى:
{لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف/ 96] ، وسمّي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة.
وقال العلامة الخازن - رحمه الله- في تفسيره (2/266):
" وأصل البركة : ثبوت الخير الإلهي في الشيء " .
وعليه فإن المراد بالتبرك بالشيء هو طلب الخير الإلهي الذي أودعه الله في ذلك الشيء ، ذلك أن الأشياء بطبيعتها ليست مصدر بركة ، وإنما تكتسب هذه البركة بإيداع الله تعالى لها فيها، فالمتبرك بالصالحين أو بآثارهم موحِدٌ صحيح الاعتقاد والإيمان ، يُدرك جيدا أن الله سبحانه هو الذي بيده الخير وحده ، وأنه هو الفاعل للأشياء على الحقيقة ، وتعلقه بالصالحين إنما هو على أساس أنهم مفاتيح الخير الذين يسوق الله تعالى ذلك الخير على أيديهم ، كما في الحديث : " إن من الناس مفاتيح للخير " .
قال الشيخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه (( الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى )) – بعد ذكره قصيدة له في مدح أحد الصالحين ، أنشدها عند قبره وقال إنه وجد لها بركة - :" واعلم أن التعلق بأولياء الله رضي الله عنهم يجب أن يكون مع استحضار أن الله تعالى هو المطلوب على الحقيقة والفاعل للأشياء كلها لا معبود غيره ولا مرجو سواه ، وإنما التمسك بأهل الله لأجل التبرك بهم والاستشفاع بهم إلى الله تعالى ، لأنهم أبواب الله والدالون عليه ، نفعنا الله بهم وأفاض علينا من مددهم " اهـ.
والخلاصة: أن التبرك بالصالحين إنما هو في الحقيقة طلب ذلك الخير الإلهي من الله تعالى عن طريق ذلك الصالح ، نبيا كان أو غيره ، أو عن طريق أثر من آثاره ، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبآثاره ، حال حياته وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، ويتقربون إلى الله تعالى بذلك ، وكما كان حال السلف الصالح رضي الله عنهم من هذه الأمة ومن بعدهم من العلماء الأخيار ، والأيمة الأبرار ، وعليه درج عمل الأمة سلفا عن خلف بلا نكير ، إلا من شذ وتولى غير سبيل المسلمين .
والادلة على أن التبرك بالأنبياء والصالحين وكل شيء ثبتت بركته مشروع، كثيرة فعلى سبيل المثال لا الحصر:
قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 248].
ذكر علماء التفسير : إن هذا التابوت كان عند بني إسرائيل ، وكانوا يستنصرون به ويتوسلون إلى الله تعالى بما فيه من آثار فينصرون ، وهذا هو التبرك بعينه الذي نريده ونقصده ، وقد بين الله تعالى محتويات هذا التابوت فقال:
{وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة: 248].
وهذه البقية مما تركه آل موسى وآل هارون هي – كما في كتب التفسير - : عصا موسى وشيء من ثيابه وثياب هارون ونعلاه وألواح من التوراة وطست من الجنة كانت تغسل فيه قلوب الأنبياء، وفي هذا دلالة على جوزا التبرك بآثار الصالحين ، والمحافظة عليها ، والتوسل بها. انظر: جامع البيان للطبري (2/610) ، زاد المسير لابن الجوزي (1/294) ، الدر المنثور للسيوطي (3/193).
وهذا قميص سيدنا يوسف على نبينا وعليه السلام، قال تعالى:
{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93].
فببركة القميص الذي مسَّ جسد سيدنا يوسف رُدَّ بصر سيدنا يعقوب على نبينا وعليه السلام إليه، قال العلامة الزمخشري رحمه الله : " قيل هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة ، أمره جبريل عليه السلام أن يرسله إليه فإن فيه ريح الجنة ، لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي " .اهـ
و قال أهل التفسير في قوله تعالى : {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31] أي: ذا بركات ومنافع. انظر: الجامع لأحكام القرآن (11/96).
ولا يخفى على أحد من المسلمين تبرك الصحابة – رضي الله عنهم - بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – في حياته وبعد مماته، وحرصهم على مجالسته ومرافقته ، والتبرك بما مسته يده ، أو التصق بأي جزء من جسمه ، كما تبركوا بوضوئه ، وبصاقه ، وعرقه ، ودمه ، وقصعته ، ومشطه ، وشعره ، وآنيته ، ومصلاه ، ومحرابه ، ومنبره ، وكل أثر من آثاره ، صلوات ربي وسلامه عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما يعترض به البعض من أن هذا خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا قول مردود لا دليل عليه، لأننا مأمورون بالاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – حتى تثبت خصوصيته بحكم من الاحكام، ولا دليل على خصوصية النبي – صلى الله عليه وسلم – بالتبرك به دون غيره، اللهم إلا بعض ما خص به – صلى الله عليه وسلم – من طهارة بوله ودمه وبرازه ونحو ذلك، مما أجمع على نجاسته من غيره، فهذا خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم – دون غيره.
وزيادة على هذا فالنبي – صلى الله عليه وسلم – هو الذي أرشدنا إلى التبرك كما في تبركه صلى الله عليه وآله وسلم بتربة المدينة واستشفاؤه بها .
فعن عائشة –رضي الله عنها - : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالأرض – ورفعها : " بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا". رواه البخاري ومسلم .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" قال جمهور العلماء : المراد بأرضنا هنا جملة الأرض ، وقيل : أرض المدينة خاصة لبركتها.اهـ شرح مسلم (14/184).
وقال ابن القيم:
وإذا كان هذا في هذه التربات، فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها، وقد خالطت ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقارنت رقيته باسم ربه، وتفويض الأمر إليه.اهـ زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 172).
وكان صلى الله عليه وسلم يرجو البركة من أيدي المسلمين
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث إلى المطاهر ، فيؤتى بالماء فيشربه ، يرجو بركة أيدي المسلمين ".اهـ المعجم الأوسط (1/242) بإسناد حسن رجاله كلهم ثقات، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (3/30)، والهيثمي في مجمع الزوائد (1/502)، وقال: "رجال الطبراني موثقون".
قال المناوي في فيض القدير (5/199):
"والمطاهر : جمع مِطهرة – بكسر الميم – كل إناء يتطهر منه ، والمراد به هنا نحو الحياض والمساقي والبرك المعدة للوضوء.
وقال أيضا : " قوله ( يرجو بركة أيدي المسلمين ) أي يؤمل حصول بركة أيدي الذين تطهروا من ذلك الماء ، وهذا فضل عظيم وفخر جسميم للمتطهرين ، فيا له من شرف ما أعظمه !!".اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12]
قال الخازن في تفسيره(3/ 202)
"أمر بخلعهما ليباشر بقدميه تراب الأرض المقدسة لتناله بركتها فإنها قدست مرتين".اهـ
وقال ابن كثير: "إنما أمره بخلع نعليه تعظيما للبقعة، قال سعيد بن جبير: كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل (2) الكعبة. وقال أيضا: قوله: {طوى} ... قيل:لأنه قدس مرتين، وطوى له البركة وكررت: والأول أصح.اهـ تفسير ابن كثير (5/ 276).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا
وصلواته على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذا موضوع صغير، بينت فيه معنى التبرك ومشروعيته، إسعافا للطالبين ، وهداية للمرتابين ، ونصرة للصالحين بردِّ طعن الخاملين، فأقول وبالله التوفيق:
التبرك في اللغة : مصدر تبرك يتبرك تبركا ، وهو طلب البركة، والبركة : اسم جامع يطلق على عدة معان ، فيطلق ويراد به : ثبات الشيء ودوامه والنماء والزيادة و التيمن و السعادة.
والتبرك في الاصطلاح: لا يخرج عن هذه المعاني التي يدل عليها وضعه اللغوي، قال العلامة الراغب الأصبهاني - رحمه الله - في مفردات القرآن (ص: 119):
البَرَكَةُ: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى:
{لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف/ 96] ، وسمّي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة.
وقال العلامة الخازن - رحمه الله- في تفسيره (2/266):
" وأصل البركة : ثبوت الخير الإلهي في الشيء " .
وعليه فإن المراد بالتبرك بالشيء هو طلب الخير الإلهي الذي أودعه الله في ذلك الشيء ، ذلك أن الأشياء بطبيعتها ليست مصدر بركة ، وإنما تكتسب هذه البركة بإيداع الله تعالى لها فيها، فالمتبرك بالصالحين أو بآثارهم موحِدٌ صحيح الاعتقاد والإيمان ، يُدرك جيدا أن الله سبحانه هو الذي بيده الخير وحده ، وأنه هو الفاعل للأشياء على الحقيقة ، وتعلقه بالصالحين إنما هو على أساس أنهم مفاتيح الخير الذين يسوق الله تعالى ذلك الخير على أيديهم ، كما في الحديث : " إن من الناس مفاتيح للخير " .
قال الشيخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه (( الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى )) – بعد ذكره قصيدة له في مدح أحد الصالحين ، أنشدها عند قبره وقال إنه وجد لها بركة - :" واعلم أن التعلق بأولياء الله رضي الله عنهم يجب أن يكون مع استحضار أن الله تعالى هو المطلوب على الحقيقة والفاعل للأشياء كلها لا معبود غيره ولا مرجو سواه ، وإنما التمسك بأهل الله لأجل التبرك بهم والاستشفاع بهم إلى الله تعالى ، لأنهم أبواب الله والدالون عليه ، نفعنا الله بهم وأفاض علينا من مددهم " اهـ.
والخلاصة: أن التبرك بالصالحين إنما هو في الحقيقة طلب ذلك الخير الإلهي من الله تعالى عن طريق ذلك الصالح ، نبيا كان أو غيره ، أو عن طريق أثر من آثاره ، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبآثاره ، حال حياته وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، ويتقربون إلى الله تعالى بذلك ، وكما كان حال السلف الصالح رضي الله عنهم من هذه الأمة ومن بعدهم من العلماء الأخيار ، والأيمة الأبرار ، وعليه درج عمل الأمة سلفا عن خلف بلا نكير ، إلا من شذ وتولى غير سبيل المسلمين .
والادلة على أن التبرك بالأنبياء والصالحين وكل شيء ثبتت بركته مشروع، كثيرة فعلى سبيل المثال لا الحصر:
قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 248].
ذكر علماء التفسير : إن هذا التابوت كان عند بني إسرائيل ، وكانوا يستنصرون به ويتوسلون إلى الله تعالى بما فيه من آثار فينصرون ، وهذا هو التبرك بعينه الذي نريده ونقصده ، وقد بين الله تعالى محتويات هذا التابوت فقال:
{وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة: 248].
وهذه البقية مما تركه آل موسى وآل هارون هي – كما في كتب التفسير - : عصا موسى وشيء من ثيابه وثياب هارون ونعلاه وألواح من التوراة وطست من الجنة كانت تغسل فيه قلوب الأنبياء، وفي هذا دلالة على جوزا التبرك بآثار الصالحين ، والمحافظة عليها ، والتوسل بها. انظر: جامع البيان للطبري (2/610) ، زاد المسير لابن الجوزي (1/294) ، الدر المنثور للسيوطي (3/193).
وهذا قميص سيدنا يوسف على نبينا وعليه السلام، قال تعالى:
{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93].
فببركة القميص الذي مسَّ جسد سيدنا يوسف رُدَّ بصر سيدنا يعقوب على نبينا وعليه السلام إليه، قال العلامة الزمخشري رحمه الله : " قيل هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة ، أمره جبريل عليه السلام أن يرسله إليه فإن فيه ريح الجنة ، لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي " .اهـ
و قال أهل التفسير في قوله تعالى : {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31] أي: ذا بركات ومنافع. انظر: الجامع لأحكام القرآن (11/96).
ولا يخفى على أحد من المسلمين تبرك الصحابة – رضي الله عنهم - بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – في حياته وبعد مماته، وحرصهم على مجالسته ومرافقته ، والتبرك بما مسته يده ، أو التصق بأي جزء من جسمه ، كما تبركوا بوضوئه ، وبصاقه ، وعرقه ، ودمه ، وقصعته ، ومشطه ، وشعره ، وآنيته ، ومصلاه ، ومحرابه ، ومنبره ، وكل أثر من آثاره ، صلوات ربي وسلامه عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما يعترض به البعض من أن هذا خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا قول مردود لا دليل عليه، لأننا مأمورون بالاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – حتى تثبت خصوصيته بحكم من الاحكام، ولا دليل على خصوصية النبي – صلى الله عليه وسلم – بالتبرك به دون غيره، اللهم إلا بعض ما خص به – صلى الله عليه وسلم – من طهارة بوله ودمه وبرازه ونحو ذلك، مما أجمع على نجاسته من غيره، فهذا خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم – دون غيره.
وزيادة على هذا فالنبي – صلى الله عليه وسلم – هو الذي أرشدنا إلى التبرك كما في تبركه صلى الله عليه وآله وسلم بتربة المدينة واستشفاؤه بها .
فعن عائشة –رضي الله عنها - : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالأرض – ورفعها : " بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا". رواه البخاري ومسلم .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" قال جمهور العلماء : المراد بأرضنا هنا جملة الأرض ، وقيل : أرض المدينة خاصة لبركتها.اهـ شرح مسلم (14/184).
وقال ابن القيم:
وإذا كان هذا في هذه التربات، فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها، وقد خالطت ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقارنت رقيته باسم ربه، وتفويض الأمر إليه.اهـ زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 172).
وكان صلى الله عليه وسلم يرجو البركة من أيدي المسلمين
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث إلى المطاهر ، فيؤتى بالماء فيشربه ، يرجو بركة أيدي المسلمين ".اهـ المعجم الأوسط (1/242) بإسناد حسن رجاله كلهم ثقات، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (3/30)، والهيثمي في مجمع الزوائد (1/502)، وقال: "رجال الطبراني موثقون".
قال المناوي في فيض القدير (5/199):
"والمطاهر : جمع مِطهرة – بكسر الميم – كل إناء يتطهر منه ، والمراد به هنا نحو الحياض والمساقي والبرك المعدة للوضوء.
وقال أيضا : " قوله ( يرجو بركة أيدي المسلمين ) أي يؤمل حصول بركة أيدي الذين تطهروا من ذلك الماء ، وهذا فضل عظيم وفخر جسميم للمتطهرين ، فيا له من شرف ما أعظمه !!".اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12]
قال الخازن في تفسيره(3/ 202)
"أمر بخلعهما ليباشر بقدميه تراب الأرض المقدسة لتناله بركتها فإنها قدست مرتين".اهـ
وقال ابن كثير: "إنما أمره بخلع نعليه تعظيما للبقعة، قال سعيد بن جبير: كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل (2) الكعبة. وقال أيضا: قوله: {طوى} ... قيل:لأنه قدس مرتين، وطوى له البركة وكررت: والأول أصح.اهـ تفسير ابن كثير (5/ 276).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى