الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة
صفحة 1 من اصل 1
الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة
بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
قال مالك في الموطأ:
باب الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة
حدثني يحيى، عن مالك، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله أنه قال: «نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة» اهـ (موطأ مالك ت عبد الباقي (2/ 486)
شــــرح الحــــديــــث:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(عن مالك عن أبي الزبير) محمد بن مسلم المكي (عن جابر بن عبد الله) - رضي الله عنهما - (أنه «قال: نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية» ) بضم الحاء المهملة وتخفيف الياء على الأشهر الأكثر حتى قال ثعلب: لا يجوز فيها غيره.
وقال النحاس: لم يختلف من أثق بعلمه في أنها مخففة وبتشديدها عند كثير من المحدثين واللغويين، وأنكر كثير من أهل اللغة التخفيف: واد بينه وبين مكة عشرة أميال أو خمسة عشر ميلا على طريق جدة، ولذا قيل: إنها على مرحلة من مكة أو أقل من مرحلة ( «البدنة [ تطلق في اللغة: على بهيمة الانعام، وكثر استعماله في الابل، و البدنة والهدى ما ابتدئ إهداؤه عند الإحرام والجزور ما اشتري بعد ذلك لينحر مكانها، قال القاضي في المشارق: وهي مختصة بالإبل سميت بذلك مما تقدم لسمنها وعظم جسمها]عن سبعة [من الأشخاص] والبقرة عن سبعة» ) أي: أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أشركهم في الأجر .
ووجهه أن المحصر بعدو لا يجب عليه هدي عند مالك خلافا لأشهب وأبي حنيفة والشافعي، فكأن الهدي الذي نحروه تطوع، فلم ير مالك الاشتراك في الهدي الواجب ولا في الضحية، واختلف قوله في هدي التطوع فقال: في الموازية والواضحة: يجوز الاشتراك وحمل عليه حديث الباب وإليه أشار في الموطأ بقوله:" وإنما سمعنا الحديث أنه لا يشترك في النسك وإنما يكون عن أهل البيت الواحد ".
وروى ابن القاسم عنه: لا يشترك في هدي واجب ولا تطوع وهو المشهور، وقد ضعف قول أشهب ومن وافقه بوجوب الهدي على المحصر بعدو لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] أي: مكة أو منى، والمحصر بعدو يحلق في أي محل أحصر كما : «حلق - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية» ، والحديث رواه مسلم عن قتيبة ويحيى وأبو داود والترمذي عن قتيبة الثلاثة عن مالك به.
والخلاصة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنه لا يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية الواحدة بين اثنين فصاعدا، سواء كانت شاة أو بقرة أو بدنة، هذا مذهبنا خلافا للجمهور في الأخيرين، لأن النسك لا يتبعض، فإن اشتركوا في الثمن بأن دفع كل واحد جزءا منه، بأن كانت مشتركة بينهم فلا تجزئ عن واحد منهم.
وأما الحديث فهو محمول عند مالك، على أن الهدي الذي ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية كان تطوعا فأشركهم في ثوابه لا في الملك بالثمن كما صنع بعلي في حجة الوداع إذ أشركه في الهدي الذي ساقه تطوعا، قاله ابن عبد البر في التمهيد.
قلت: أبو الزبير هذا صدوق ولكنه يدلس، وقال أبو حاتم: "لا يحتج به" وقال العلائي: ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر، وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيها أبو الزبير عن جابر، وليست من طريق الليث، وكأن مسلماً ـ رحمه الله ـ اطلع على أنها مما رواه الليث عنه، وإن لم يروها من طريقه. والله أعلم.
أما التشريك في الأجر قبل الذبح لا بعده فيجوز بشروط ثلاثة، ولو أشرك في أجرها أكثر من سبعة:
الشرط الاول: أن يكون الذي وقع تشريكه قريبا للمضحي، كابنه وأخيه وابن عمه وتلحق به الزوجة أو بأي وجه من أوجه القرابة.
الشرط الثاني: أن يكون في نفقته، سواء كان الإنفاق واجبا على المضحي كأب وابن فقيرين، أو غير واجب كالأخ وابن العم.
الشرط الثالث: أن يكون ساكنا معه في دار واحدة بأن كان يغلق معه الباب ولو تعددت جهات تلك الدار، فإذا توفرت هذه الشروط، سقطت الأضحية عن الذي وقع تشريكه ولو كان غنيا.
وهذه الشروط تشترط إذا أدخل المضحي معهم نفسه، أما إذا ضحى عن جماعة دون أن يدخل نفسه معهم فتصح سواء توفرت هذه الشروط أم لا، أفاده اللخمي.
تنبيه مهم:
قد وهمت "حاجة كوكب عبيد" مؤلفة كتاب "فقه العبادات على المذهب المالكي" فقالت:
" ويصح الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإِبل والبقر بشرط أن يكون نصيب كل واحد لا يقل عن السبع، فإذا كانوا أكثر من سبعة أشخاص فلا يصح الاشتراك، لحديث جابر رضي اللَّه عنه قال: "نحرنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة. والبقرة عن سبعة" اهـ.
فهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة، وليس مذهب مالك، فلينتبه لهذا الخطأ.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
قال مالك في الموطأ:
باب الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة
حدثني يحيى، عن مالك، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله أنه قال: «نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة» اهـ (موطأ مالك ت عبد الباقي (2/ 486)
شــــرح الحــــديــــث:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(عن مالك عن أبي الزبير) محمد بن مسلم المكي (عن جابر بن عبد الله) - رضي الله عنهما - (أنه «قال: نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية» ) بضم الحاء المهملة وتخفيف الياء على الأشهر الأكثر حتى قال ثعلب: لا يجوز فيها غيره.
وقال النحاس: لم يختلف من أثق بعلمه في أنها مخففة وبتشديدها عند كثير من المحدثين واللغويين، وأنكر كثير من أهل اللغة التخفيف: واد بينه وبين مكة عشرة أميال أو خمسة عشر ميلا على طريق جدة، ولذا قيل: إنها على مرحلة من مكة أو أقل من مرحلة ( «البدنة [ تطلق في اللغة: على بهيمة الانعام، وكثر استعماله في الابل، و البدنة والهدى ما ابتدئ إهداؤه عند الإحرام والجزور ما اشتري بعد ذلك لينحر مكانها، قال القاضي في المشارق: وهي مختصة بالإبل سميت بذلك مما تقدم لسمنها وعظم جسمها]عن سبعة [من الأشخاص] والبقرة عن سبعة» ) أي: أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أشركهم في الأجر .
ووجهه أن المحصر بعدو لا يجب عليه هدي عند مالك خلافا لأشهب وأبي حنيفة والشافعي، فكأن الهدي الذي نحروه تطوع، فلم ير مالك الاشتراك في الهدي الواجب ولا في الضحية، واختلف قوله في هدي التطوع فقال: في الموازية والواضحة: يجوز الاشتراك وحمل عليه حديث الباب وإليه أشار في الموطأ بقوله:" وإنما سمعنا الحديث أنه لا يشترك في النسك وإنما يكون عن أهل البيت الواحد ".
وروى ابن القاسم عنه: لا يشترك في هدي واجب ولا تطوع وهو المشهور، وقد ضعف قول أشهب ومن وافقه بوجوب الهدي على المحصر بعدو لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] أي: مكة أو منى، والمحصر بعدو يحلق في أي محل أحصر كما : «حلق - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية» ، والحديث رواه مسلم عن قتيبة ويحيى وأبو داود والترمذي عن قتيبة الثلاثة عن مالك به.
والخلاصة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنه لا يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية الواحدة بين اثنين فصاعدا، سواء كانت شاة أو بقرة أو بدنة، هذا مذهبنا خلافا للجمهور في الأخيرين، لأن النسك لا يتبعض، فإن اشتركوا في الثمن بأن دفع كل واحد جزءا منه، بأن كانت مشتركة بينهم فلا تجزئ عن واحد منهم.
وأما الحديث فهو محمول عند مالك، على أن الهدي الذي ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية كان تطوعا فأشركهم في ثوابه لا في الملك بالثمن كما صنع بعلي في حجة الوداع إذ أشركه في الهدي الذي ساقه تطوعا، قاله ابن عبد البر في التمهيد.
قلت: أبو الزبير هذا صدوق ولكنه يدلس، وقال أبو حاتم: "لا يحتج به" وقال العلائي: ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر، وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيها أبو الزبير عن جابر، وليست من طريق الليث، وكأن مسلماً ـ رحمه الله ـ اطلع على أنها مما رواه الليث عنه، وإن لم يروها من طريقه. والله أعلم.
أما التشريك في الأجر قبل الذبح لا بعده فيجوز بشروط ثلاثة، ولو أشرك في أجرها أكثر من سبعة:
الشرط الاول: أن يكون الذي وقع تشريكه قريبا للمضحي، كابنه وأخيه وابن عمه وتلحق به الزوجة أو بأي وجه من أوجه القرابة.
الشرط الثاني: أن يكون في نفقته، سواء كان الإنفاق واجبا على المضحي كأب وابن فقيرين، أو غير واجب كالأخ وابن العم.
الشرط الثالث: أن يكون ساكنا معه في دار واحدة بأن كان يغلق معه الباب ولو تعددت جهات تلك الدار، فإذا توفرت هذه الشروط، سقطت الأضحية عن الذي وقع تشريكه ولو كان غنيا.
وهذه الشروط تشترط إذا أدخل المضحي معهم نفسه، أما إذا ضحى عن جماعة دون أن يدخل نفسه معهم فتصح سواء توفرت هذه الشروط أم لا، أفاده اللخمي.
تنبيه مهم:
قد وهمت "حاجة كوكب عبيد" مؤلفة كتاب "فقه العبادات على المذهب المالكي" فقالت:
" ويصح الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإِبل والبقر بشرط أن يكون نصيب كل واحد لا يقل عن السبع، فإذا كانوا أكثر من سبعة أشخاص فلا يصح الاشتراك، لحديث جابر رضي اللَّه عنه قال: "نحرنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة. والبقرة عن سبعة" اهـ.
فهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة، وليس مذهب مالك، فلينتبه لهذا الخطأ.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى