منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سلسلة شرح منظومة (المُقْنِع) في علم الفلك (الدرس الثاني)

اذهب الى الأسفل

 سلسلة شرح منظومة (المُقْنِع) في علم الفلك (الدرس الثاني) Empty سلسلة شرح منظومة (المُقْنِع) في علم الفلك (الدرس الثاني)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الأحد أكتوبر 09, 2011 3:14 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا ومباركا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد من أعلى الله قدره وبارك فيه، وعلى آله وصحبه ما سار كل كوكب في فلكه ودار فيه، أما بعد: فهذا هو الدرس الثاني من سلسلة شرح منظومة (المُقْنِع) في علم الفلك، وقد شرحنا في هذا الدرس بعون الله وتوفيقه، مقدمة الناظم، قال (رحمه الله):

يقول بعد حمد مُجري الفلك ... ثم على محمد الهادي الزاكي
أزكى الصلاة وعلى الأشراف ... آل النبي وكل ذي إنصاف
محمد نجل سعيد السوســي ... المرتجي مغفرة القـدوس

الشرح: (يقول) فاعله محمد الآتي في البيت الثالث، وهو اسم المؤلف، (بعد حمد مجري الفلك) الحمد لغة :هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، سواء تعلق بالفضائل أو بالفواضل، والفضائل : جمع فضيلة وهي صفات ذات، والفواضل: جمع فاضلة وهي صفات فعل، وجمعها بعضهم في بيتين فقال:

فضائل صفات ذات يا فتى == فواضل صفات فعل قد أتى
مفرد الأول أتى فضيلــة == والثاني فاضلة خذ الوسيلة

وأما مورده فاللسان فقط، ومتعلقه الإحسان والكمال.
و أركانه خمسة، الصيغة، والحامد، والمحمود، والمحمود به، والمحمود عليه، وقد جمعها سيدي محمد الإلغي في بيتين من البسيط فقال :

*الحمد أركانه المحمود والحامد *** وصيغة ما عليه أو به حصلا *
*وقد يرى ذان ذاتا واحدا كالذي *** جاد فقلت جواد فاضل مثــلا *

وأما الحمد عرفا فهو: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، ومورده اللسان والجنان والأركان، ومتعلقه الإحسان فقط، وبين الحمد اللغوي والحمد العرفي عموم وخصوص وجهي لصدقهما بالثناء باللسان في مقابلة الإحسان، وينفرد الحمد العرفي بصدقه بغير اللسان في مقابلة الإحسان، وينفرد الحمد اللغوي بالثناء باللسان لأجل الكمال .
وأما الشكرلغة : مثل الحمد عرفا أي فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، فبينه وبين الحمد العرفي الترادف، وبينه وبين الحمد اللغوي، عموم وخصوص وجهي .
والشكر عرفا :صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من سمع وبصر وغير ذلك إلى ما خلق من أجله : وهو إفراد الخالق جل وعلا بالعبادة ، فبين الشكر العرفي و الحمد اللغوي، عموم وخصوص مطلق لشمول متعلق الحمد لله تعالى ولغيره، واختصاص متعلق الشكر بالله تعالى، وبينه وبين الحمد العرفي عموم وخصوص مطلق، وقد جُمعت كل هذه المعاني في أبيات :

الحمد في اللغة لا في العـــرف == الوصف بالجميل دون خلف
لتعظيم الممدوح يا صديـــــق == مورده اللسان بالتحقيـق
علق بالنعمة أو سواهـــــــا == حقيقة العرفي لا تنساها
بتعظيم المنعم فعل يخبــــر == من اللسان والجنان يصـدر
وسائر الأركان مما علــــقا == بنعمة لا غيرها فحقــقا
والشكر في اللغة مثل وذا ومـا == بينهما من الترادف اعلـما
وبين كل منهما وبينــــــما == يدعى بحمد لغة فحتــما
هو العموم والخصوص في النظام == يجتمعان في اللسان والنعام
والحمد في اللغة أفرد باللســان == من دونها وغيره بكالجنـان
بإزاء النعم قل لمن طلــــب == فهذه ثلاثة من النســــب
والشكر في اصطلاح وهو العرف == صرفك للجميع فافهم وصفي
فبينه وبين ما تقدمـــــــا == من الثلاثة عموم وُســـما
كذلك الخصوص بالإطـــلاق == لم ينفرد عنهما بالإتفـــاق
فهذه نسابها الست التـــــي == سألتها فادع لنا بالرحـــمة

و(مُجري) اسم فاعل من أجرى الشيء يجريه، إذا صيره جاريا، و(الفلك) تقدم الكلام عليه في المقدمة، وفي هذا براعة الإستهلال، وهي: الدلالة عند ابتداء أول الكلام، على المقصود به، (ثم) يحتمل أن تكون للإستئناف، ويحتمل أن تكون للعطف، وعلى الثاني فيحتمل أن تكون للترتيب الذكري، أو للترتيب الرتبي، لأن رتبة ما يتعلق بالمخلوق من الثناء، متأخرة ومتراخية عن رتبة ما يتعلق بالخالق من الثناء الواجب له تعالى، (على محمد) محمد اسم من أسماء نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وهو مشتق من الحمد أو من اسمه تعالى المحمود ولهذا كان أبو طالب يقول كما روى عنه البخاري في تاريخه :
* وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد *
قال ابن القيم : وهو علم وصفة واجتمعا في حقه ( صلى الله عليه وسلم ) وإن كان علما محضا في حق من تسمى به غيره اهـ . وهو منقول من اسم مفعول حُمِّد بصيغة المبني للمفعول بتشديد الميم ،سماه بهذا الإسم جده عبد المطلب بإلهام من الله ،رجاء أن يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله المحمودة، (الهادي) من أسماء نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) كذلك (الزكي) أي الطاهر من العيوب،
قوله: (أزكى الصلاة) أي أكثر وأنمى وأعظم الصلاة، والصلاة لغة :الدعاء ، واصطلاحا :فإن كانت من الله ، فهي ثناء الله عليه في الملإ الأعلى ،قاله أبوالعالية ،ومن غيرالله عز وجل كالملائكة والجن والإنس طلب الثناء عليه من الله أو الإستغفار، وهي واجبة مرة في العمر، و (الأشراف) جمع شريف على غير قياس، وفسره بقوله: (آل النبي) - صلى الله عليه وسلم – أي أهل بيته وهم بنو هاشم، و(وكل ذي إنصاف) وهو الذي يتبع الحق، ويرجع إليه.
قوله: (محمد) هذا هو اسم الناظم (رحمه الله)، و (نجل) أي الولد ولابن، (سعيد السوسي) نسبة إلى سوس، وهو سوسان: أدنى وأقصى،
فالأدنى: من وادي العبيد، إلى سجلماسة، إلى وادي درعة، إلى مراكش مع الجانب الذي يليه من جبل ذرنة، إلى حاحة إلى دكالة إلى أم الربيع.
والأقصى: ما بعد ذلك إلى الساقية الحمراء من ناحية الصحراء، وإلى البحر من ناحية ماسة وجبل تانسيفت ومدينة ردانة مع الجانب الذي يليها من جبل ذرنة، وهو بلد المؤلف من أعمال ماسة، و (المرتجي) أي الراجي (مغفرة القدوس) أي ستر الله للذنوب، وعدم المؤاخذة، والقدوس: من صيغ المبالغة، واسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: النزاهة والطهارة، أي البليغ في النزاهة عما يوجب نقصاناً ما أو أي عيب كيف ما كان، ثم قال:

يا سائلي مختصرا يكون في ... نظم أبي مِقْرَعٍ المؤلِّف
خذه بعون القادر المهيمن ... كما أردت وبه فاستعـن

قوله: (يا سائلي) من هنا إلى آخر الرجز، كله محكي بقوله: (يقول) الذي يبتديء به أول النظم، وهو نداء لمن سأل المؤلف أن يختصر نظم أبي مِقْرَع، وهذا السائل هو: صاحبه أبو العباس أحمد بن عبد الصادق الفِرَكْلي – بكسر الفاء وسكون الكاف – نسبة إلى فِرَكْله، اسم بلدة بسوس، (مختصرا) هو ما جُمع فيه كلام قليل الألفاظ مع كثرة معانيه، (يكون في نظم) بمعنى منظوم، كالضرب بمعنى: المضروب، والنظم في اللغة: هوالجمع، (أبي مِقْرَع) هو: عبد الله بن محمد بن عبد الحق بن علي البطيوي، وسمي أبا مقرع، لأنه كان لا يفارقه المقرع في أسفاره غالبا، وهو صاحب النظم المشهور في التوقيت، قال المؤلف في شرحه: ولا شك أن نظمه المذكور طويل، ولذلك اختصرناه للطالبين لهذا النظم، (المؤلِّف) نعت لأبي مقرع.
قوله: (خذه) الضمير عائد على المختصر (بعون الله) أي توفيق الله تعالى، وهو خلق القدرة في القلب على الطاعة، (القادر) اسم فاعل من قدر، وهو صفة مشبهة، واسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الذي لا يعجزه شيء، (المهيمن) اسم فاعل من هيمن يهيمن، إذا كان رقيبا على الشيء، وهو صفة مشبهة، واسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الشاهد على خلقه بأعمالهم، والرقيب عليهم، وقيل غير هذا، (كما أرت وبه فاستعن) الكاف: اسمية بمعنى مثل، وما: مصدرية حرفية، والضمير في (به) يحتمل أنه عائد على القادر المهيمن، ويحتمل أنه عائد على المختصروهو الظاهر، ثم قال:

فالإختصار كان صعب الفهم ... على العقــول سيــما النظـم
لكن سر الله في صدق الطلب ... كم ريء في أصحابه من العجب

قوله: (فالإختصار) الفاء يحتمل أنها تعليلية، أو استئنافية، وقد تقدم الكلام على الإختصار(كان) أي الإختصار، على حذف مضاف، أي كان الكلام المختصر (صعب) أي عسير (الفهم) أي الإدراك (على العقول) جمع عقل، وهو شيء غريزي وضعه الله في من شاء من عباده، (سيما) بتشديد الياء، أي أولى وأحرى، (بالنظم) الباء ظرفية، (لكن سر الله) أي أمر الله (في صدق الطلب) أي طلب العلم بنية صادقة، وفيه تورية بيانية، (ريء) بكسر الراء ممدودة، على وزن جيء: فعل ماض مبني للمفعول من راء، على وزن جاء، لغة في "رأى" ومعناه: شوهد (في أصحابه) جمع صاحب على غير قياس، (من العجب) وهو ما خالف المعتاد من كل شيء، ثم قال:

زدت له فوائدا وربما ... أخرت ما كان به مقدما
وأسأل الذي به استعنت ... عليه أن يتم ما أردت

قوله: (زدت له) الضمير عائد على المختصر (فوائدا) جمع فائدة، وهي في الأصل: ما استفيد من علم أو مال، مشتقة من الفيد، أي استحداث المال والخير، وقيل هي اسم فاعل من فئدته، أي أصبت فؤاده، قال الخفاجي:
من الفؤاد اشتقت الفائدة == والنفس يا صاح بذا شاهدة
لذا ترى أفئدة الناس قد == مالت لمن في قربه فائـدة
والمراد بها هنا مسائل هذا الفن، (وربما) حرف جر كفته ما عن العمل، وهيأت له الدخول على الفعل، ومعناها: التكثير كثيرا، أو التقليل قليلا (أخرت) في الترتيب (ما) الشيء الذي (كان به) الباء ظرفية، والضمير فيها عائد على نظم أبي مقرع، (مقدما) في الترتيب كذلك، ثم قال: (وأسأل) أطلب الله (الذي به استعنت) أي طلبت منه الإعانة (عليه) الضمير عائد على المختصر (أن يتم) يكمل (ما) الشيء الذي (أردت) أي قصدت تأليفه، فالله هو المعين على إتمام الأمور، ولله در القائل:
إذا لـم يعنك الله فيـما تريـده ... فليس لمخلوق عليه سبيـل
وإن هو لم يرشدك في كل مسلك ... ضللت ولو أن السِّماك دليل

وصلى الله وسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]


الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 42
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى