الدرس السادس من دروس علم العروض والقافية
صفحة 1 من اصل 1
الدرس السادس من دروس علم العروض والقافية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:
فهذا هو الدرس السادس من دروس علم العروض والقافية:
بحـر الطويل
أ- سبب التسمية :
قيل إن بحر الطويل سمى بهذا الاسم لأنه " طال بتمام أجزائه".
ب- من الخصائص الموسيقية لهذا البحر :
إن هذا البحر يشيع فى الشعر العربى القديم بصورة كبيرة - فهو " بحر يلقى ظله - كما يقال على ثلث الشعر القديم ، ويشتمل على ثمان وعشرين مقطعا ، ومن المعروف أنه هو والبسيط من أطول البحور وأحفلها بالجلال والرصانة والعمق ، ومن الملاحظ أن بحر الطويل يعطى امكانيات للسرد ، وللبسط القصصى ، والعرض الدرامى ، ولهذا نجده يكثر فى أشعار السير والملاحم واحتواء الأساطير .
والمعانى الجادة - كما يرى ابن العميد - لا تؤدى إلا بنفس طويل، ولا تتلاءم إلا مع الأعاريض الطويلة " .
ويمكن أن نفسر ظاهرة قلة نظم الشعراء المعاصرين على البحر " الطويل " انهيار نسبة هذا البحر فى العصر الحديث ، كما يقول د/ إبراهيم أنيس ، حيث قد مضى زمانه ولم تعد له المنزلة الأولى التى ألفناها فى أشعار القدماء .
ويرجع ذلك إلى ندرة الملاحم وفن السير الشعرية ، والقصائد الملحمية فى العصر الحديث ، وبرغم ذلك فالبحر لم ينقرض ومازالت أمواجه متدفقة .
جـ- تفاعيل البحر الطويل:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
- وتتشكل صورته الموسيقة فى ثلاثة اشكال :
1- الشكل الأول :
أ: العروض مقبوضة دائما (مفاعلن) والضرب مقبوض مثلها:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
ومنه قول المتنبى :
على قدر أهل العزم تأتى العزائم وتأتى على قدر الكرم المكارم
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعـلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
2- الشكل الثانى :
العروض مقبوضة والضرب صحيح " مفاعيلن " ومنه قول أبى تمام مفتخرا :
وقالت أتنس البدرُ قلت تجلُّداً إذا الشمس لم تغرُب فلا طلع البدرُ
ألنّا الأكُفَّ بالعطاء فجاوزت مدى اللين إلا أن أعرضَنا الصخرُ
كأن عطايانا يناسبن من أتى ولا نسـبٌ يدنيـه منّا ولا صِهْرُ
إذا زينةُ الدنيا من المال أعرضتْ فأزينُ منها عندنا الحمدُ والشكرُ
ويلاحظ أن أبا تمام قد غير "مفاعيلن" فى حشو البيت إلى "مفاعلن"، ومع أن هذا التغيير مقبول عند العروضيين ، واردا فى شعر القدامى إلا د. إبراهيم أنيس يستقبح هذا التغيير فى مفاعيلن وتحويلها إلى مفاعلن فى حشو البيت ويقول عنها: "فهى صورة نادرة لا تستريح إليها الآذان ، وقد رويت فى بعض أبيات الشعر القديم ، ولكنا لا نكاد نراها فى شعر حديث".
وحاول د/ إبراهيم أنيس أن يغير من رواية الأبيات التى جاء فيها هذا التغيير ، وهو تغير ليس بالقليل حسب الإحصاء الذى أورده، فقد وردت "مفاعلن" فى معلقة امرئ القيس عشر مرات، وفى معلقة زهير أربع مرات، وفى معلقة طرفة ثمانى مرات. وفسر ذلك بقوله: "لعل انحرافا فى رواية المعلقات هو الذى جاءنا بتلك الحالات التى رويت فى شعر الجاهلين"
وأبو تمام يأتى بها فى العصر العباسى ولا يشعر بحرج ، ولا اضطراب موسيقى فى قوله :
ألنا الأكف بالعطاء فجاوزت مدى اللين إلا أن أعراضنا الصخر
فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعـولن مفاعليـن
ويقول أبو تمام فى قصيدة أخرى :
نجوم طوالع جبال فـوارع غيوث هوامع سيول دوافـع
فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن
فالشاعر هنا استخدم "مفاعلن" فى حشو البيت مرتين فى بيت واحد وجاءت العروض على الوزن نفسه "مفاعلن"، والضرب جاء على الوزن نفسه "مفاعلن" ومع ذلك لم نشر باضطراب موسيقى، بل حسن التقسيم عند أبى تمام، أو لجوؤه إلى فن صيغ البيت بصيغة موسيقية زاهية متموجة.
وهذه الدلائل تجعلنا نقبل " مفاعلن " فى حشو البيت ولا نرفضها ولا نتهم أشعار الأقدمين بضعف الرواية وفساها .
3- الشكل الثالث :
العروض مقبوضة " مفاعلن " والضرب محذوف " مفاعى " وينقل إلى " فعولن "
- ومنه قول أبى فراس الحمدانى يخاطب سيف الدولة :
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذى فوق التراب تراب
فياليت ما بينى وبينك عامـر وبينى وبين العالمين خراب
ويقول ابن زيدون :
إذا راق حسن الروض وفاح طيبه فما ضرّه أن طـنّ فيـه ذباب
وإن يك فى أهل الزمان مؤمّـل فأنت الشراب العذب وهو سراب
ينوب / عن المدا / ح منـ / ى واحد
فعول / مفاعيلن / فعول / مفاعلن
جميع الـ / خالصال ليـ /س عنه / مناب فعولن / مفاعلن / فعولن / مفاعى
ونلاحظ أن ابن زيدون جاء فى حشو البيت بالتفعيلة مقبوضة "مفاعلن" مما يشير إلى أن هذا التغيير جائز مستساغ فى موسيقى البحر الطويل.
بحـر البسيط
أ- سبب التسمية :
سمى البسيط بهذا الاسم لأنه ـ كما يقول الخليل ـ انبسط عن مدى الطويل ، وجاء وسطه "فعلن" وآخره "فعلن".
ب- من الخصائص الموسيقية لهذا البحر:
إن طبيعة هذا البحر "الإيقاعية" كما يرى بعض النقاد تتفق مع الشجن والتذكر والحنين، وهو يكثر فى الشعر الفصيح والشعبى، بل يجئ فى مقدمة البحور التى يستعملها الشعراء، والملاحظ بصفة عامة كثرة استعماله فى الشعر العربى بمصر، وقد تنبه لهذا أحمد أمين فى كتابه "النقد الأدبى"، فقال: إن أكثر الأغانى البلدية المصرية من بحر "البسيط".
كما يلاحظ أن هذه الكثرة فى الشعر الدينى، وبخاصة ما قيل منه فى مصر، ولعل مما يساعد على انبساط الحركات فى عروضه وضربه إذا خبنا، أو لانبساط الأسباب فى أوائل أجزائه السباعية على نحو ما رأى الزجاج، ونعلل لهذا بطواعية هذا البحر لظاهرة الإنشاد، وبخاصة الإنشاد الدينى، فهو يعطى التموج والانسانية، والايقاع الذى يعطى النفس حالة من حالات السمو والصفاء"
جـ- تفاعيل البحر البسيط ثمان وهى :
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن مستفلن فاعلن مستفعلن فاعلن
د- أقسامه :
ينقسم البحر البسيط إلى ثلاثة أقسام :
1-تام 2- مجزوء 3- مخلع
القسم الأول : البسيط التام وله عروض واحدة مخبونة وضربان وبذلك تتشكل تفاعيله من صورتين
الأولى : تأتى تفاعيل البحر فيها على هذه الصورة .
العروض تامة مخبونة والضرب تام مخبون ( فعلن ) مثل قول أبى تمام :
السيف اصدق أنباء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب
وتقطيع البيت هكذا :
السيف أصدق أنباء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
وفى إطار هذا التشكيل يقول الشاعر "يس الفيل" فى قصيدة له:
إلى متى أنت فى جنبىَّ ترتجف وكيف عنك إذا ما شئت أنصرف
وكيف أنجو وأنت عمرى فرحته وأنت مأسـاته تهتـز أو تقـف
وأنت واحة أحلامى إذا عصفت بىَ الظنونُ وأدْمى هدْأتى صلَف
ترتـدُّ بى لزمان بات ينكرنى وتستبيح سـباتا منـه أغتـرف
** الثانية : العروض تامة مخبونة والضرب مقطوع فعلن ومن هذا قول الشاعر محمود حسن إسماعيل :
يا فرحة العيد مالى لا يسـاورنى لديك إلا أسىً فى القلب مَوّارُ
لا تسأل الشعر عنها فهْى ملحمة من الأسى غلّفتْ معناه أسرارُ
صوفية شرقتْ فى السمْت حكمتُها فما تفيـد أناشـيد وأشـعارُ
القسم الثانى : البسيط المجزوء ويأتى فى ثلاث صور :
ـ الأولى : العروضة مجزوء صحيحة " مستفعلن " والضرب مثلها صحيح ومن ذلك قول الشاعر القديم
ماذا وقوفى على ربع خلا مخلولق دارس مستعجم
مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن
وهذه الصورة من موسيقى بحر البسيط نادرة الوجود فى شعرنا القديم والحديث
ـ الثانية : العروض مجزوءة صحيحة والضرب مذال "مستفعلان" ومنه قول الشاعر :
يا طالبا فى الهوى مالا ينال وسائلا لم يعَفْ ذا السؤال
مستفعلن فاعلن مستفعلان مستفعلن فاعلن مستفعلان
ـ الثالثة : العروض مجزوءة صحيحة والضرب مقطوع "مفعولن" ومنه قول الشاعر:
ما أطـيب العــيش إلا أنه عن عاجل كله مـتروكُ
والخير مسـدودة أبـوابـه ولا طـريق له مسـلوكُ
مستفعلن فاعلن مستفعلن متفعـلن فاعلن مفعـولن
القسم الثلث: "مخلع البسيط":
وفى هذا اللون من اللوان الموسيقية لبحر البسيط يكون العروضة مقطوعة والضرب مقطوع أيضا وتفاعيله هكذا :
مستفعلن فاعلن فعولن مستفعلن فاعلن فعولن
- ومنه قول الشاعر / محمود حسن إسماعيل :
مسـافر زاده الخيــال والسِّحْر والعطر والجمـالُ
شابت على أرضه الليالى وشـيّبت عمرَها الجبــالُ
مستفعـلن فاعلن فعولن مستفعلن فاعلن فعـــولن
- ويمكن أن يضاف إلى البسيط نوع رابع وهو :
"مشطور البسيط": (مستفعلن فاعلن)
ويعد هذا الوزن من الأوزان المستحدثة فى الشعر العربى المعاصر ، ومن ذلك قول شوقى فى وصف الخمر:
طال عليها القِــدم فهْى وجود وعـدم
قد وُئِدتْ فى الصِّبا وانبعثت فى الهـرمْ
بالـغ فرعـون فى كرْمتها من كــرَمْ
أهـرق عنقــودها تقْـدِمةً للصنـــم
خبأهـا كـاهــن ناحية من الـهـرم
مستفعلن فاعـــلن مستفعـلن فاعـلن
بحـر المديد
أولا : سبب التسمية : يقول الخليل بن أحمد " مفسرا سر تسمية هذا البحر بهذا الاسم ... إنه سمى بذلك لتمدد سباعية حول خماسيه .
ومعنى ذلك أن المديد يتكون من تفعيلتين مكررتين فى أصل تكوين البحر أربع مرات وهما " فاعلاتن فاعلن " .
وتتكون التفعلية الأولى من سبعة أحرف ، والثانية تتكون من خمسة أحرف فالمقصود بالسباعية " فاعلاتن " التى تتكرر وتحصر فى تكرارها التفعيلة الخماسية " فاعلن " التى تتكون من خمسة حروف.
ثانيا : أجزاء " المديد " :
يتكون المديد من ثمانى تفعيلات كما جاء فى كتاب " عروض الورقة " وهى :
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
ثالثا : التشكيلات العروضية وموقف النقاد من موسيقة هذا البحر :
وقع خلاف بين العلماء حول تشكيلات هذا البحر العروضية، فالجوهرى صاحب كتاب " عروض الورقة " يذهب إلى أن هذا البحر قد يأتى تاما كاملا ، وعبر عن ذلك بقوله " مثمَّن محدَث " أى مكون من ثمانى تفعيلات - وما ورد من أشعار فى ذلك هى أشعار محدثة قيلت فى عصره .. وليست أشعارا قديمة ، وقدأورد بيتا واحدا ولم ينسبه لقائله وهو :
من لقلب / هائم / فى غزال / ناعم
قد برانى / إذا بدا / بين حور/خُرَّد
فاعلاتن / فاعلن / فاعلاتن / فاعلن
فاعلاتن /فاعلن / فاعلاتن /فاعلن
وهذا المثال مصنوع لكى تصح القاعدة التى تقول بمجئ البحر المديد تاما فالصورة الغالبة على هذا البحر أن يأتى مسدّسا أى مكونا من ست تفاعيل .. كما قال صاحب كتاب " الكافى فى علمى العروض والقوافى " حيث يقول فى معرض كلامه عن المديد : " .. وأجزاوءه فاعلاتن فاعلن أربع مرات مجزوءا وجوبا ومعنى ذلك أن التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول ومن الشطر الثانى حذف .. فيصبح البيت فى صورته المعهودة مكونا من ست تفعيلات على النحو التالى :
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
وذكر د.صابر أنه استثقل العروضيون القدامى موسيقى هذا البحر وأرجعوا ندرة المنظوم من هذا البحر إلى ثقل موسيقاه ، ووقع بعض النقاد المحدثين فى أسر هذا الحكم وقالوا : " إن هناك بحورا متدفقة النغم ألفها الشعراء واستراحت لنغماتها الأذان وعنى بها الشعراء على وجه الخصوص فى الشعر القديم وهى :
" الطويل - الكامل - البسيط - الوافر - الخفيف "
وعلى النقيض من ذلك فإن بحر " المديد " نادر فى الشعر ولا توجد له سوى أبيات معدودة " .
ونفهم من منطوق هذا الحكم أن " المديد " غير متدفق النغم ، ولم يألفه الشعراء ولم تسترح لنغماته الآذان ، ولم يعن به الشعراء!
وهذا حكم فيه من التعميم ما يبعده عن الدقة ، وما يقربه من التبعية للأحكام التقليدية الجاهزة .
وقد كان د/ إبراهيم أنيس أدق حكما وأصوب رايا .. حين تسأئل فى دهشة مستنكرا موقف العروضيين من موسيقى " المديد " هذا بحر اعترف أهل العروض بقلة المنظوم منه ، وعللوا هذا فى بعض كتبهم بأن فيه ثقلا !
ولا أدرى ماذا عنوا بالثقل ونحن نشعر بانسجام موسيقاه ، ولا نرى فيها ما فى المنسرح مثلا من بعض الاضطراب ، والحق أن هذا البحر يستحق دراسة خاصة فى ضوء بحر الرمل ، فربما أمكن نسبة ما نظم منه إلى بحر الرمل ، مع شرح ما فيه من تغير أو تحور جعله يباين الرمل فى تفاعيله " .
وعلى الرغم من ندرة المنظوم على موسيقى هذا البحر فإن موسيقاه عذبة سلسة مستساغة وليست ثقيلة نابية ، ولنتأمل قول حافظ إبراهيم :
مالهذا النجم فى السحر قد سها من شدة السهر
فاعلاتن فاعلن فعـلن فاعلاتن فاعلن فعلن
خلته يا قوم يؤنسـنى إن جفانى مؤنس السحر
فاعلاتن فاعلن فعـلن فاعلاتن فاعلن فعـلن
رابعا :
وأما التشكيلات العروضية التى يتشكل من خلالها هذا البحر فى صورته التراثية فهى تأتى مكونة من ثلاث أعاريض وستة أضرب على هذا النحو :
1- العروض الأولى صحيحة وضربها صحيح ومقال ذلك قول أبى العتاهية :
إن دارا نحن فيها لدارُ ليس فيها لمقيم قرارُ
ويمكن تقطيع البيت هكذا :
إن دار نحن فيها الدار ليس فيها لمقيم قرار
فاعلاتن فاعلن فعلن فاعلاتن فاعلن فعلن
2- العروض الثانية " محذوفة " " فاعلن " عوض " فاعلا " ولها ثلاثة أضرب :
أ: ضرب محذوف مثلها ب: مقصور جـ: أبتر
(أ) العروض محذوفة والضرب محذوف مثلها ومثال ذلك قول الشاعر :
عاتبْ ظِلْت له عاتبا رب مطلوب غدا طـالبا
فالهوى لى قدر غالب كيف أعصى القدر الغالبا
وتقطيع البيت الأول هكذا :
عاتب ظلت له عاتبا رب مطلوب غدا طالبا
فاعلاتن فعلن فاعلا فاعلاتن فاعلن فاعـلا
فالعروض "عاتبا" على وزن (فاعلا)، والضرب "طالبا" على وزن (فاعلا).
(ب) العروض محذوفة والضرب مقصور( فاعلا، فاعلات)، ومثال ذلك قول الشاعر:
ما تأسّيك لدار خـلت ولشعب شتّ بعد التئام
إنما ذكرك ما قد مضى ضله مثل حديث المنام
وتقطيع البيت الأول هكذا :
ما تأسيك لدار خلت ولشعب شت بعد التئام
فاعلاتن فاعلن فاعلا فاعلاتن فاعلن فاعلات
فالعروض هنا " ر خلت " على وزن فاعلا ، والضرب ( دِ لتئام ) على وزن فاعلات ونقلت التفعيلة إلى فاعلان.
(جـ) العروض محذوفة والضرب أبتر " فاعلن - فعلن " .
ومثال ذلك قول الشاعر :
أى ورد فوق خد بـدا مستنيرا بين سُوسـانِ
شادن يعبد فى روضة صيغ من در ومرجان
وتقطيع البيت الثانى هكذا
شادن يعبد فى روضة صيغ من درر ومرجان
فاعلان فعلن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعل
فالعروض محذوفة على وزن " فاعلا " روضة ، والضرب أبتر على وزن " فعلن " جانى " .
3- العروض الثالثة " محذوفة مخبونة " ولها ضربان
أ- ضرب محذوف مخبون ب- ضرب أبتر .
(أ) العروض مخبونة والضرب مثلها محذوف مخبون .
ومثال ذلك قول الشاعر " عباس محمود العقاد " فى ديوانه " عابر سبيل " من قصيدة بعنوان " قرش معقول " :
إن أحبوا القرش لم يجدوا عجبا فى حبه الخطرِ
فإذا ما الطفل هـام بـه جعلوه طرفة الســمرِ
وتقطيع البيت الأول هكذا :
إن أحبوا القرش لم يجدوا عجبا فى حبه الخطر
فاعلاتن فاعلن فعـلا فعلاتن فاعلن فعلا
فالعروض هنا "يجدوا" وهى محذوفة ومخبونة على زنة "فعلن"، والضرب هنا "خطر" وهو محذوف مخبون على وزن "فعلن" وكلاهما أصل وزنه "فعلا" ونقل إلى "فعلن".
(ب) العروض نحذوفة مخبونة والضرب أبتر على وزن "فعلن".
ومثال ذلك قول الشاعر :
خذ بكفِّى لا أمُتْ غـرقا إن بحر الحب قد فارا
أنضجت نار الهوى كبدى ودموعى تطفئ النارا
تقطيع البيت الثانى هكذا :
خذ بكفى لا أمت غـرقا إن بحر الحب قد فارا
فاعلاتن فاعلن فعلا فاعلاتن فاعلن فاعـل
فالعروض هنا " غرقا " على وزن " فعلا " ونقلت إلى " فعلن " فهى محذوفة مخبونة " والضرب هنا " فارا " على وزن " فاعل " ونقل إلى فعلن فهو أبتر.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
فهذا هو الدرس السادس من دروس علم العروض والقافية:
بحـر الطويل
أ- سبب التسمية :
قيل إن بحر الطويل سمى بهذا الاسم لأنه " طال بتمام أجزائه".
ب- من الخصائص الموسيقية لهذا البحر :
إن هذا البحر يشيع فى الشعر العربى القديم بصورة كبيرة - فهو " بحر يلقى ظله - كما يقال على ثلث الشعر القديم ، ويشتمل على ثمان وعشرين مقطعا ، ومن المعروف أنه هو والبسيط من أطول البحور وأحفلها بالجلال والرصانة والعمق ، ومن الملاحظ أن بحر الطويل يعطى امكانيات للسرد ، وللبسط القصصى ، والعرض الدرامى ، ولهذا نجده يكثر فى أشعار السير والملاحم واحتواء الأساطير .
والمعانى الجادة - كما يرى ابن العميد - لا تؤدى إلا بنفس طويل، ولا تتلاءم إلا مع الأعاريض الطويلة " .
ويمكن أن نفسر ظاهرة قلة نظم الشعراء المعاصرين على البحر " الطويل " انهيار نسبة هذا البحر فى العصر الحديث ، كما يقول د/ إبراهيم أنيس ، حيث قد مضى زمانه ولم تعد له المنزلة الأولى التى ألفناها فى أشعار القدماء .
ويرجع ذلك إلى ندرة الملاحم وفن السير الشعرية ، والقصائد الملحمية فى العصر الحديث ، وبرغم ذلك فالبحر لم ينقرض ومازالت أمواجه متدفقة .
جـ- تفاعيل البحر الطويل:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
- وتتشكل صورته الموسيقة فى ثلاثة اشكال :
1- الشكل الأول :
أ: العروض مقبوضة دائما (مفاعلن) والضرب مقبوض مثلها:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
ومنه قول المتنبى :
على قدر أهل العزم تأتى العزائم وتأتى على قدر الكرم المكارم
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعـلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
2- الشكل الثانى :
العروض مقبوضة والضرب صحيح " مفاعيلن " ومنه قول أبى تمام مفتخرا :
وقالت أتنس البدرُ قلت تجلُّداً إذا الشمس لم تغرُب فلا طلع البدرُ
ألنّا الأكُفَّ بالعطاء فجاوزت مدى اللين إلا أن أعرضَنا الصخرُ
كأن عطايانا يناسبن من أتى ولا نسـبٌ يدنيـه منّا ولا صِهْرُ
إذا زينةُ الدنيا من المال أعرضتْ فأزينُ منها عندنا الحمدُ والشكرُ
ويلاحظ أن أبا تمام قد غير "مفاعيلن" فى حشو البيت إلى "مفاعلن"، ومع أن هذا التغيير مقبول عند العروضيين ، واردا فى شعر القدامى إلا د. إبراهيم أنيس يستقبح هذا التغيير فى مفاعيلن وتحويلها إلى مفاعلن فى حشو البيت ويقول عنها: "فهى صورة نادرة لا تستريح إليها الآذان ، وقد رويت فى بعض أبيات الشعر القديم ، ولكنا لا نكاد نراها فى شعر حديث".
وحاول د/ إبراهيم أنيس أن يغير من رواية الأبيات التى جاء فيها هذا التغيير ، وهو تغير ليس بالقليل حسب الإحصاء الذى أورده، فقد وردت "مفاعلن" فى معلقة امرئ القيس عشر مرات، وفى معلقة زهير أربع مرات، وفى معلقة طرفة ثمانى مرات. وفسر ذلك بقوله: "لعل انحرافا فى رواية المعلقات هو الذى جاءنا بتلك الحالات التى رويت فى شعر الجاهلين"
وأبو تمام يأتى بها فى العصر العباسى ولا يشعر بحرج ، ولا اضطراب موسيقى فى قوله :
ألنا الأكف بالعطاء فجاوزت مدى اللين إلا أن أعراضنا الصخر
فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعـولن مفاعليـن
ويقول أبو تمام فى قصيدة أخرى :
نجوم طوالع جبال فـوارع غيوث هوامع سيول دوافـع
فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن
فالشاعر هنا استخدم "مفاعلن" فى حشو البيت مرتين فى بيت واحد وجاءت العروض على الوزن نفسه "مفاعلن"، والضرب جاء على الوزن نفسه "مفاعلن" ومع ذلك لم نشر باضطراب موسيقى، بل حسن التقسيم عند أبى تمام، أو لجوؤه إلى فن صيغ البيت بصيغة موسيقية زاهية متموجة.
وهذه الدلائل تجعلنا نقبل " مفاعلن " فى حشو البيت ولا نرفضها ولا نتهم أشعار الأقدمين بضعف الرواية وفساها .
3- الشكل الثالث :
العروض مقبوضة " مفاعلن " والضرب محذوف " مفاعى " وينقل إلى " فعولن "
- ومنه قول أبى فراس الحمدانى يخاطب سيف الدولة :
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذى فوق التراب تراب
فياليت ما بينى وبينك عامـر وبينى وبين العالمين خراب
ويقول ابن زيدون :
إذا راق حسن الروض وفاح طيبه فما ضرّه أن طـنّ فيـه ذباب
وإن يك فى أهل الزمان مؤمّـل فأنت الشراب العذب وهو سراب
ينوب / عن المدا / ح منـ / ى واحد
فعول / مفاعيلن / فعول / مفاعلن
جميع الـ / خالصال ليـ /س عنه / مناب فعولن / مفاعلن / فعولن / مفاعى
ونلاحظ أن ابن زيدون جاء فى حشو البيت بالتفعيلة مقبوضة "مفاعلن" مما يشير إلى أن هذا التغيير جائز مستساغ فى موسيقى البحر الطويل.
بحـر البسيط
أ- سبب التسمية :
سمى البسيط بهذا الاسم لأنه ـ كما يقول الخليل ـ انبسط عن مدى الطويل ، وجاء وسطه "فعلن" وآخره "فعلن".
ب- من الخصائص الموسيقية لهذا البحر:
إن طبيعة هذا البحر "الإيقاعية" كما يرى بعض النقاد تتفق مع الشجن والتذكر والحنين، وهو يكثر فى الشعر الفصيح والشعبى، بل يجئ فى مقدمة البحور التى يستعملها الشعراء، والملاحظ بصفة عامة كثرة استعماله فى الشعر العربى بمصر، وقد تنبه لهذا أحمد أمين فى كتابه "النقد الأدبى"، فقال: إن أكثر الأغانى البلدية المصرية من بحر "البسيط".
كما يلاحظ أن هذه الكثرة فى الشعر الدينى، وبخاصة ما قيل منه فى مصر، ولعل مما يساعد على انبساط الحركات فى عروضه وضربه إذا خبنا، أو لانبساط الأسباب فى أوائل أجزائه السباعية على نحو ما رأى الزجاج، ونعلل لهذا بطواعية هذا البحر لظاهرة الإنشاد، وبخاصة الإنشاد الدينى، فهو يعطى التموج والانسانية، والايقاع الذى يعطى النفس حالة من حالات السمو والصفاء"
جـ- تفاعيل البحر البسيط ثمان وهى :
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن مستفلن فاعلن مستفعلن فاعلن
د- أقسامه :
ينقسم البحر البسيط إلى ثلاثة أقسام :
1-تام 2- مجزوء 3- مخلع
القسم الأول : البسيط التام وله عروض واحدة مخبونة وضربان وبذلك تتشكل تفاعيله من صورتين
الأولى : تأتى تفاعيل البحر فيها على هذه الصورة .
العروض تامة مخبونة والضرب تام مخبون ( فعلن ) مثل قول أبى تمام :
السيف اصدق أنباء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب
وتقطيع البيت هكذا :
السيف أصدق أنباء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
وفى إطار هذا التشكيل يقول الشاعر "يس الفيل" فى قصيدة له:
إلى متى أنت فى جنبىَّ ترتجف وكيف عنك إذا ما شئت أنصرف
وكيف أنجو وأنت عمرى فرحته وأنت مأسـاته تهتـز أو تقـف
وأنت واحة أحلامى إذا عصفت بىَ الظنونُ وأدْمى هدْأتى صلَف
ترتـدُّ بى لزمان بات ينكرنى وتستبيح سـباتا منـه أغتـرف
** الثانية : العروض تامة مخبونة والضرب مقطوع فعلن ومن هذا قول الشاعر محمود حسن إسماعيل :
يا فرحة العيد مالى لا يسـاورنى لديك إلا أسىً فى القلب مَوّارُ
لا تسأل الشعر عنها فهْى ملحمة من الأسى غلّفتْ معناه أسرارُ
صوفية شرقتْ فى السمْت حكمتُها فما تفيـد أناشـيد وأشـعارُ
القسم الثانى : البسيط المجزوء ويأتى فى ثلاث صور :
ـ الأولى : العروضة مجزوء صحيحة " مستفعلن " والضرب مثلها صحيح ومن ذلك قول الشاعر القديم
ماذا وقوفى على ربع خلا مخلولق دارس مستعجم
مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن
وهذه الصورة من موسيقى بحر البسيط نادرة الوجود فى شعرنا القديم والحديث
ـ الثانية : العروض مجزوءة صحيحة والضرب مذال "مستفعلان" ومنه قول الشاعر :
يا طالبا فى الهوى مالا ينال وسائلا لم يعَفْ ذا السؤال
مستفعلن فاعلن مستفعلان مستفعلن فاعلن مستفعلان
ـ الثالثة : العروض مجزوءة صحيحة والضرب مقطوع "مفعولن" ومنه قول الشاعر:
ما أطـيب العــيش إلا أنه عن عاجل كله مـتروكُ
والخير مسـدودة أبـوابـه ولا طـريق له مسـلوكُ
مستفعلن فاعلن مستفعلن متفعـلن فاعلن مفعـولن
القسم الثلث: "مخلع البسيط":
وفى هذا اللون من اللوان الموسيقية لبحر البسيط يكون العروضة مقطوعة والضرب مقطوع أيضا وتفاعيله هكذا :
مستفعلن فاعلن فعولن مستفعلن فاعلن فعولن
- ومنه قول الشاعر / محمود حسن إسماعيل :
مسـافر زاده الخيــال والسِّحْر والعطر والجمـالُ
شابت على أرضه الليالى وشـيّبت عمرَها الجبــالُ
مستفعـلن فاعلن فعولن مستفعلن فاعلن فعـــولن
- ويمكن أن يضاف إلى البسيط نوع رابع وهو :
"مشطور البسيط": (مستفعلن فاعلن)
ويعد هذا الوزن من الأوزان المستحدثة فى الشعر العربى المعاصر ، ومن ذلك قول شوقى فى وصف الخمر:
طال عليها القِــدم فهْى وجود وعـدم
قد وُئِدتْ فى الصِّبا وانبعثت فى الهـرمْ
بالـغ فرعـون فى كرْمتها من كــرَمْ
أهـرق عنقــودها تقْـدِمةً للصنـــم
خبأهـا كـاهــن ناحية من الـهـرم
مستفعلن فاعـــلن مستفعـلن فاعـلن
بحـر المديد
أولا : سبب التسمية : يقول الخليل بن أحمد " مفسرا سر تسمية هذا البحر بهذا الاسم ... إنه سمى بذلك لتمدد سباعية حول خماسيه .
ومعنى ذلك أن المديد يتكون من تفعيلتين مكررتين فى أصل تكوين البحر أربع مرات وهما " فاعلاتن فاعلن " .
وتتكون التفعلية الأولى من سبعة أحرف ، والثانية تتكون من خمسة أحرف فالمقصود بالسباعية " فاعلاتن " التى تتكرر وتحصر فى تكرارها التفعيلة الخماسية " فاعلن " التى تتكون من خمسة حروف.
ثانيا : أجزاء " المديد " :
يتكون المديد من ثمانى تفعيلات كما جاء فى كتاب " عروض الورقة " وهى :
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
ثالثا : التشكيلات العروضية وموقف النقاد من موسيقة هذا البحر :
وقع خلاف بين العلماء حول تشكيلات هذا البحر العروضية، فالجوهرى صاحب كتاب " عروض الورقة " يذهب إلى أن هذا البحر قد يأتى تاما كاملا ، وعبر عن ذلك بقوله " مثمَّن محدَث " أى مكون من ثمانى تفعيلات - وما ورد من أشعار فى ذلك هى أشعار محدثة قيلت فى عصره .. وليست أشعارا قديمة ، وقدأورد بيتا واحدا ولم ينسبه لقائله وهو :
من لقلب / هائم / فى غزال / ناعم
قد برانى / إذا بدا / بين حور/خُرَّد
فاعلاتن / فاعلن / فاعلاتن / فاعلن
فاعلاتن /فاعلن / فاعلاتن /فاعلن
وهذا المثال مصنوع لكى تصح القاعدة التى تقول بمجئ البحر المديد تاما فالصورة الغالبة على هذا البحر أن يأتى مسدّسا أى مكونا من ست تفاعيل .. كما قال صاحب كتاب " الكافى فى علمى العروض والقوافى " حيث يقول فى معرض كلامه عن المديد : " .. وأجزاوءه فاعلاتن فاعلن أربع مرات مجزوءا وجوبا ومعنى ذلك أن التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول ومن الشطر الثانى حذف .. فيصبح البيت فى صورته المعهودة مكونا من ست تفعيلات على النحو التالى :
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
وذكر د.صابر أنه استثقل العروضيون القدامى موسيقى هذا البحر وأرجعوا ندرة المنظوم من هذا البحر إلى ثقل موسيقاه ، ووقع بعض النقاد المحدثين فى أسر هذا الحكم وقالوا : " إن هناك بحورا متدفقة النغم ألفها الشعراء واستراحت لنغماتها الأذان وعنى بها الشعراء على وجه الخصوص فى الشعر القديم وهى :
" الطويل - الكامل - البسيط - الوافر - الخفيف "
وعلى النقيض من ذلك فإن بحر " المديد " نادر فى الشعر ولا توجد له سوى أبيات معدودة " .
ونفهم من منطوق هذا الحكم أن " المديد " غير متدفق النغم ، ولم يألفه الشعراء ولم تسترح لنغماته الآذان ، ولم يعن به الشعراء!
وهذا حكم فيه من التعميم ما يبعده عن الدقة ، وما يقربه من التبعية للأحكام التقليدية الجاهزة .
وقد كان د/ إبراهيم أنيس أدق حكما وأصوب رايا .. حين تسأئل فى دهشة مستنكرا موقف العروضيين من موسيقى " المديد " هذا بحر اعترف أهل العروض بقلة المنظوم منه ، وعللوا هذا فى بعض كتبهم بأن فيه ثقلا !
ولا أدرى ماذا عنوا بالثقل ونحن نشعر بانسجام موسيقاه ، ولا نرى فيها ما فى المنسرح مثلا من بعض الاضطراب ، والحق أن هذا البحر يستحق دراسة خاصة فى ضوء بحر الرمل ، فربما أمكن نسبة ما نظم منه إلى بحر الرمل ، مع شرح ما فيه من تغير أو تحور جعله يباين الرمل فى تفاعيله " .
وعلى الرغم من ندرة المنظوم على موسيقى هذا البحر فإن موسيقاه عذبة سلسة مستساغة وليست ثقيلة نابية ، ولنتأمل قول حافظ إبراهيم :
مالهذا النجم فى السحر قد سها من شدة السهر
فاعلاتن فاعلن فعـلن فاعلاتن فاعلن فعلن
خلته يا قوم يؤنسـنى إن جفانى مؤنس السحر
فاعلاتن فاعلن فعـلن فاعلاتن فاعلن فعـلن
رابعا :
وأما التشكيلات العروضية التى يتشكل من خلالها هذا البحر فى صورته التراثية فهى تأتى مكونة من ثلاث أعاريض وستة أضرب على هذا النحو :
1- العروض الأولى صحيحة وضربها صحيح ومقال ذلك قول أبى العتاهية :
إن دارا نحن فيها لدارُ ليس فيها لمقيم قرارُ
ويمكن تقطيع البيت هكذا :
إن دار نحن فيها الدار ليس فيها لمقيم قرار
فاعلاتن فاعلن فعلن فاعلاتن فاعلن فعلن
2- العروض الثانية " محذوفة " " فاعلن " عوض " فاعلا " ولها ثلاثة أضرب :
أ: ضرب محذوف مثلها ب: مقصور جـ: أبتر
(أ) العروض محذوفة والضرب محذوف مثلها ومثال ذلك قول الشاعر :
عاتبْ ظِلْت له عاتبا رب مطلوب غدا طـالبا
فالهوى لى قدر غالب كيف أعصى القدر الغالبا
وتقطيع البيت الأول هكذا :
عاتب ظلت له عاتبا رب مطلوب غدا طالبا
فاعلاتن فعلن فاعلا فاعلاتن فاعلن فاعـلا
فالعروض "عاتبا" على وزن (فاعلا)، والضرب "طالبا" على وزن (فاعلا).
(ب) العروض محذوفة والضرب مقصور( فاعلا، فاعلات)، ومثال ذلك قول الشاعر:
ما تأسّيك لدار خـلت ولشعب شتّ بعد التئام
إنما ذكرك ما قد مضى ضله مثل حديث المنام
وتقطيع البيت الأول هكذا :
ما تأسيك لدار خلت ولشعب شت بعد التئام
فاعلاتن فاعلن فاعلا فاعلاتن فاعلن فاعلات
فالعروض هنا " ر خلت " على وزن فاعلا ، والضرب ( دِ لتئام ) على وزن فاعلات ونقلت التفعيلة إلى فاعلان.
(جـ) العروض محذوفة والضرب أبتر " فاعلن - فعلن " .
ومثال ذلك قول الشاعر :
أى ورد فوق خد بـدا مستنيرا بين سُوسـانِ
شادن يعبد فى روضة صيغ من در ومرجان
وتقطيع البيت الثانى هكذا
شادن يعبد فى روضة صيغ من درر ومرجان
فاعلان فعلن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعل
فالعروض محذوفة على وزن " فاعلا " روضة ، والضرب أبتر على وزن " فعلن " جانى " .
3- العروض الثالثة " محذوفة مخبونة " ولها ضربان
أ- ضرب محذوف مخبون ب- ضرب أبتر .
(أ) العروض مخبونة والضرب مثلها محذوف مخبون .
ومثال ذلك قول الشاعر " عباس محمود العقاد " فى ديوانه " عابر سبيل " من قصيدة بعنوان " قرش معقول " :
إن أحبوا القرش لم يجدوا عجبا فى حبه الخطرِ
فإذا ما الطفل هـام بـه جعلوه طرفة الســمرِ
وتقطيع البيت الأول هكذا :
إن أحبوا القرش لم يجدوا عجبا فى حبه الخطر
فاعلاتن فاعلن فعـلا فعلاتن فاعلن فعلا
فالعروض هنا "يجدوا" وهى محذوفة ومخبونة على زنة "فعلن"، والضرب هنا "خطر" وهو محذوف مخبون على وزن "فعلن" وكلاهما أصل وزنه "فعلا" ونقل إلى "فعلن".
(ب) العروض نحذوفة مخبونة والضرب أبتر على وزن "فعلن".
ومثال ذلك قول الشاعر :
خذ بكفِّى لا أمُتْ غـرقا إن بحر الحب قد فارا
أنضجت نار الهوى كبدى ودموعى تطفئ النارا
تقطيع البيت الثانى هكذا :
خذ بكفى لا أمت غـرقا إن بحر الحب قد فارا
فاعلاتن فاعلن فعلا فاعلاتن فاعلن فاعـل
فالعروض هنا " غرقا " على وزن " فعلا " ونقلت إلى " فعلن " فهى محذوفة مخبونة " والضرب هنا " فارا " على وزن " فاعل " ونقل إلى فعلن فهو أبتر.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
رد: الدرس السادس من دروس علم العروض والقافية
زيادة بيان:
1- ملخص الزحافات والعلل في البحر الطَّوِيْل :
يجوز في حشو الطَّوِيْل :
(1) الْكَفّ ( حذف السابع الساكن ) فتصبح به ( مَفَاْعِيْلُنْ ) : ( مَفَاْعِيْلُ ) .
(2) الْقَبْض ( حذف الخامس الساكن ) فتصبح به ( مَفَاْعِيْلُنْ ) : ( مَفَاْعِلُنْ ) ، وتصبح
( فَعُوْلُنْ ) فَعُوْلُ ) . ولايجوز اجتماع الكف والقبض في ( مَفَاْعِيْلُنْ ) . و الْكَفّ والْقَبْض إن وقعا في جزء أو جزأين قُبِلا ، فإن زادا عن ذلك لم يتقبلهما الذوق .
(3) الْخَرْم ( حذف أول الوتد المجموع أول التفعيلة ) وذلك في تفعيلته الأولى ( فَعُوْلُنْ ) فإن كانت سالمة أصبحت ( عُوْلُنْ ) ويُسَمَّى هذا ثَلْمًا ، وإن كانت مَقْبُوضَة صارت
( عُوْلُ ) ويُسَمَّى ثَرْمًا .
أما العروض والضرب : فالْقَبْض واجب في عَرُوْضه وهو زحاف جارٍ مجرى العلة في لزومه ، ويمتنع الْكَفّ في ( مَفَاْعِيْلُنْ ) وفي ( مَفَاْعِلُنْ ) ، ويمتنع الْقَبْض في ( فَعُوْلُنْ ) إذا وقعن ضروبا تحاشيا للوقوف على حركة قصيرة .
تنبيه : لاتأتي عروض الطويل سالمة ( مَفَاْعِيْلُنْ ) إلا عند التصريع فتكون سالمة مع التصريع ومقبوضة حيث لاتصريع .
ما التصريع ؟ : هو إلحاق العروض بالضرب في زيادة أونقصان ، ولا يلتزم . وغالبا ما يكون في البيت الأول ؛ وذلك ليدل على أن صاحبه مبتدئ إما قصةً أوقصيدة ، والتصريع يقع في جميع البحور ، ويبتدأ به في مطلع القصيدة ، ولا يلتزم إلا إذا قسَّم الشاعر قصيدته إلى موضوعات وأفكار ، فيجوزله عند ذلك أن يبدأ كل فكرة تحتوي على مجموعة من الأبيات ببيت مصرع شريطة أن تكون القصيدة متحدة البحر والروي ،
ماسببه: وسببه هو مبادرة الشاعر القافية ؛ ليعلم من أول وهلة أنه آخذ في كلام موزون غير منثور ولذلك وقع في أول الشعر .
مثاله : من الزيادة قول أبي فراس الحمْداني[ من البحر الطويل ]:
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ
أّراكَ عَصِيَّ الدمع شيمتُكَ الصبرُ
...ومن النقص قول امرئ القيس [من البحر الطويل ] :
وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أَجارتنا إن الخطوب تنوبُ
2- ملخص الزحافات والعلل في البحر البسيط :
يجوز في حشو البحر الْبَسِيْط :
(1) الْخَبْن ( حذف الثاني الساكن ) فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) :
( مُتَفْعِلُنْ ) وتصبح به ( فَاْعِلُنْ ) فَعِلُنْ ) ، وهو زحاف حسن سائغ .
(2) الطَّيّ( حذف الرابع الساكن ) فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُسْتَعِلُنْ ) ، وهو أيسر احتمالا من الْخَبْل إلا أنه لايبلغ خفة الْخَبْن .
(3) الْخَبْل( حذف الثاني والرابع الساكنين ) فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُتَعِلُنْ ) .
(4) الْخَزْم (زيادة حرف أوأكثر في أول صدر البيت ، أو أول عجزه في بعض البحور ، وهو لايخلو من نفرة) .
أما عَرُوْضه وضربه :
(1) فيجوز في ضربه المُذَيَّل ( زيادة حرف ساكن على ما آخره وتد مجموع ) ( مُسْتَفْعِلُنْ نْ ) الْخَبْن فيصبح ( مُتَفْعِلُنْ نْ ) ، و الطَّيّ فيصبح ( مُسْتَعِلُنْ نْ ) ، والْخَبْل( مُتَعِلُنْ نْ ) .
(2) ويجوز في عَرُوْضه المجزوءة الصحيحة ( مُسْتَفْعِلُنْ ) الْخَبْن فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُتَفْعِلُنْ ) ، والطَّيّ فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُسْتَعِلُنْ ) .وكذلك يجوز في ضربها المجزوء الصحيح .
(3) ويجوز في عَرُوْضه المجزوءة المقطوعة ( مُسْتَفْعِلْ ) الْخَبْن ، فتصبح به ( مُسْتَفْعِلْ ) مُتَفْعِلْ ) ، وكذلك يجوز في ضربها المجزوء المقطوع ( حذف ساكن الوتد المجموع آخر التفعيلة وتسكين ما قبله ) .
3- ملخص الزحافات والعلل في البحر المديد :
يجوز في حشو المديد :
(1) الْخَبْن ( حذف الثاني الساكن ) فتصبح به ( فَاْعِلاتُنْ ) : ( فَعِلاتُنْ ) ،وتصبح
( فَاْعِلُنْ ) فَعِلُنْ ) .
(2) الْكَفّ ( حذف السابع الساكن ) ، و به تصبح ( فَاْعِلاتُنْ ) فَاْعِلاتُ ) .
(3) الشَّكْل ( حذف الثاني والسابع الساكنين ) و به تصبح ( فَاْعِلاتُنْ ) فَعِلاتُ ) .
وتجري هذه الزحافات وفق قاعدة المعاقبة فإذا دخل الْخَبْن تفعيلة منه ، سلمت التي قبلها من الْكَفّ، وإذا دخلها الْكَفّ سلمت التي بعدها من الْخَبْن، وإذا دخلها الشَّكْل سلمت التفعيلة التي قبلها من الْكَفّ ، والتي بعدها من الْخَبْن .
1- ملخص الزحافات والعلل في البحر الطَّوِيْل :
يجوز في حشو الطَّوِيْل :
(1) الْكَفّ ( حذف السابع الساكن ) فتصبح به ( مَفَاْعِيْلُنْ ) : ( مَفَاْعِيْلُ ) .
(2) الْقَبْض ( حذف الخامس الساكن ) فتصبح به ( مَفَاْعِيْلُنْ ) : ( مَفَاْعِلُنْ ) ، وتصبح
( فَعُوْلُنْ ) فَعُوْلُ ) . ولايجوز اجتماع الكف والقبض في ( مَفَاْعِيْلُنْ ) . و الْكَفّ والْقَبْض إن وقعا في جزء أو جزأين قُبِلا ، فإن زادا عن ذلك لم يتقبلهما الذوق .
(3) الْخَرْم ( حذف أول الوتد المجموع أول التفعيلة ) وذلك في تفعيلته الأولى ( فَعُوْلُنْ ) فإن كانت سالمة أصبحت ( عُوْلُنْ ) ويُسَمَّى هذا ثَلْمًا ، وإن كانت مَقْبُوضَة صارت
( عُوْلُ ) ويُسَمَّى ثَرْمًا .
أما العروض والضرب : فالْقَبْض واجب في عَرُوْضه وهو زحاف جارٍ مجرى العلة في لزومه ، ويمتنع الْكَفّ في ( مَفَاْعِيْلُنْ ) وفي ( مَفَاْعِلُنْ ) ، ويمتنع الْقَبْض في ( فَعُوْلُنْ ) إذا وقعن ضروبا تحاشيا للوقوف على حركة قصيرة .
تنبيه : لاتأتي عروض الطويل سالمة ( مَفَاْعِيْلُنْ ) إلا عند التصريع فتكون سالمة مع التصريع ومقبوضة حيث لاتصريع .
ما التصريع ؟ : هو إلحاق العروض بالضرب في زيادة أونقصان ، ولا يلتزم . وغالبا ما يكون في البيت الأول ؛ وذلك ليدل على أن صاحبه مبتدئ إما قصةً أوقصيدة ، والتصريع يقع في جميع البحور ، ويبتدأ به في مطلع القصيدة ، ولا يلتزم إلا إذا قسَّم الشاعر قصيدته إلى موضوعات وأفكار ، فيجوزله عند ذلك أن يبدأ كل فكرة تحتوي على مجموعة من الأبيات ببيت مصرع شريطة أن تكون القصيدة متحدة البحر والروي ،
ماسببه: وسببه هو مبادرة الشاعر القافية ؛ ليعلم من أول وهلة أنه آخذ في كلام موزون غير منثور ولذلك وقع في أول الشعر .
مثاله : من الزيادة قول أبي فراس الحمْداني[ من البحر الطويل ]:
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ
أّراكَ عَصِيَّ الدمع شيمتُكَ الصبرُ
...ومن النقص قول امرئ القيس [من البحر الطويل ] :
وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أَجارتنا إن الخطوب تنوبُ
2- ملخص الزحافات والعلل في البحر البسيط :
يجوز في حشو البحر الْبَسِيْط :
(1) الْخَبْن ( حذف الثاني الساكن ) فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) :
( مُتَفْعِلُنْ ) وتصبح به ( فَاْعِلُنْ ) فَعِلُنْ ) ، وهو زحاف حسن سائغ .
(2) الطَّيّ( حذف الرابع الساكن ) فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُسْتَعِلُنْ ) ، وهو أيسر احتمالا من الْخَبْل إلا أنه لايبلغ خفة الْخَبْن .
(3) الْخَبْل( حذف الثاني والرابع الساكنين ) فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُتَعِلُنْ ) .
(4) الْخَزْم (زيادة حرف أوأكثر في أول صدر البيت ، أو أول عجزه في بعض البحور ، وهو لايخلو من نفرة) .
أما عَرُوْضه وضربه :
(1) فيجوز في ضربه المُذَيَّل ( زيادة حرف ساكن على ما آخره وتد مجموع ) ( مُسْتَفْعِلُنْ نْ ) الْخَبْن فيصبح ( مُتَفْعِلُنْ نْ ) ، و الطَّيّ فيصبح ( مُسْتَعِلُنْ نْ ) ، والْخَبْل( مُتَعِلُنْ نْ ) .
(2) ويجوز في عَرُوْضه المجزوءة الصحيحة ( مُسْتَفْعِلُنْ ) الْخَبْن فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُتَفْعِلُنْ ) ، والطَّيّ فتصبح به ( مُسْتَفْعِلُنْ ) مُسْتَعِلُنْ ) .وكذلك يجوز في ضربها المجزوء الصحيح .
(3) ويجوز في عَرُوْضه المجزوءة المقطوعة ( مُسْتَفْعِلْ ) الْخَبْن ، فتصبح به ( مُسْتَفْعِلْ ) مُتَفْعِلْ ) ، وكذلك يجوز في ضربها المجزوء المقطوع ( حذف ساكن الوتد المجموع آخر التفعيلة وتسكين ما قبله ) .
3- ملخص الزحافات والعلل في البحر المديد :
يجوز في حشو المديد :
(1) الْخَبْن ( حذف الثاني الساكن ) فتصبح به ( فَاْعِلاتُنْ ) : ( فَعِلاتُنْ ) ،وتصبح
( فَاْعِلُنْ ) فَعِلُنْ ) .
(2) الْكَفّ ( حذف السابع الساكن ) ، و به تصبح ( فَاْعِلاتُنْ ) فَاْعِلاتُ ) .
(3) الشَّكْل ( حذف الثاني والسابع الساكنين ) و به تصبح ( فَاْعِلاتُنْ ) فَعِلاتُ ) .
وتجري هذه الزحافات وفق قاعدة المعاقبة فإذا دخل الْخَبْن تفعيلة منه ، سلمت التي قبلها من الْكَفّ، وإذا دخلها الْكَفّ سلمت التي بعدها من الْخَبْن، وإذا دخلها الشَّكْل سلمت التفعيلة التي قبلها من الْكَفّ ، والتي بعدها من الْخَبْن .
مواضيع مماثلة
» الدرس الأول من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الثاني من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الثالث من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الرابع من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الخامس من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الثاني من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الثالث من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الرابع من دروس علم العروض والقافية
» الدرس الخامس من دروس علم العروض والقافية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى