منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

معنى التبرك وحكم مشروعيته

اذهب الى الأسفل

معنى التبرك وحكم مشروعيته Empty معنى التبرك وحكم مشروعيته

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد السبت نوفمبر 10, 2012 9:50 am

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلواته على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذا موضوع صغير، بينت فيه معنى التبرك ومشروعيته، إسعافا للطالبين ، وهداية للمرتابين ، ونصرة للصالحين بردِّ طعن الخاملين، فأقول وبالله التوفيق:

التبرك في اللغة : مصدر تبرك يتبرك تبركا ، وهو طلب البركة، والبركة : اسم جامع يطلق على عدة معان ، فيطلق ويراد به : ثبات الشيء ودوامه والنماء والزيادة و التيمن و السعادة.
والتبرك في الاصطلاح: لا يخرج عن هذه المعاني التي يدل عليها وضعه اللغوي، قال العلامة الراغب الأصبهاني - رحمه الله - في مفردات القرآن (ص: 119):
البَرَكَةُ: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى:
{لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف/ 96] ، وسمّي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة.
وقال العلامة الخازن - رحمه الله- في تفسيره (2/266):
" وأصل البركة : ثبوت الخير الإلهي في الشيء " .
وعليه فإن المراد بالتبرك بالشيء هو طلب الخير الإلهي الذي أودعه الله في ذلك الشيء ، ذلك أن الأشياء بطبيعتها ليست مصدر بركة ، وإنما تكتسب هذه البركة بإيداع الله تعالى لها فيها، فالمتبرك بالصالحين أو بآثارهم موحِدٌ صحيح الاعتقاد والإيمان ، يُدرك جيدا أن الله سبحانه هو الذي بيده الخير وحده ، وأنه هو الفاعل للأشياء على الحقيقة ، وتعلقه بالصالحين إنما هو على أساس أنهم مفاتيح الخير الذين يسوق الله تعالى ذلك الخير على أيديهم ، كما في الحديث : " إن من الناس مفاتيح للخير " .
قال الشيخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه (( الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى )) – بعد ذكره قصيدة له في مدح أحد الصالحين ، أنشدها عند قبره وقال إنه وجد لها بركة - :" واعلم أن التعلق بأولياء الله رضي الله عنهم يجب أن يكون مع استحضار أن الله تعالى هو المطلوب على الحقيقة والفاعل للأشياء كلها لا معبود غيره ولا مرجو سواه ، وإنما التمسك بأهل الله لأجل التبرك بهم والاستشفاع بهم إلى الله تعالى ، لأنهم أبواب الله والدالون عليه ، نفعنا الله بهم وأفاض علينا من مددهم " اهـ.

والخلاصة: أن التبرك بالصالحين إنما هو في الحقيقة طلب ذلك الخير الإلهي من الله تعالى عن طريق ذلك الصالح ، نبيا كان أو غيره ، أو عن طريق أثر من آثاره ، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبآثاره ، حال حياته وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، ويتقربون إلى الله تعالى بذلك ، وكما كان حال السلف الصالح رضي الله عنهم من هذه الأمة ومن بعدهم من العلماء الأخيار ، والأيمة الأبرار ، وعليه درج عمل الأمة سلفا عن خلف بلا نكير ، إلا من شذ وتولى غير سبيل المسلمين .

والادلة على أن التبرك بالأنبياء والصالحين وكل شيء ثبتت بركته مشروع، كثيرة فعلى سبيل المثال لا الحصر:
قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 248].
ذكر علماء التفسير : إن هذا التابوت كان عند بني إسرائيل ، وكانوا يستنصرون به ويتوسلون إلى الله تعالى بما فيه من آثار فينصرون ، وهذا هو التبرك بعينه الذي نريده ونقصده ، وقد بين الله تعالى محتويات هذا التابوت فقال:
{وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة: 248].
وهذه البقية مما تركه آل موسى وآل هارون هي – كما في كتب التفسير - : عصا موسى وشيء من ثيابه وثياب هارون ونعلاه وألواح من التوراة وطست من الجنة كانت تغسل فيه قلوب الأنبياء، وفي هذا دلالة على جوزا التبرك بآثار الصالحين ، والمحافظة عليها ، والتوسل بها. انظر: جامع البيان للطبري (2/610) ، زاد المسير لابن الجوزي (1/294) ، الدر المنثور للسيوطي (3/193).

وهذا قميص سيدنا يوسف على نبينا وعليه السلام، قال تعالى:
{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93].
فببركة القميص الذي مسَّ جسد سيدنا يوسف رُدَّ بصر سيدنا يعقوب على نبينا وعليه السلام إليه، قال العلامة الزمخشري رحمه الله : " قيل هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة ، أمره جبريل عليه السلام أن يرسله إليه فإن فيه ريح الجنة ، لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي " .اهـ

و قال أهل التفسير في قوله تعالى : {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31] أي: ذا بركات ومنافع. انظر: الجامع لأحكام القرآن (11/96).

ولا يخفى على أحد من المسلمين تبرك الصحابة – رضي الله عنهم - بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – في حياته وبعد مماته، وحرصهم على مجالسته ومرافقته ، والتبرك بما مسته يده ، أو التصق بأي جزء من جسمه ، كما تبركوا بوضوئه ، وبصاقه ، وعرقه ، ودمه ، وقصعته ، ومشطه ، وشعره ، وآنيته ، ومصلاه ، ومحرابه ، ومنبره ، وكل أثر من آثاره ، صلوات ربي وسلامه عليه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وما يعترض به البعض من أن هذا خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا قول مردود لا دليل عليه، لأننا مأمورون بالاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – حتى تثبت خصوصيته بحكم من الاحكام، ولا دليل على خصوصية النبي – صلى الله عليه وسلم – بالتبرك به دون غيره، اللهم إلا بعض ما خص به – صلى الله عليه وسلم – من طهارة بوله ودمه وبرازه ونحو ذلك، مما أجمع على نجاسته من غيره، فهذا خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم – دون غيره.
وزيادة على هذا فالنبي – صلى الله عليه وسلم – هو الذي أرشدنا إلى التبرك كما في تبركه صلى الله عليه وآله وسلم بتربة المدينة واستشفاؤه بها .

فعن عائشة –رضي الله عنها - : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالأرض – ورفعها : " بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا". رواه البخاري ومسلم .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" قال جمهور العلماء : المراد بأرضنا هنا جملة الأرض ، وقيل : أرض المدينة خاصة لبركتها.اهـ شرح مسلم (14/184).
وقال ابن القيم:
وإذا كان هذا في هذه التربات، فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها، وقد خالطت ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقارنت رقيته باسم ربه، وتفويض الأمر إليه.اهـ زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 172).

وكان صلى الله عليه وسلم يرجو البركة من أيدي المسلمين
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث إلى المطاهر ، فيؤتى بالماء فيشربه ، يرجو بركة أيدي المسلمين ".اهـ المعجم الأوسط (1/242) بإسناد حسن رجاله كلهم ثقات، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (3/30)، والهيثمي في مجمع الزوائد (1/502)، وقال: "رجال الطبراني موثقون".

قال المناوي في فيض القدير (5/199):
"والمطاهر : جمع مِطهرة – بكسر الميم – كل إناء يتطهر منه ، والمراد به هنا نحو الحياض والمساقي والبرك المعدة للوضوء.
وقال أيضا : " قوله ( يرجو بركة أيدي المسلمين ) أي يؤمل حصول بركة أيدي الذين تطهروا من ذلك الماء ، وهذا فضل عظيم وفخر جسميم للمتطهرين ، فيا له من شرف ما أعظمه !!".اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12]

قال الخازن في تفسيره(3/ 202)
"أمر بخلعهما ليباشر بقدميه تراب الأرض المقدسة لتناله بركتها فإنها قدست مرتين".اهـ

وقال ابن كثير: "إنما أمره بخلع نعليه تعظيما للبقعة، قال سعيد بن جبير: كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل (2) الكعبة. وقال أيضا: قوله: {طوى} ... قيل:لأنه قدس مرتين، وطوى له البركة وكررت: والأول أصح.اهـ تفسير ابن كثير (5/ 276).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 42
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى