المرجع الأمين في شرح المرشد المعين (2)
صفحة 1 من اصل 1
المرجع الأمين في شرح المرشد المعين (2)
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وصحبه وآله،أما بعد: بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا هو الدرس الثاني من شرحنا لمتن ابن عاشر في الفقه المالكي، نسأل الله تعالى أن ينفعنا به، قال رحمه الله:
وَبَعْدُ فَالْعَونُ مِنْ الله الْمَجِيْد ... فِي نَظْمِ أَبْيَاٍت لِلاُمِّيِّ تُفِيدُ
فِي عَقْدِ الآشْعَرِي وفِقْهِ مَالِكِ ... وَفِي طَرِيقِةِ الْجُنَيْدِ السَّالِكِ
قوله: [وبعد] الواو نائبة عن " أما " و " أما " نائبة عن " مهما يكن " و " بعد " ظرف مبني لتضمنه معنى الحرف وهي الإضافة لحذف المضاف إليه ونية الإضافة به، وحرك لالتقاء الساكنين وضم لتكمل له الحركات؛ لأنه إذا ذكر معه المضاف إليه، أو نوي لفظه ينصب على الظرفية أو يجر بمن بلا تنوين فإن لم ينو لفظه ولا معناه نصب عليها، أو جر بمن منونا يحتمل أنه زماني باعتبار النطق وأنه مكاني باعتبار الكتابة، والمختار تعلقه بجواب مهما التي نابت عنها الواو بواسطة نيابتها عن أما والتقدير: مهما يكن من شيء في الوجود بعد التسمية والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قوله: [ ف] رابطة بين الشرط المقدر وجوابه، أي: فمطلوبي، [ العون ] خبر لمبتدإ محذوف والعون والاعانة لغة: المساعدة، والظهور على الامر، وشرعا: خلق القدرة على الفعل مطلقا، وكثيرا ما يطلق بمعنى التوفيق، وهو خلق القدرة على الفعل المحمود، وإنما طلب العون من الله لأن من أعانه الله تيسرت جميع مطالبه، ونجحت مآربه، ومن لم يعنه لم يحصل على طائل، وإن كد في دهر طائل، قال بعض الفضلاء:
إذا كان عون الله للمرء ناصرا ... تهيأ له من كل صعب مراده
وإن لم يكن عون من الله للفتى ... فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
وقوله: [من الله ] جار ومجرور، متعلق بالعون، [المجيد ] صفة لله، وهو الذي انتهى في الشرف وكمال الملك وإتساعه إلى غاية لايمكن المزيد عليها ولاالوصول إلى شيء منها، [في] أي: على، لأن الاستعانة وما تصرف منها إنما تتعدى للمفعول الثاني بحرف "على" [نظم] لغة: الجمع، ومنه نظمت العقد إذا جمعت جواهره على وجه يستحسن، واصطلاحا: الكلام الموزون الذي قصد وزنه فارتبط لمعنى وقافية، وقوله: [أبيات] جمع بيت، وهو مجموع الشطرين ولو من الرجز على المعتمد، وفيه وضع جمع القلة موضع جمع الكثرة وذلك كثير، ويقل عكسه بناء على عدم اتفاقهما في المبدإ، لقول ابن مالك:
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي ... كأرجل والعكس جاء كالصفي
وقوله: [للامي] متعلق بتفيد، وهو المنسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادة أمهاتها ولم تتعلم الكتابة ولا القراءة، والمراد هنا، ما هو أعم من كل من يجهل ما احتوى عليه هذا النظم، مما يجب عليه تعلمه ولا يسعه تركه من العقائد والفقه والتصوف، وإن كان يقرأ ويكتب، وجملة: [تفيد] للأمي، صفة أبيات.
قوله: [في عقد] متعلق بمحذوف صفة ثانية لأبيات، أو حال منها لتخصيصه بجملة "تفيد" وهو مصدر عقد إذا جزم، وأضافه إلى [الاشعري] أبي الحسن علي بن إسماعيل بن بشر بن إسحق بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، لأنه أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة والجماعة وتلخيصها، ودفع الشكوك والشبه عنها، وإبطال دعوى الخصوم ، وجعل ذلك علما مفردا بالتدوين، وإليه تنسب جماعة أهل السنة ويلقبون بالاشاعرة والأشعرية ، وهو مالكي المذهب، ألف التصانيف لأهل السنة، وأقام الحجج على إثبات السنن وما نفاه أهل البدع في صفاته تعالى ورؤيته وغيرذلك مما أنكروه من أمر المعاد، فلما كثرت تآليفه وانتفع بقوله وظهر لأهل العلم ذبه عن الدين، تعلق أهل السنة بكتبه وكثرت أتباعه فنسبوا إليه وسموا باسمه، مولده: عام سبعين وقيل ستين ومائتين بالبصرة، وتوفي: عام أربع وثلاثين وثلثمائة (334 هـ) ببغداد ودفن بين الكوخ وباب البصرة، والى عام وفاته أشار بحروف الجمل من قال:
والأشعري إمامنا علي سدل ... ثوب العقائد ومات بسدل.
[و] في [فقه] أي: مذهب، والفقه لغة: الفهم مطلقاً، سواء ما ظهر أو خفي، واصطلاحا عند الأصوليين: " العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية المستمدة من الأدلة التفصيلية" .اهـ وعند الفقهاء: " مجموعة الأحكام والمسائل الشرعية العملية"، والمراد هنا: ما قاله الامام أبو عبدالله [مالك] بن أنس بن أبي عامر الأصبحي الملقب بإمام دار الهجرة - رضي الله عنه – أو قاله أحد من أصحابه أو من بعدهم ممن يوثق به مما كان جارياً على قواعده وضوابطه وأصول مذهبه، لا ما ذهب إليه وحده، وقد أخذ – رحمه الله ورضي عنه - عن تسعمائة شيخ، ثلثمائةٍ من التابعين، وستمائةٍ من تابعيهم ممن اختاره وارتضاه لدينه وفقهه وقيامه بحق الرواية، ولد - رضي الله عنه - عام سبعٍ وتسعين من الهجرة (97 هـ) وتوفي صبيحة يوم الأحد رابع عشرٍ ربيع الأول عام تسع وسبعين ومائةٍ (179 هـ) والى عام وفاته أشار بحروف الجمل من قال:
ومالك إمامنا قد انقطعْ ... إلى لقاء ربه عام قطع.
[وفي] أي: على [طريقة] لغة: هي السيرة، وطريقة الرجل: مذهبه، يقال: هو على طريقة حسنة وطريقة سيئة. واصطلاحا: اسم لمنهج أحد العارفين في التزكية والتربية والأذكار والأوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى معرفة الله، فينسب هذا المنهج إليه ويعرف باسمه، فيقال الطريقة الفلانية نسبة الى اسمه، وخص الناظم طريقة الإمام أبي القاسم [الجنيد] بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز، بالاقتصار عليها وإن كانت طريقة غيره على هدى من الله أيضا، لأنها أقوى طرق القوم ولتحريرها على الشريعة تحريرا أصح من غيرها، ويكفي أن العلماء قولوا فيه: أنه سيد الطائفة علماً وعملاً، وقال أحد معاصريه: ما رأت عيناي مثله، الكتبة يحضرون مجلسه لألفاظه والشعراء لفصاحته والمتكلمون لمعانيه، وقال الزركلي: " من العلماء بالدين. مولده ومنشأه ووفاته ببغداد. أصل أبيه من نهاوند، وكان يعرف بالقواريري نسبة لعمل القوارير، وقال أيضا: "وعرف – رضي الله عنه - بالخزاز، لأنه كان يعمل الخز،. وهو أول من تكلم في علم التوحيد ببغداد. وقال ابن الأثير في وصفه: إمام الدنيا في زمانه. وعده العلماء شيخ مذهب التصوف، لضبط مذهبه بقواعد الكتاب والسنة، ولكونه مصونا من العقائد الذميمة، محميّ الأساس من شُبه الغلاة، سالما من كل ما يوجب اعتراض الشرع. من كلامه: طريقنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به".اهـ
توفي رضي الله عنه عام سبعٍ وتسعين ومائتين، ولم أجد من نظم عام موته، فأشرت الى عام موته بـلفظ "رزيف" في قولي:
مات الجنيد سيد الصوفية ... عام "رَزِيفٍ" وهو ذو ولاية
فالراء بحساب الجمل تعني: (200) و الزاي (7) و الياء (10) و الفاء (80) فالمجموع (297 هـ) ، وبالله التوفيق، وقوله: [السالك] هو الذي يقتفي سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – ولم يحد عنها قيد شبر.اهـ
وصلى الله وسلم على واسطة عقد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى