منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شرح العقيدة القيروانية (الجزء الأول)

اذهب الى الأسفل

شرح العقيدة القيروانية (الجزء الأول) Empty شرح العقيدة القيروانية (الجزء الأول)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الأربعاء أغسطس 24, 2011 9:09 pm


بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المغتدي ليطلب علــمـا *** كل علم عبد لعلم الرســـول
تطلب الفرع كي تصحح أصلا *** كيف أغفلت علم أصل الأصول
قال الشافعي (رحمه الله):
كل العلوم سوى القرآن مشغلـة *** إلا الحديث وإلا الفقه في الديـن
العلم ما كان فيه قــال حدثنا *** وما سوى ذاك وسواس الشياطين
إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذا شرح مفيد، على مختصرفريد، في العقيدة الإسلامية، للشيخ أبي محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني (رحمه الله) .
وهذا المُخْتَصر في العقيدة مهمّ جداً، وهو جزء مقـتطع من كتاب المؤلِّف المسمى بالرسالة، والتي تحتوي على الفقهين، الأكبر وهو المسمى بالأصول، والأصغر وهو المسمى بالفروع، أي أبواب العبادات والمعاملات، وختمه بجمل من الفرائض والسنن والرغائب،
وقد اخترنا هذه الرسالة لعدة أسباب:
السبب الأول أن الإمام القيرواني من المتقدمين .
الثاني: أن هذه الرسالة رسالة مختصرة نافعة تلقاها العلماء بالقبول، وقد احتوت على علم غزير، رغم اختصارها .
الثالث: أن هذا الإمام القيرواني كان على طريقة السلف الصالح في الأصول كما أخبر عنه الذهبي .
الرابع: علو سند المؤلف، فقد كان يروي عن سحنون بواسطة، وعن ابن القاسم بواسطتن، وعن مالك بثلاث، ولذا لقب (بمالك الصغير)
وهذه الرسالة ألفها الإمام القيرواني نزولاً عند رغبة صديق من أصدقائه، كان يقوم بتعليم الصبيان والولدان، فكتب له هذه الرسالة ليقوم صديقه المعلم المؤدب لصبيان المسلمين، بتعليمهم هذه الرسالة وتلقينهم إياها.
وكما هي العادة، لا بد لنا قبل أن نشرع في هذا الفن من شيئين أساسيين،
الأول - ترجمة مختصرة للمؤلف
الثاني - الوقوف على المبادئ العشرة التي جمعها محمد بن علي الصبان عليه رحمة الله في قوله:
إِنَّ مَبادِئ كُلِّ فَنٍّ عَشــَرَه ... الحَدُّ وَالموضُوعُ ثُمَّ الثَّمــَرَه
وَنِسْبَةٌ وَفَضْلُهُ وَالوَاضِـــعْ ... وَالاِسْمُ الِاسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
مَسَائِلٌ والبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى ... وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَا
إذ لابُدَّ لكل شارع في فن من الفنون أن يتصوره قبل الشروع فيه؛ ليكون على بصيرة فيه؛ وإلا صار كمَن ركب متنَ عمياء، وخبَط خبْط ناقةٍ عشواء .
أولا - ترجمة مختصرة لابن أبي زيد القيرواني
هو عبد الله أبو محمد بن أبي زيد، واسم أبي زيد عبد الرحمن، سكن القيروان، وكان إمامَ المالكية في وقته وقُدوتَهم، وجامعَ مذهب مالك، وشارحَ أقواله، وكان واسعَ العلم، كثيرَ الحفظ والرواية، وكُتُبُه تشهدُ له بذلك، فصيحَ القلم، ذا بيان ومعرفة بما يقوله، بصيراً بالردِّ على أهل الأهواء، يقول الشِّعرَ ويُجيدُه، ويجمع إلى ذلك صلاحاً تامًّا وورعاً وعفَّةً، وحاز رئاسةَ الدِّين والدنيا، وإليه كانت الرِّحلةُ من الأقطار، ونجب أصحابُه وكَثُر الآخذون عنه.
وعرف قدرَه الأكابرُ، وكان يُعرف بمالك الصغير، قال فيه القابسي: "هو إمامٌ موثوقٌ به في ديانته وروايته"، واجتمع فيه العلمُ والورعُ والفضلُ والعقل، شُهرته تُغنِي عن ذِكره، وكان سريعَ الانقياد والرجوع إلى الحقِّ، تفقَّه بفقهاء بلده، وسمع من شيوخها، وعوَّل على أبي بكر بن اللباد، وأبي الفضل القيسي، وسمع منه خلقٌ كثيرٌ، وتفقَّه به جلَّة، وكانت وفاته سنة (386 هـ) ، له كتاب النوادر والزيادات على المدونة مشهور،وله أزيد من مائة جزء، وله كتاب مختصر المدونة، وهو مشهور أيضاً، وعلى كتابيه هذين المعوَّل في التفقه، وله الرسالة، وغيرها من المؤلَّفات الكثيرة المذكورة في الديباج المذهب لابن فرحون المالكي (ص: 136 - 138) .
وكلُّ ما مرَّ منقول باختصار من هذا الكتاب، قال فيه الذهبي في أوَّل ترجمته في سير أعلام النبلاء (17/10) : "الإمام العلاَّمةُ القُدوة الفقيه، عالم أهل المغرب".
وقال في آخرها: "وكان - رحمه الله - على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلامَ ولا يتأول اهـ .
ثانيا: المبادئ العشرة للعقيدة هي:
1ــ الحد وهو التعريف، فنقول: العقيدة لغة: من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوة، والتماسك، والمراصة، والإثبات؛ ومنه اليقين والجزم. والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقداً، ومنه عقدة اليمين والنكاح، قال الله تبارك وتعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89].
والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد، وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أم باطلاً .
و(العقيدة) في الاصطلاح: هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك. أي: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، ويجب أن يكون مطابقاً للواقع، لا يقبل شكاً ولا ظنا؛ فإن لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة. وسمي عقيدة؛ لأن الإنسان يعقد عليه قلبه (الوجيز في عقيدة السلف)- ص30
أوهي الإيمان الجازم بالله، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح. والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والتحكيم والاتباع( مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة) - ص9
وعرفها المتكلمون فقالوا: ما يبحث فيه عن ذات الله تعالى ، وصفاته ، وأحوال الممكنات في المبدأ والمعاد ، على قانون الإسلام ، وقيل : علم يبحث فيه عن الأعراض الذاتية للموجود من حيث هو هو على قانون الإسلام ، وقيل : علم يقدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبهة، وهذا هو طريق المناطقة في الحدود، يتقيدون بتعريفات مدققة مختصرة يرد عليها كثير من الاعتراضات، ثم يجاب عن تلك الاعتراضات، لذا فإن التعريفين المتقدمين أوضح وأحسن .
2 ــ وموضوع العقيدة: التوحيد ، والإيمان ، والإسلام ، والغيبيات ، والنبوات ، والقدر ، والأخبار ، وأصول الأحكام القطعية ، وسائر أصول الدين والاعتقاد ، ويتبعه الرد على أهل الأهواء والبدع وسائر الملل والنحل الضالة ، والموقف منهم .
3 ــ وثمرة هذا العلم أو فائدته: معرفة الله، والفوز بسعادة الدارين والظفر بالدنيا و الاخرة ، والترقي من حضيض التقليد، إلى ذروة الإيقان، وإرشاد المسترشدين، بإ يضاح الحجة لهم، وإلزام المعاندين بإقامة الحجة عليهم، وحفظ قواعد الدين عن أن تزلزلها شبهة المبطلين .
4 ــ ونسبته إلى غيره من العلوم: أنه من العلوم الشرعية
5 ــ وفضله: أنه من أشرف العلوم و أفضلها و أنفعها و أجلها , لأن شرف العلم بشرف المعلوم,والمعلوم في هذا العلم هو الله تعالى .
لذلك كان علم العقيدة أفضل العلوم على الإطلاق، ومن أجل هذا بعث الله الأنبياء و الرسل، و أنزل الكتب، و شرع الجهاد، و قام سوق الجنة و النار.
6 ــ وواضع هذا العلم: هو الله تعالى، بواسطه رسله عليهم السلام وهذا يدل على عظمة هذا العلم وعلو قدره، وأما من فصله وأخرجه عن غيره من العلوم؟ فقد اختلف فيه، فقالت طائفة: الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي، وقيل: أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري،واشتهر بأنه واضع هذا العلم؛ لأنه جمع مذاهب الفرق المختلفة في مجالات العقيدة في كتاب له سماه (مقالات الإسلاميين)، وهذا الكتاب مطبوع ومتداول ومروي عنه بالأسانيد، ولكن هذا القول مرجوح، إلا إن قُصِد به أنه أول من رد على الشبه التي أوردتها المعتزلة وغيرهم على طريقة أهل الكلام، وإلا فقد سبقه جمع من أهل العلم، كأبي حنيفة كما سبق، وقيل: أن الإمام مالك ألف فيه رسالة، وكما ثبت أن الإمام ابن وهب (رحمه الله) الذي توفي سنة (197هـ) وضع كتابا في القدر على طريقة المحدثين، ووضعه أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224هـ) في كتاب سماه الإيمان، وتبعه على هذا كثيرون، كابن أبي شيبة رحمه الله (ت: 235هـ) والإمام أحمد رحمه الله (ت: 240هـ) وابن سريج البغدادي رحمه الله (ت: 306هـ)، وابن خزيمة رحمه الله (ت: 311هـ) وغيرهم .
7 ــ اسم هذا العلم: العقيدة وله أسماء أخرى ترادفه ، وتختلف هذه الأسماء يين أهل السنة وغيرهم ، فمن مسميات هذا العلم عند أهل السنة :
1- التوحيـد : لأنه يدور على توحيد الله بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات ، فالتوحيد هو أشرف مباحث علم العقيدة وهو غايتها ، فسمي به هذا العلم عند السلف تغليباً .
2- السـنـة : والسنة الطريقة ، فأطلق على عقيدة السلف السُّنة لاتباعهم طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في ذلك .
وهذا الإطلاق هو السائد في القرون الثلاثة الفاضلة .
3 - أصول الدين : وأصول الديانة ، والأصول هي أركان الإيمان وأركان الإسلام ، والمسائل القطعية وما أجمع عليه الأئمة .
4 - الفقه الأكـبر : وهو يرادف أصول الدين ، مقابل الفقه الأصغر وهو الأحكام الاجتهادية .
5 - الشريعـة : أي ما شرعه الله ورسوله من سنن الهدي، وأعظمها أصول الدين .
6 - الإيمان : ويشمل سائر الأمور الاعتقادية .
وهناك اصطلاحات أخرى تطلقها بعض الفرق على هذا العلم ، من أشهرها.
1 - علم الكلام : وهذا الإطلاق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة ، كالمعتزلة والأشاعرة ، ومن يسلك سبيلهم .
2 - الفلسفة : عند الفلاسفة ومن سلك سبيلهم ، وهو إطلاق لا يجوز في العقيدة لأن الفلسفة مبناها على الأوهام والعقليات الخيالية ، والتصورات الخرافية عن أمور الغيب المحجوبة .
3 - التصوف : عند بعض المتصوفة والفلاسفة ، والمستشرقين ومن نحا نحوهم .
4 - الإلهيات : عند أهل الكلام والفلاسفة والمستشرقين وأتباعهم وغيرهم .
5 - ما وراء الطبيعة : أو " الميتافيزيقيا " كما يسميها الفلاسفة والكتاب الغربيون ومن نحا نحوهم ، وهي قريبة من معنى الإلهيات .
8 ــ استمداد هذا العلم: من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولكن ترتيب حججه يرجع فيه إلى علم الجدل وعلم المنطق إذا احتِيج إليهما لرد شبه الفلاسفة والملحدين، فهم لا يعترفون بالأدلة النقلية، لذا فهما قالب ومعيار يوزن فيه كل شيء، فيمكن أن يستغلا في أي علم من العلوم، فإذا أردنا إثبات أي شيء عن طريق العقل، فإننا لابد أن نرجع إلى القواعد المنطقية،.
9 ــ وحكم هذا العلم: أنه فرض عين على كل مكلف، من ذكر وأنثى، وذلك بالأدلة الإجمالية، وأما بالأدلة التفصيلية ففرض على الكفاية.
10 ــ مسائل هذا العلم: قضاياه الكلية الباحثة في أحكام الألوهية، وعصمة الرسل، وقضايا اليوم الآخر ونحو ذلك،
وفي هذا القدر كفاية، وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين .
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 43
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى