منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ليس كل ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله فهو بدعة ومحرم.

اذهب الى الأسفل

ليس كل ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله فهو بدعة ومحرم. Empty ليس كل ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله فهو بدعة ومحرم.

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد السبت سبتمبر 17, 2011 10:47 am

ليس كل ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله فهو بدعة ومحرم.
ودليل ذلك يتبين من خلال أمور عدة، منها:
 أولا:إن ترك النبي-صلى الله عليه وسلم - لشيء من غير أن يقترن به ما يدل على دلالة ذلك الترك هو ترك مجمل، أي يتطرق إليه الاحتمال، وما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
يوضح ذلك أمران:
أولهما:إن النبي -صلى الله عليه وسلم - قد يترك الأمر لعلل عدة، منها:
-أن يكون تركه عادة:كتركه -صلى الله عليه وسلم - أكل الضب، فلما سأله خالد رضي الله عنه عن علة ذلك، قال:"إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه"متفق عليه .
وهنا مسألة يجدر التنبه لها، وهي أن الإمام السمعاني رحمه الله تعالى استدل بهذا الحديث على وجوب متابعة النبي  فيما تركه، لأنه لما ترك الأكل من الضب أمسك الصحابة عن الأكل وسألوه عن العلة .
وهذا قول لا دليل عليه، بل عكسه هو المتجه، بدليل أن الصحابة لم يكتفوا بتركه للفعل بل سألوه، ولو كان مجرد الترك يدل على الامتناع لامتنع الصحابة عن الأكل ولم يستفسروه، لأن السؤال سيكون من باب تحصيل الحاصل، وهو ممتنع.
وهذا يوضح ما قلناه بأن دلالة الترك دلالة محتملة، والله تعالى أعلم.
-أن يكون لدخوله في عموم آيات أو أحاديث، كتركه -صلى الله عليه وسلم - كثيرا من المندوبات لأنها مشمولة بأدلة عامة، كنحو قوله تعالى: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون  }[الحج:77]، أو خاصة، كنحو ما يقال من تركه -صلى الله عليه وسلم - صلاة الضحى مع ثبوت أحاديث كثيرة عنه -صلى الله عليه وسلم - في الحض عليها والترغيب في فضلها.
ومعلوم بداهة أن النبي-صلى الله عليه وسلم - لم يفعل جميع المندوبات جملة وتفصيلا، ولهذا ما فتئ السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم رضوان الله عليهم على فعل أمور كثيرة من التعبدات لم تعهد من الفعل النبوي، وذلك مثل:
 عثمان بن عفان رضي الله عنه : ثبت عنه أنه كان يحيي الليل كله في ركعة يجمع فيها القرآن ( انظر: حلية الأولياء لأبي نعيم 1/56).
وقد ثبت عن بعض الصحابة وكثير من التابعين أنهم ختموا القرآن في ركعة أو في يوم وليلة.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه (( التبيان في آداب حملة القرآن )) : " وأما الذين ختموا القرآن في ركعة أو في يوم وليلة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم: عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير، ختموا القرآن في ركعة في الكعبة، ومنهم: مجاهد، والشافعي، وآخرين ختموا القرآن في يوم وليلة، وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء في كل ليلة من رمضان، وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن" اهـ.
 الحسن بن علي عليهما السلام ، ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه وريحانته :
قال محمد بن علي : قال الحسن عليه السلام: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرة من المدينة على رجله" (( حلية الأولياء لأبي نعيم 2/37).
عمير بن هانئ التابعي الجليل:
قال الترمذي: حدثنا علي بن حجر، حدثنا سلمة بن عمرو قال:كان عمير بن هانئ يصلي كل يوم ألف ركعة، ويسبح مائة ألف تسبيحة" ( سسن الترمذي 5/480).
الأسود بن يزيد النخعي: تابعي مخضرم ( أي أدرك الجاهلية والإسلام)، يضرب بعبادته المثل.
قال إبراهيم النخعي : كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم في غير رمضان في كل ست ليال" (( حلية الأولياء2/103).
سعيد بن المسيب: عالم أهل المدينة، وسيد التابعين في زمانه.
ثبت عنه أنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة (( الحلية 2/103).
قلت: قال العلامة المرتضى الزبيدي رحمه الله : " وقد كان ذلك طريق جماعة من السلف، كانوا يصلون الصبح بوضوء العشاء، حكى أبو طالب المكي أن ذلك حكي على سبيل التواتر والاشتهار عن أربعين من التابعين، وكان فيهم من واظب عليه أربعين سنة، قال: منهم : سعيد بن المسيب، وصفوان بن سليم المدنيان، وفضيل بن عياض، ووهيب بن الورد المكيان، وطاوس، ووهب بن منبه اليمانيان، والربيع بن خثيم، والحكم بن عتبة الكوفيان، وأبو سليمان الداراني، وعلي بن بكار الشاميان، وأبو عبد الله الخواص، وأبو عاصم العباديان، وحبيب أبو محمد العجمي، وأبو جابر السلماني الفارسيان، ومالك بن دينار، وسليمان التيمي، ويزيد الرقاشي، وحبيب بن أبي ثابت، ويحيى البكاء، وكهمس بن المنهال البصريون، في جماعة يكثر عددهم " اهـ [ انظر: ( إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين للزبيدي 5/550 بتصرف)].
الإمام احمد بن حنبل: قال ابنه عبد الله : كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة، وكان قرب الثمانين " ( حلية الأولياء 9/181).
الحسن بن صالح بن حي الثوري الهمداني: قال وكيع : كان الحسن وعلي ابنا صالح وأمهما قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء، يختمون فيه القرآن في بيتهم كل ليلة، فكان كل واحد يقوم بثلثه، فماتت أمهما فكانا يختمانه، ثم مات علي فكان الحسن يختم كل ليلة " ( تهذيب التهذيب لابن حجر 2/288).

-أن يكون تركه خشية أن يفرض على أمته،كتركه الاجتماع على القيام في ليالي رمضان...
إلى غير ذلك من الأسباب والعلل.
ثانيهما:إن ترك النبي-صلى الله عليه وسلم - سكوت، والسكوت كما تقرر عند الأصوليين لا دلالة له، ولهذا يقولون:"لا ينسب لساكت قول" .
قال الشيخ أبو بكر الأهدل رحمه الله تعالى :
اعلم هديت أنه لا ينسب لساكت قول كما قد أعربوا
و هذه العبـارة المذكورة عـن الإمام الشافعي مأثورة
وإنما تؤخذ الدلالة مما يحف ذلك السكوت من قرائن تدل على المراد،ومن هذا الباب حجية التقرير، فإن مجرد سكوته-صلى الله عليه وسلم - عن أمر لا يدل على شرعيته، وإنما الذي دل على الجواز والإذن هو ما تقرر من القرائن الدالة على أنه لا يسكت على منكر.
مثال تطبيقي لهذه القاعدة:
عن ميمونة رضي الله عنها قالت:وضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم - غسلا من الجنابة، فناولته خرقة، فقال بيده هكذا، ولم يردها" متفق عليه .
قال النووي رحمه الله تعالى:"اختلف أصحابنا فيه على أوجه، أشهرها:أن المستحب تركه،ولا يقال:إنه مكروه، والثاني: أنه مكروه، والثالث:أنه مباح يستوي فعله وتركه.
قال النووي: وهذا الأظهر المختار، فقد جاء هذا الحديث الصحيح في الإباحة، ولم يثبت في النهي شيء أصلا" .
فتأمل كيف ينفي النووي رحمه الله تعالى ثبوت النهي مع ثبوت تركه صلى الله عليه وآله وسلم لذلك الفعل، بل ويستدل به على الإباحة .
ونحوه أيضا كلام العلامة الموفق ابن قدامة رحمه الله تعالى حيث قال: « ولا بأس بتنشيف أعضائه بالمنديل من بلل الوضوء والغسل.. وكرهه عبد الرحمن بن مهدي وجماعه من أهل العلم لأن ميمونة روت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتيته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض بالماء بيده متفق عليه، والأول أصح ؛ لأن الأصل الإباحة ، وترك النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة ، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد يترك المباح كما يفعله» .
وقال أيضا العلامة المجتهد ابن دقيق العيد رحمه الله : « رد المنديل واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال ، فيجوز أن يكون لا لكراهة التنشيف، بل لأمر يتعلق بالخرقة أو غير ذلك و الله أعلم » .
وهذا يؤيد ما ذكرناه من أن الترك المجرد ترك مجمل يتطرق إليه الاحتمال، فلا يصح به الاستدلال على المنع، والله أعلم.
 ثانيا: إن دلالة الترك غاية ما تدل عليه عدم وجوب الفعل، لا تحريمه أو النهي عنه، ولهذا تأصل عند الأصوليين قولهم : "جائز الترك ليس بواجب الفعل" .
وهذه بعض أقوال أهل العلم تدل على ذلك:
قال الإمام المجتهد أبو بكر الجصاص رحمه الله تعالى : « نقولُ في الترك كقولنا في الفعل ، فمتى رأينا النبي عليه الصلاة والسلام قد ترك فعل شيء ولم نَدْرِ على أي وجه تركه ، قلنا : تركه على جهة الإباحة ، فليس بواجب علينا ، إلا أن يثبت عندنا أنه تركه على جهة التأثم بفعله ، فيجب علينا تركه حينئذ على ذلك الوجه ، حتى يقوم الدليل على أنه مخصوص به دوننا» .
وقال العلامة المجتهد الشريف التلمساني رحمه الله تعالى:"ويلحق بالفعل في الدلالة :الترك، فإنه كما يستدل بفعله -صلى الله عليه وسلم - على عدم التحريم، يستدل بتركه -صلى الله عليه وسلم - على عدم الوجوب" .
وقال العلامة المحقق شيخ الشيوخ أبو سعيد ابن لب رحمه الله تعالى في الرد على من كره الدعاء عقب الصلاة:"غاية ما يستند إليه منكر الدعاء أدبار الصلوات أن التزامه على ذلك الوجه لم يكن من عمل السلف، وعلى تقدير صحة هذا النقل، فالترك ليس بموجب لحكم في ذلك المتروك إلا جواز الترك وانتفاء الحرج فيه، وأما تحريم أو لصوق كراهية بالمتروك فلا، ولا سيما فيما له أصل جملي متقرر من الشرع كالدعاء" .
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى:"وكذلك الشيء إذا تركه -صلى الله عليه وسلم -ولم ينه عنه ولا أمر به فهو عندنا مباح، ومن تركه أجر، ومن لم يفعله لم يأثم ولم يؤجر" .
قوله:" ومن تركه أجر، ومن لم يفعله لم يأثم ولم يؤجر": هذا إذا كان مستند ذلك الفعل الترك وحده، وأما إذا كان لذلك الفعل المتروك أصل جملي متقرر في الشريعة، فهو بحسب ذلك الأصل،كما سبقت الإشارة إلى ذلك من كلام ابن حزم رحمه الله نفسه في تحديد ماهية البدعة،فتنبه.
وقال الشيخ أنور شاه الكشميري رحمه الله تعالى:"اعلم أن الفضائل لا تنحصر فيما ثبت فعله -صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يخص لنفسه أمورا تكون أليق بشأنه وأحرى لمنصبه، وإذ لم يستوعب الفضائل كلها عملا، رغب فيها قولا لتعمل بها الأمة، فمنها:صلاة الضحى، فإنه إذا لم يعمل بها، بمعنى أنه لم يجعلها وظيفة له دل على فضلها قولا، لتعمل بها أمته وتحرز الأجر، ألا ترى أنهم تكلموا في ثبوت الأذان من النبي -صلى الله عليه وسلم - فعلا مع كونه من أفضل الأعمال، فالفضل لا ينحصر فيما ثبت فعله منه -صلى الله عليه وسلم - فقط،إن كل امرئ يختار لنفسه ما يناسب شأنه..فمن ظن أن الفضل فيما ثبت عمله -صلى الله عليه وسلم - به فقط، فقد حاد عن طريق الصواب، وبنى أصلا فاسدا ينبئ بفساد البناء" .
وقال الشيخ العلامة الأصولي المحقق سيدي عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى:"والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك،بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع،وأما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظورا فهذا لا يستفاد من الترك وحده،وإنما يستفاد من دليل يدل عليه" .
وقال الأستاذ العروسي في دراسته القيمة حول أفعال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ودلالتها على الأحكام :"إن ما تركه -صلى الله عليه وسلم -هو من قبيل المباح، فالمباح هو المخير فيه بين الفعل والترك من غير مدح ولا ذم، لا على الفعل ولا على الترك، فإذا تحقق الاستواء والتخير شرعا لم يتصور أن يكون التارك له مطيعا لعدم تعلق الطلب بالترك، فإن الطاعة لا تكون إلا مع الطلب، وما لا يتعلق به طلب فلا طاعة في فعله، ولا طاعة في تركه" .
ويقول الشوكاني رحمه الله تعالى في معرض رده على احتجاج السادة الشافعية بترك السلف الوضوء من الماء المستعمل على كراهيته : " هذه حجة ساقطة لا ينبغي التعويل على مثلها في إثبات الأحكام الشرعية، فعلى هذا المستدل أن يوضح هل كان هذا التكميل يفعله جميع السلف أو بعضهم؟، والأول باطل، والثاني لا نعرف من هو ؟، فليبين لنا من هو !!، على أنه لا حجة إلا الإجماع عند من يحتج بالإجماع" .
وقال العلامة ابن لب الأندلسي المالكي رحمه الله تعالى:"والترك المروي عن السلف لا يدل على حكم، إذ لم ينقل عن أحد أنه كرهه أو منعه، ..وشأن نوافل الخيرات جواز تركها، والحق أن فيه الأجر والثواب، لأنه داخل في باب الخير المرغب فيه على الجملة " .
وبهذا التقرير الذي ذكرناه يعلم بطلان مستند هؤلاء في تبديع هذا الفعل، والله تعالى أعلم.
على أن القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح لم يجتمعوا على قراءة القرآن إلقاء للكلام على عواهنه، وشهادة على نفي، فلا يلتفت إليها، إذ لا يلزم من ترك الشيء المنع منه، كما قال العلامة المجتهد ابن دقيق العيد في الإحكام ، والحافظ البارع ولي الدين العراقي رحمه الله تعالى في ( طرح التثريب شرح التقريب) .
وهذا شارح الطحاوية يقول في مسألة قراءة القرآن ووصول ثوابها إلى الأموات: "فإن قيل: هذا لم يكن معروفا في السلف، ولا أرشدهم إليه النبي -صلى الله عليه وسلم -؟، فالجواب:إن كان مورد هذا السؤال معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء، قيل له: ما الفرق بين ذلك وبين وصول ثواب قراءة القرآن؟، وليس كون السلف لم يفعلوه حجة في عدم الوصول، ومن أين لنا هذا النفي العام ؟!!" .

الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 43
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى