منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كشف القول الضعيف في طرق حديث عثمان بن حنيف

اذهب الى الأسفل

كشف القول الضعيف في طرق حديث عثمان بن حنيف  Empty كشف القول الضعيف في طرق حديث عثمان بن حنيف

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الإثنين يوليو 09, 2012 10:08 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، - صلى الله عليه وسلم - أما بعد:
فهذه بعض التحقيقات والتدقيقات في رواية الحديث الذي أخرجه الامام الطبراني في (المعجم الصغير (1/ 306) برقم (508) قال:

حدثنا طاهر بن عيسى المقرئ المصري، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا ابن وهب، عن شبيب بن سعيد المكي، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجته وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد، فصل فيه ركعتين وقل: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا نبي الرحمة: يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك " حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة فقال: حاجتك؟ فذكر حاجته وقضاها له، وقال له: ما فهمت حاجتك حتى كان الساعة، وقال له: ما كان لك من حاجة فسل، ثم إن الرجل خرج من عند عثمان فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر إلي في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: ما كلمته فيك، ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أوتصبر؟» فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي: «ائت الميضأة فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات» قال ابن حنيف: والله ما تفرقنا حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط .اهـ
وهذا إسناد متصل ورجاله كلهم ثقات، فالحديث صحيح .
وصححه الطبراني والحاكم وابن حبان وابن المديني والدارقطني وابن أبي حاتم وغيرهم، وهو حجة لمن يقول بالتوسل بالنبي – صلى الله عليه وسلم – بعد الموت.

أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير (1/ 306) برقم (508) و(المعجم الكبير (9/ 30) برقم (8311) وفي (الدعاء (ص: 320) برقم (1050) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1959) برقم (4928) وأبو عبد الله المقدسي في العدة للكرب والشدة (ص: 64) برقم (29) وابن أبي حاتم في العلل (5/ 383) برقم (2064) .اهـ
كلهم من طريق عبد الله بن وهب، عن شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي المدني، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف، أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان ... إلخ الحديث الذي فيه ذكر القصة.اهـ
وأوردت تخريخ ابن أبي حاتم مع من ذكر القصة، لقوله: "وأشبع متنا" يشير إلى القصة، وقوله: "عن يزيد بن وهب" وهم منه، بل هو عبد الله بن وهب كما صرح به غير واحد، وهذا ظاهر لمن تأمل، ولأن الذي يروي عن شبيب بن سعيد ويروي عنه يونس بن عبد الأعلى هو: عبد الله بن وهب .اهـ


وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 209) برقم (2192) وأبو القاسم الحنائي في الحنائيات (1/ 537) برقم (94) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 257) برقم (773) وذكره الدارقطني في التعليقات (ص: 212) برقم (274) وابن أبي حاتم في العلل (5/ 383) برقم (2064) .اهـ
كلهم من طريق عبد الله بن وهب، عن شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي المدني، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف ... إلخ الحديث، مختصرا بدون ذكر القصة.اهـ
وأوردت تخريخ ابن أبي حاتم مع الذين اختصروا الحديث أيضا، لقوله: "مثل حديث هشام الدستوائي" يشير إلى الحديث بدون القصة . اهـ


وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1959) برقم (4928) ويعقوب الفسوي في مشيخته (ص: 94) برقم (113) وأبو محمد المقدسي في الترغيب في الدعاء (ص: 105) برقم (62) وأبو العباس المبرد في التعازي (ص: 297) و أبو سعيد عبد الملك الخركوشي في شرف المصطفى (3/ 460) و البيهقي في دلائل النبوة (6/ 168) .اهـ
كلهم من طريق أحمد بن شبيب، عن أبيه، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي المدني، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف، أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان ... إلخ الحديث الذي فيه ذكر القصة.اهـ.

وأخرجه البيهقي وحده في الدلائل (6/ 168) من طريق إسماعيل بن شبيب أخي أحمد بن شبيب السابق، عن أبيه ... إلخ الحديث الذي فيه ذكر القصة.اهـ
قلت : إسماعيل هذا غير معروف، وقد أغفلوه حتى أنهم لم يذكروه في الرواة.اهـ


وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 581) برقم (628) والحاكم في المستدرك (1/ 707) برقم (1930) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 167) ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 272) والذهبي في تاريخ الإسلام (1/ 242) وابن كثير في البداية والنهاية ط الفكر(6/ 161).اهـ
كلهم من طريق أحمد بن شبيب، عن أبيه، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي المدني، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف... إلخ الحديث، مختصرا بدون ذكر القصة.اهـ.

قلت: قد تبين من خلال ما تقدم أن عبد الله بن وهب لم ينفرد بالرواية عن شبيب بن سعيد، لا في الرواية المختصرة ولا في الرواية المطولة، بل تابعه عليها أحمد بن شبيب بأسانيد متصلة برجال كلهم ثقات في كلتا الروايتين، وهذا يبطل ما زعمه بعضهم من تفرد ابن وهب بالرواية المطولة فضلا عن المختصرة عن شبيب بن سعيد .
وأما قول ابن عدي في الكامل: أن ابن وهب حدث عن شبيب بمناكير، فهو ليس على الإطلاق، لأن لفظ (حدث) بصيغة الماضي لفظ مبهم، فقد يكون حدث عنه مرة أو أكثر مع الانقطاع في هذا كله، بخلاف لو عبر بالمضارع فإنه يفيد التجدد والاستمرار، ثم إن قوله يحتاج إلى دليل، خصوصا أنه لم يسبق إليه، ولم يقل بهذا أحد من أئمة التجريح المتقدمين، وأما قوله:" ولعل شبيبا لما قدم مصر في تجارته كتب عنه ابن وهب من حفظه فغلط ووهم"اهـ فهذا ظن وافتراض ليس عليه إثبات، ويؤكد ذلك لفظة "لعل" في كلامه التي تفيد التوقع، وكل جرح لايستند إلى أسس موضوعية سليمة مرفوض مهما كان قائله إذ لايعصم عن الخطأ إلا الأنبياء .

وقد خالفه أبو حاتم ابن حبان عند كلامه على "عون بن عمارة" الذي تابع "شبيبا" عن روح بن القاسم، حيث قال ما نصه: " إلا فيما وافق الثقات وهو الذي روى عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عمار بن حنيف ... الحديث.
حدثناه أحمد بن يحيى بن زهير، ثنا عباس بن محمد، ثنا عون بن عمارة ... إلخ الاسناد السابق اهـ المجروحين (2/ 197) برقم (844) بتصرف.

قلت: قوله:" إلا فيما وافق الثقات" يشير إلى شبيب بن سعيد، فهذا نص ممن سبقه على قبول رواية شبيب في هذا الحديث.
وعقب الدارقطني على قول ابن حبان بقوله: " قد تابع عون بن عمارة في روايته عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي بهذا الحديث المذكور هاهنا، شبيب بن سعيد البصري، وهو ثقة ، ورواه عن شبيب: عبد الله بن وهب. " تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان (ص: 213).

فتأمل هذا النقل جيدا، فلو كان هناك مقال، لما سكت الدارقطني على صنيع ابن حبان، بل أيده وزاد عليه.

وصرح الحاكم بصحة رواية شبيب عندما أورد هو كذلك حديث عون بن عمارة فقال: "تابعه: شبيب بن سعيد الحبطي، عن روح بن القاسم «زيادات في المتن والإسناد، والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون"» المستدرك (1/ 707).
وهذا صاحب كتاب علل الحديث، ابن شيخ الجرح والتعديل، أبو محمد بن أبي حاتم قد صحح الروايتين الطويلة والمختصرة، من طريق ابن وهب، حيث قال ما نصه: " حكم أبو زرعة لشعبة؛ وذلك: لم يكن عنده أن أحدا تابع هشام الدستوائي، ووجدت عندي: عن يونس ابن عبد الأعلى، عن [عبدالله] بن وهب، عن أبي سعيد التميمي- يعني: شبيب بن سعيد- عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ... مثل حديث هشام الدستوائي، [وأشبع متنا]، وروح بن القاسم ثقة يجمع حديثه؛ فاتفاق الدستوائي وروح بن القاسم يدل على أن روايتهما أصح".اهـ
(علل الحديث لابن أبي حاتم (5/ 385).

قلت: هذا هو القول الفصل في الرد على "ابن عدي" في قوله الذي لم يسبق إليه، ثم رأيت بعض المتأخرين تبعه في هذا، وزاد عليه فجعل لقبول رواية ابن وهب عن شبيب شرطين ، الأول: أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه، والثاني: أن يكون من رواية شبيب عن يونس ، وهذه قاعدة اخترعها الالباني، ثم رأيته قد خالفها كما هي القاعدة فاحتج برواية شبيب بدون وجود أي شرط من الشرطين وهذا نص كلامه: " وهيثم بن خالد وهو المصيصي أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال الدارقطني: ضعيف ". وأقره الحافظ في "التهذيب " وجزم بضعفه في " التقريب ".
لكن قد رواه شبيب بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في أرض جهينة: " إني كنت رخصت لكم في إهاب الميتة وعصبها، فلا تنتفعوا بعصب ولا إهاب ". أخرجه ابن عدي في ترجمة شبيب هذا من " الكامل " (4 / 1347) والطبراني أيضا كما في " التلخيص الحبير " (1/ 47) وقال: " إسناده ثقات".اهـ كلامه من السلسلة (6/ 44).

قلت: فالذي يروي عن شبيب هنا هو "يحيى بن أيوب" وكذلك لم يروه شبيب عن يونس بل رواه عن شعبة ... ، فانعدم الشرطان.

وقال في السلسلة (7/ 676) عند الحديث رقم (3223):
"(لا، ولكن برَّ أباك، وأحسن صحبته) ... وقا ل البزار:
"لا نعلم رواه عن محمد بن عمرو إلا عمرو بن خليفة، وهو ثقة".
قلت: قد تابعه شبيب بن سعيد- كما رأيت- وكلاهما وثقهما ابن حبان، وفيهما كلام. والأول أخرج له ابن خزيمة في "صحيحه "- كما في "اللسان "-، والآخر روى له البخاري، فأحدهما يقوي الآخر، فالإسناد حسن، للخلاف المعروف في "محمد بن عمرو". اهـ
فهذا أعظم تناقظا من الأول، فهو"عن بن وهب عن شبيب بن سعيد عن محمد بن عمرو" فحسن رواية شبيب لمتابعته لعمرو بن خليفة، وهذه المسألة شبيهة بالمسألة التي نتكلم فيها، فقد تابع شبيب بن سعيد في روايته عن روح بن القاسم " عون بن عمارة العبدي القيسي أبا محمد البصري " مات سنة اثنتي عشرة ومائتين، وخلاصة القول فيه أنه صدوق مع ضعف في بعض حديثه، ويتضح هذا إذا جمعت أقوال الائمة فيه، وهذه بعض أقوالهم:
قال ابن عدي: "ومع ضعفه يكتب حديثه".(الكامل (7/ 102). وقال الحافظ ابن حجر:" قال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال الحاكم [لعله أبو حاتم] أدركته ولم أكتب عنه وكان منكر الحديث ضعيف الحديث، وقال البخاري: يعرف وينكر، وقال أبو داود: ضعيف، وقال بن عدي: ومع ضعفه يكتب حديثه، قال محمد بن عبد الله الحضرمي: مات سنة اثنتي عشرة ومائتين، قلت: وقال الساجي: صدوق فيه غفلة يهم، وقال الحاكم أبو أحمد: في حديثه بعض المناكير،وقال الحاكم أبو عبد الله: وأبو نعيم يحدث عن حميد وهشام بن حسان بالمناكير. اهـ (تهذيب التهذيب (8/ 173).
وقال أبو حاتم ابن حبان:"كان صدوقا ممن كثر خطؤه حتى وجد في روايته المقلوبات فبطل الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات". (المجروحين (2/ 197).

قلت: قد تبين من هذه العبارات، "صدوق، يكتب حديثه، ضعيف ومنكر الحديث، تعرف وتنكر" أن ضعفه في الضبط لا في العدالة، ثم إن الحاكم أبا عبدالله وأبا نعيم نصا أنه يحدث عن حميد وهشام بن حسان بالمناكير، ولم يذكرا أنه يحدث عن روح بن القاسم بها، وكذلك نص الحاكم أبو أحمد أن المناكير في بعض حديثه فقط وليس كلها، وهذا مما يقوي الظن أن روايته عن روح ليست بمنكرة.
والخلاصة : أن من كان هذا حاله فهو كما قال ابن حبان: لا يحتج بحديثه إلا فيما وافق فيه الثقات، أي لا يؤخذ ثابتاً على التسليم، إلا إذا وجد له تابع أو شاهد، فيعتبر به.

وقد سبق أن شبيب تابعه عليه، وهو ثقة صدوق باتفاق أئمة الجرح المعتبرين، فقد وثقه ابن حبان وذكره في (الثقات (8/ 310) برقم (13614)، والدارقطني في (تعليقاته على المجروحين (ص: 213)، وعلي بن المديني، وقال أبو زرعة لا بأس به، وقال أبو حاتم صالح الحديث لا بأس به، وقال النسائي ليس به بأس، ونقل ابن خلفون توثيقه عن الذهلي، وقال الطبراني في الأوسط ثقة. اهـ بتصرف من (تهذيب التهذيب (4/ 307) وقال الذهبي: "صدوق" ميزان الاعتدال (2/ 262) وقال الحاكم ثقة مأمون (المستدرك (1/ 707)، وسكت عنه البخاري في التاريخ التاريخ (4/ 233) برقم (2628) وهو من الطبقة الثامنة الوسطى من أتباع التابعين، توفي بالبصرة سنة (186) هـ روى له البخاري وأبو داود في الناسخ والمنسوخ والنسائي .اهـ

وخلاصة القول فيه أنه ثقة صدوق، قال ابن حجر: لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب (التقريب (ص: 263) اهـ
قلت: وعلى هذا القول فإن أحمد تابع ابن وهب بأسانيد متصلة رجالها ثقات كما سبق في التخريج، فسقط الطعن في رواية ابن وهب هذه، والله يرزق من يشاء الفهم والصواب.

وأما قولهم أن روح بن القاسم خالف شعبة وحمادا فرواه عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه ... الحديث، فقد تابعه هشام الدستوائي عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه ... الحديث.
وهما من الحفاظ الثقات المتقنين باتفاق، وروح بن القاسم هو التميمي العنبري أبو غياث بكسر المعجمة البصري الحافظ، روى عن عمرو بن دينار ومنصور بن المعتمر وقتادة وعنه يزيد بن زريع وابن علية وعون بن عمارة قال ابن المديني له نحو مائة وخمسين حديثا ووثقه أحمد مات بعد الخمسين ومائة، وهو: من رجال البخاري ومسلم، ثقة حافظ عند الجميع. (خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص: 118).
وأما هشام الدستوائي فهو: بن أبي عبد الله سنبر الدستوائي، أبو بكر البصري الربعي، من بكر بن وائل، وقيل: الجحدري. من الطبقة الثامنة من كبار أتباع التابعين، كان يقول: ليتنا ننجو من هذا الحديث كفافا لا لنا ولا علينا. قال شعبة: فإذا كان هشام يقول هذا فكيف نحن؟ وقال شعبة: كان هشام أحفظ مني عن قتادة، وعده ابن علية في حفاظ أهل البصرة، ثم بعده سعيد بن أبي عروبة. وقال وكيع: ثنا هشام الدستوائي وكان ثبتا، وقال أبو داود الطيالسي: كان أمير المؤمنين في الحديث، مات سنة إحدى، وقيل: 2، وقيل: 3، وقيل: 154هـ. (التكميل لابن كثير (1/ 477) روى له البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه .اهـ
قال الطبراني في الدعاء
قال علي [بن المديني]: ورواه روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل، عن عثمان بن حنيف، قال علي: وما أرى روح بن القاسم إلا قد حفظه .

من هذه الأقوال يتبين أن روحا وهشاما من الأثبات، ولا نقول أن شعبة دونهما، بل هم سواء وكلهم حفاظ أثبات، والظاهر أن أباجعفر الخطمي يرويه من طريق أبي أمامة ومن طريق عمارة، فقد سمع من كليهما، وهذا هو الذي ينبغي أن يصار إليه، لأنه إن أمكن الجمع فلا مخالفة ، وهو ممكن كما رأيت
قال ابن كثير: وهذه الرواية تخالف ما تقدم، ولعله عند أبي جعفر الخطمي من الوجهين والله أعلم.اهـ (البداية والنهاية (6/ 179)

وأبو جعفر هذا هو: عمير" بن يزيد بن عمير بن حبيب بن خماشة ويقال بن حباشة الأنصاري الخطمي المدني، من الطبقة السادسة ممن عاصر صغار التابعين، روى له أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه، قال ابن حجر: قال بن معين والنسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات وقال عبد الرحمن بن مهدي كان أبو جعفر وأبوه وجده قوما يتوارثون الصدق بعضهم عن بعض قلت وقال أبو الحسن بن المديني هو مدني قدم البصرة وليس لأهل المدينة عنه أثر ولا يعرفونه ووثقه بن نمير والعجلي فيما نقله بن خلفون وقال الطبراني في الأوسط ثقة. (تهذيب التهذيب (8/ 151)
ووثقه بن صاح الجيلي، والذهبي في الكاشف (2/ 98)
وقال مصنفوا تحرير تقريب التهذيب: ثقة، اتفقوا على توثيقه.اهـ

فمدار هذا الحديث عليه، وهو ثقة متفق عليه كما ترى، وقد زعم الترمذي أن أبا جعفر المديني هذا هو غير الخطمي فوهم، وقد نص على كونه عمير بن يزيد: النسائي ورواية الطبراني وغيرهما، وقد علل به ولد الكوري الشنقيطي الحديث، فزعم أنه غير موصوف بالحفظ والضبط، وعليه فلا يحتمل منه الاختلاف في الرواة، ولا أعلم له سلفا في هذا، ولم أجد إماما واحدا من أئمة الجرح ذكره بسوء، بل هو افتراء منه مكشوف ومفضوح، وعليه فإن تعليله ساقط معدوم، ورأيته في موضع آخر علله بـ "روح بن الصلاح" متابعا في ذلك صاحب "صيانة الانسان" وابن سحمان صاحب "الصواعق المرسلة" وغيرهما ممن وهموا في تعليل الحديث بروح بن الصلاح، وجميع طرق الحديث لا يوجد فيها من اسمه روح بن الصلاح، وإنما الثابت فيها هو "روح بن القاسم"، وهو " حافظ ثقة باتفاق أهل العلم" كما سبق، فبطل تعليلهم واضمحل.
وأما تلك التعليلات العقلية التي عللوا بها الحديث، فهي مردودة ولا حجة فيها بتاتا، بل ليس فيها أدنى شبهة فضلا عن الحجة.

والخلاصة: أن الحديث لا اختلاف فيه ولا تعارض ولا اضطراب كما يزعم البعض، لأنه يمكن أن يرويه أبو جعفر من الوجهين كما قال الامام ابن كثير، بل إن سلمنا عدم الجمع، وسلكنا مسلك الترجيح، فإن رواية روحا وهشاما هي الراجحة وهذا قول علي بن المديني وابن أبي حاتم ومن وافقهم، وأما الزيادة التي في بعض الروايات فهي غير مخالفة لرواية الجمهور بل هي موافقة لها، بل إنها زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة كما هو مقرر في الاصول.

وأما رواية هشام الدستوائي فقد أخرجها النسائي في السنن الكبرى (9/ 244) رقم (10420) وفي عمل اليوم والليلة (ص: 418) رقم (660) وابن أبي حاتم في العلل (5/ 385) والبخاري في التاريخ (6/ 210)
كلهم من طريق هشام الدستوائي، عن أبي جعفر، عن أبي أمامة عن عثمان بن حنيف ... الحديث.

وأما رواية شعبة فقد أخرجها الترمذي في سننه (5/ 569) رقم (3578) وابن ماجة في سننه (1/ 441) رقم (1385) والامام أحمد في مسنده (28/ 478) رقم (17240) وعبد بن حميد في مسنده (1/ 308) رقم (379) والنسائي في السنن الكبرى (9/ 244) رقم (10420) وفي عمل اليوم والليلة (1/418) رقم (569) وابن خزيمة في صحيحه (2/ 225) رقم (1219) وأبو علي الطوسي في مختصره (2/ 446) رقم (455) والطبراني في الدعاء (ص: 321) رقم (1051) والحاكم في المستدرك (1/ 458) رقم (1180) و أيضا في(1/ 700) رقم (1909) وابن عساكر في الأربعون البلدانية (ص: 54) وعبد الغني المقدسي في أخبار الصلاة (ص: 36) رقم (57) وابن أبي حاتم في العلل(5/ 383) رقم (2064) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 166) والبخاري في التاريخ (6/ 210) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 257) وابن الاثير في أسد الغابة (3/ 473) .
كلهم من طريق عثمان بن عمر بن فارس، عن شعبة، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت , عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم... الحديث. اهـ
وأخرجه أحمد في مسنده (28/ 480) رقم (17241) والبيهقي في الدعوات الكبير (1/ 325) رقم (235) والحنائي في الحنائيات (1/ 537) رقم (94) وابن عساكر في الأربعون البلدانية (ص: 55) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1959) رقم (4927).
كلهم من طريق روح بن عبادة، عن شعبة، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت , عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم... الحديث. اهـ.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 700) رقم (1909) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت , عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم... الحديث. اهـ.

وأما رواية حماد فقد أخرجها الامام أحمد في مسنده (28/ 480) رقم (17242) والنسائي في السنن الكبرى (9/ 244) رقم (10419) وفي عمل اليوم والليلة (ص: 417) رقم (658) والحنائي في الحنائيات (1/ 537) رقم (94) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 167) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 209) رقم (2192).
كلهم عن حماد بن سلمة، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت , عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم... الحديث. اهـ
وصحح الترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم الطريقين، أي طريق شعبة وحماد.

تنبيهات وتعليقات:
قال الطبراني رحمه الله في المعجم:
لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة وهو الذي يحدث [عنه] أحمد بن شبيب , عن أبيه , عن يونس بن يزيد الأبلي , وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي واسمه عمير بن يزيد , وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة، والحديث صحيح وروى هذا الحديث عون بن عمارة , عن روح بن القاسم , عن محمد بن المنكدر , عن جابر رضي الله عنه وهم فيه عون بن عمارة والصواب: حديث شبيب بن سعيد . (المعجم الصغير للطبراني (1/ 306).

قلت: لم يتفرد شبيب بهذا الحديث بل تابعه (عون بن عمارة) عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه، أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به يرد الله علي بصري، فقال له: «قل اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي، اللهم شفعه في، وشفعني في نفسي» ، فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر. اهـ (المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 707).

قال الحاكم عقبه:
تابعه: شبيب بن سعيد الحبطي، عن روح بن القاسم «زيادات في المتن والإسناد، والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون».اهـ

قلت: وإنما قال ذلك كله (والله أعلم) لإن عون رواه عن روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما ، ولكن العمدة على ما رواه الحاكم بإسناد رجاله ثقات غير عون بن عمارة ففيه تفصيل، لأن هذا هو الذي يوافق رواية الثقات .
وقوله: "تفرد به عثمان بن عمر" غير صحيح بل تابعه عليه "روح بن عبادة" وكذا "محمد بن جعفر" كما في التخريج السابق.

وقد تبين من خلال كلامنا على أسانيد الحديث، سواء بالزيادة أو بدونها، أنه لا شك أن الحديث صحيح ثابت، وهو عمدة من يقول بالتوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، والخلاف في ذلك جار ولكل دليل وسلف فيما ذهب إليه.

والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ
وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
أبو محمد جلال الدين أصياد ،
وكان الفراغ منه ليلة الاثنين
19 من شعبان
1433
هـ
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 42
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى