منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشرح المفيد على متن جوهرة التوحيد (1)

اذهب الى الأسفل

الشرح المفيد على متن جوهرة التوحيد (1) Empty الشرح المفيد على متن جوهرة التوحيد (1)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الأحد أكتوبر 14, 2012 3:18 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لم يزل ولا يزال. وهو الكبير المتعال. خالق الأعيان والآثار. ومكور النهار على الليل والليل على النهار. العالم بالخفيات. وما تنطوي عليه الأرضون والسماوات. سواء عنده الجهر والأسرار. ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير خلق الخلق بقدرته. وأحكمهم بعلمه وخصهم بمشيئته. ودبرهم بحكمته. لم يكن له في خلقهم معين. ولا في تدبيرهم مشير ولا ظهير. وكيف يستعين من لم يزل بمن لم يكن. ويستظهر من تقدس عن الذل بمن دخل تحت ذيل التكوين. ثم كلفهم معرفته. وجعل علم العالمين بعجزهم عن إدراكه إدراكاً لهم. كما جعل إقرار المقرين بوقوف عقولهم عن الإحاطة بحقيقته إيماناً لهم. لا تلزمه لم. ولا يجاوره أين. ولا تلاصقه حيث. ولا تحله ما. ولا تعده كم. ولا تحصره متى. ولا تحيط به كيف. ولا يناله أين. ولا تظله فوق. ولا تقله تحت. ولا يقابله جزء. ولا تزاحمه عند. ولا يأخذه خلف. ولا يحده أمام. ولا تظهره قبل. ولم تفته بعد. ولم تجمعه كل. ولم توجده كان. ولم تفقده ليس. وصفه لا صفة له. وكونه لا أمد له. ولا تخالطه الأشكال والصور. ولا تغيره الآثار والغير. ولا تجوز عليه الحماسة والمقارنة. وتستحيل عليه المحاذاة والمقابلة. إن قلت لم كان فقد سبق العلل ذاته. ومن كان معلولاً كان له غيره علة تساويه في الوجود. وهو قبل جميع الأعيان. بل لا علة لأفعاله. فقدرة الله في الأشياء بلا مزاج. وصنعه للأشياء بلا علاج. وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه.
وإن قلت، أين هو؟ فقد سبق المكان وجوده. فمن أين الأين. لم يفتقر وجوده إلى أين. هو بعد خلق المكان. غني بنفسه كما كان قبل خلق المكان. وكيف يحل في ما منه بدا. أو يعود إليه ما أنشأ. وإن قلت ما هو؟ فلا ماهية له. ما موضوعة للسؤال عن الجنس، والقديم تعالى لا جنس له. لأن وإن قلت كيف هو؟ فمن كيف الكيفية لا يقال له كيف. ومن جازت عليه الكيفية جاز عليه التغيير.
وإن قلت هو. فالهاء والواو خلقه. بل ألزم الكل الحدث كما قال بعض الأشياخ لأن القدم له. فالذي بالجسم ظهوره. فالعرض يلزمه. والذي بالأداة اجتماعه. فقواها تمسكه. والذي يؤلفه وقت. يفرقه وقت. والذي يقيمه غيره. فالضرورة تمسه. والذي الوهم يظفر به. فالتصوير يرتقي إليه. ومن آواه محل. أدركه أين. ومن كان له جنس طالبته كيف. وجوده إثباته. ومعرفته توحيده. وتوحيده تمييزه من خلقه. فما تصور في الأوهام فهو بخلافه. ولا تمثله العيون. ولا تخالطه الظنون. ولا تتصوره الأوهام. ولا تحيط به الأفهام. ولا تقدر قدره الأيام. ولا يحويه مكان. ولا يقارنه زمان. ولا يحصره أمد. ولا يشفعه ولد. ولا يجمعه عدد. قربه كرامته. وبعده إهانته علوه من غير توقل. ومجيئه من غير تنقل. وهو الأول والآخر. والظاهر والباطن. القريب البعيد. الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وأشهد له بالربوبية والوحدانية. وبما شهد به لنفسه من الأسماء الحسنى. والصفات العلى. والنعت الأوفى. ألا له الخلق والأمر. تبارك الله رب العالمين. وأومن به وملائكته وكتبه ورسله. لا نفرق بين أحد من رسله ونحن له مسلمون. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى. وأمينه المرتضى. أرسله إلى كافة الورى بشيراً ونذيراً. وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً. صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين. وأصحابه المنتخبين. وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين. وسلم تسليماً، أما بعد:
فهذا شرح على جوهرة التوحيد، فيه كنز من جواهر الفوائد، وهو بحر مشحون بنفائس الفرائد، في لطائف طالما كانت مخزونة، وعن الإضاعة مصونة، مع تنقيح للكلام، وتوضيح للمرام ،بتقريرات ترتاح لها نفوس المحصلين، وينزاح منها شبه المبطلين، وتضحى أنوارها في قلوب الطالبين، وتطلع نيرانها على أفئدة الحاسدين، لا يعقل بيناتها إلا العالمون، ولا يجحد بآياتها إلا القوم الظالمون، يهتز لها علماء البلاد في كل ناد، ولا يغض منها إلا كل هايم في واد، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلله فما له من هاد، وإذا قرع سمعك ما لم تسمع به من الأولين، فلا تتسرع إلى الانكار وقف وقفة المتأملين، لعلك تطلع بوميض برق إلهي، وتألق نور رباني، من شاطىء الوادي الأيمن في البقعة المباركة على برهان له جلي، أو بيان من الآخرين واضح خفي، والله سبحانه ولي الإعانة والتوفيق، وبتحقيق آمال المؤمنين حقيق.

قال الناظم رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم) بدأ المصنف بالبسملة تبركا واقتداءا بكتاب الله وبسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، ثم إن فيها جارا ومجرورا ومضافا وهو الجار والمجرور ومضافا إليه وصفتين ، فالجار والمجرور: متعلق بفعل محذوف مناسب للمقام تقديره أنظم، والمضاف إليه هو لفظ الجلالة :علم على الذات العلية لا يسمى به غيره ،وهو مشتق من الألوهية على الأصح ،وذكر سيبويه عن الخليل أن أصله إله على وزن فعال ،فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة ، وقال الكسائي والفراء :أصله الإله ،حذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية ،وعلى هذا فالصحيح أنه مشتق من أله الرجل : إذا تعبد ،فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة فالتقت اللام التي هي عينها مع اللام التي هي للتعريف ،فأدغمت إحداهما في الأخرى فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة . انظر (بدائع الفوائد لابن القيم ) 1/22 .

والصفتان الرحمن الرحيم :فيهما تسع أوجه في الإعراب، سبع جائزة واثنان ممنوعة ،فالسبع الجائزة : إما كل منهما مخفوض أومرفوع أومنصوب ،أوالأول مخفوض و الثاني منصوب أو مرفوع ،أو الأول مرفوع والثاني منصوب أو العكس .

فالخفض في كل منهما :على التبعية والنعت للفظ الجلالة
والرفع : على الخبرية لمبتد إ محذوف تقديره هو- أي الله-
والنصب : على المفعولية لفعل محذوف تقديره أمدح، وكل من المبتد إ في حالة الرفع على الخبرية والفعل في حالة النصب على المفعولية لا يظهر لقول الناظم :

وارفع أوانصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أوناصبا لن يظهرا
وتقدير المبتدإ بهو والفعل بأمدح لأجل أن يفهم الطالب لا غير.

وخفض الأول ونصب الثاني : على النعتية للفظ الجلالة في الأول، وعلى المفعولية لفعل محذوف في الثاني تقديره أعني .
وخفض الأول ورفع الثاني : على النعتية في الأول ، وعلى الخبرية لمبتد إ محذوف في الثاني تقديره هو.
ورفع الأول ونصب الثاني : على الخبرية لمبتد إ محذوف في الأول تقديره هو وعلى المفعولية لفعل محذوف في الثاني تقديره أعني
ونصب الأول ورفع الثاني :على المفعولية لفعل محذوف في الأول تقديره أعني وعلى الخبرية لمبتد إ محذوف في الثاني تقديره هو .

وأما الوجهان الممنوعان في الإعراب فاثنان :أحدهما إذا نصب الرحمن فالخفض ممنوع في الرحيم
الثاني : إذا رفع الرحمن فالخفض ممنوع في الرحيم ولذا قال بعضهم في بيت :
إن ينصب الرحمن أو يرتفعا ... فالخفض في الرحيم قطعا منعا.
وعلل المنع بأمورمنها: الفصل بين النعت والمنعوت بأجنبي ،ومنها: أن العرب كانت إذا صرفت وجهها عن شيء كانت لا ترجع إليه.

والحاصل أن الصور التي تقتضيها القسمة العقلية تسع ، سبع جائزة واثنتان ممنوعتان

وأما اشتقاقهما :فالرحمن مشتق من الرحمة مبالغة ،وهو صفة واسم لله تعالى يدل على الرحمة ، قال شيخنا أبوحفصة محمد زدي الورززي : وهي صفة انفعالية لا يستطيع الإنسان تحديدها ،لأن كل صفة انفعالية لايمكن أن يحددها الإنسان بأحسن من لفظها، ومن حددها إنما حدد آثارها فقط وهذا قاصر، فلا يستطيع أحد أن يحددها إلا الله، فنقول إن الرحمة معلومة المعنى ومجهولة الكيفية بالنسبة لله عز وجل، ولكنها معلومة الآثار.

وأما الرحيم :فكذلك مشتق من الرحمة ،والفرق بينه وبين الأول : أن الرحمن يدل على الرحمة العامة ، والرحيم يدل على الرحمة الخاصة، فالعامة لجميع الخلق ،والخاصة للمؤمنين فقط ،لقوله تعالى (وكان بالمومنين رحيما ) .
وقال بعضهم الرحمن يدل على الصفة، والرحيم يدل على الفعل، فمعنى الرحمن :ذو الرحمة الواسعة، والرحيم إيصال الرحمة إلى المرحوم، فيلاحظ في الرحمن الوصف، وفي الرحيم الفعل، وهذا هو الأقرب والله أعلم، ثم قال:

1 الحمد لله على صِلاته *** ثم سلام الله مع صَلاتِهِ.

والحمد لغة :هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، سواء تعلق بالفضائل أو بالفواضل، والفضائل : جمع فضيلة وهي صفات ذات، والفواضل: جمع فاضلة وهي صفات فعل، وجمعها بعضهم في بيتين فقال:

فضائل صفات ذات يا فتى ... فواضل صفات فعل قد أتى
مفرد الأول أتى فضيلــة ... والثاني فاضلة خذ الوسيلة

وأما مورده فاللسان فقط، ومتعلقه الإحسان والكمال.
و أركانه خمسة، الصيغة، والحامد، والمحمود، والمحمود به، والمحمود عليه، وقد جمعها سيدي محمد الإلغي في بيتين من البسيط فقال :

الحمد أركانه المحمود والحامد ... وصيغة ما عليه أوبه حصلا
وقد يرى ذان ذاتا واحدا كالذي ... جاد فقلت جواد فاضل مثلا

وأما الحمد عرفا فهو: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، ومورده اللسان والجنان والأركان، ومتعلقه الإحسان فقط، وبين الحمد اللغوي والحمد العرفي عموم وخصوص وجهي
لصدقهما بالثناء باللسان في مقابلة الإحسان، وينفرد الحمد العرفي بصدقه بغير اللسان في مقابلة الإحسان، وينفرد الحمد اللغوي بالثناء باللسان لأجل الكمال .
وأما الشكرلغة : مثل الحمد عرفا أي فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، فبينه وبين الحمد العرفي الترادف، وبينه وبين الحمد اللغوي، عموم وخصوص وجهي .
والشكر عرفا :صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من سمع وبصر وغير ذلك إلى ما خلق من أجله : وهو إفراد الخالق جل وعلا بالعبادة ، فبين الشكر العرفي و الحمد اللغوي، عموم وخصوص مطلق لشمول متعلق الحمد لله تعالى ولغيره، واختصاص متعلق الشكر بالله تعالى، وبينه وبين الحمد العرفي عموم وخصوص مطلق، وقد جُمعت كل هذه المعاني في أبيات :

الحمد في اللغة لا في العرف ... الوصف بالجميل دون خلـف
لتعظيم الممدوح يا صديـق ... مورده اللسان بالتحقيــــق
علق بالنعمة أو سواهـــا ... حقيقة العرفي لا تنساهـــا
بتعظيم المنعم فعل يخبــر ... من اللسان والجنان يصــدر
وسائر الأركان مما علــقا ... بنعمة لا غيرها فحقــــقا
والشكر في اللغة مثل وذا وما ... بينهما من الترادف اعلــما
وبين كل منهما وبينــــما ... يدعى بحمد لغة فحتـــما
هوالعموم والخصوص في النظام...يجتمعان في اللسان والنعام
والحمد في اللغة أفرد باللسان ... من دونها وغيره بكالجنـان
بإزاء النعم قل لمن طلــب ... فهذه ثلاثة من النســــب
والشكر في اصطلاح وهو العرف... صرفك للجميع فافهم وصفي
فبينه وبين ما تقدمــــا ... من الثلاثة عموم وُســــما
كذلك الخصوص بالإطلاق ... لم ينفرد عنهما بالإتفــــاق
فهذه نسابها الست التــي ... سألتها فادع لنا بالرحــــمة

وأورد الحمد بعد البسملة وإن كان من أفرادها ،لأن المقتصر على التسمية لا يسمى حامدا عرفا، و(ال) في الحمد للجنس أو للإستغراق أو للعهد وهو المختار، أي أحمد الله بذلك الحمد الذي حمد به نفسه، ولو كنت لا أعلمه على التفصيل .

- [على صلاته] : الصلات جمع صلة، وهي العطية، والحمد على الصلات إما بمعنى العطايا فيكون حمداً على الصفة بواسطة، أو بمعنى الإعطاء، وهو أولى، لأنه حمد على الصفة بلا واسطة.

-[ثم سلام الله] : أي تحيته اللائقة به صلى الله عليه وسلم بحسب ما عنده تعالى كما تشعر به إضافته له تعالى، فالمطلوب تحية عظمى بلغت الدرجة القصوى وتكون أعظم التحيات لأنه صلى الله عليه وسلم أعظم المخلوقات * والمراد بالتحية أن يسمعه كلامه القديم الدال على رفعة مقامه العظيم

- [معْ صلاته] : الصلاة لغة :الدعاء ، واصطلاحا :فإن كانت من الله ، فهي ثناء الله عليه في الملإ الأعلى ،قاله أبوالعالية ،ومن غيرالله عز وجل كالملائكة والجن والإنس طلب الثناء عليه من الله أو الإستغفار.

ملاحظة : قال النووي: يستحب الحمد في ابتداء الكتب المصنفة ودرس المدرسين وقراءة الطالبين بين يدي معلميهم، وأحسن العبارات "الحمد لله رب العالمين".
-فائدة: إن إثبات الصلاة والسلام في صدر الكتب والرسائل حدث في ولاية بني هاشم، ثم مضى العمل على استحبابه، ومن العلماء من يختتم بهما كتابه.

قوله: على نبيٍ جاء بالتوحيد *** وقد خلا الدينُ عن التوحيد.

نشرحه في الدرس المقبل -إن شاء الله-

وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليما.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 43
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى