منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشرح المفيد على متن جوهرة التوحيد (3)

اذهب الى الأسفل

الشرح المفيد على متن جوهرة التوحيد (3) Empty الشرح المفيد على متن جوهرة التوحيد (3)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الثلاثاء فبراير 12, 2013 5:31 pm

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن سيدنا مولانا محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذا هو الدرس الثالث، من دروسنا لشرح جوهرة التوحيد للعلامة اللقاني المالكي، – رحمه الله تعالى - قال :

4 - مُحَمَّدِ الْعَاقِبْ لِرُسْلِ رَبِّـــهِ ... وَآلِهِ وَصْحِبِهِ وَحِزْبِهِ
5 - وَبَعْدُ: فَالْعِلْمُ بأَصْلِ الدِّينِ ... مُحَتَّمٌ يَحْتَاجُ لِلتَّبْيِــيـــن


قوله: [محمد] بترك التنوين للوزن، بدل من "نبي" وهو اسم من أسماء نبينا – عليه الصلاة والسلام - وهو مشتق من الحمد أو من اسمه تعالى المحمود، ولهذا كان أبو طالب يقول كما روى عنه البخاري في تاريخه :

وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
قال ابن القيم : "وهو علم وصفة واجتمعا في حقه ( صلى الله عليه وسلم ) وإن كان علما محضا في حق من تسمى به غيره "اهـ .

وهو منقول من اسم مفعول حُمِّد بصيغة المبني للمفعول بتشديد الميم ، سماه بهذا الإسم جده عبد المطلب بإلهام من الله ، رجاء أن يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله المحمودة ، والرسول صلى الله عليه وسلم أجل من حُمد وأعظم من حَمد، وهذا الاسم أشرف أسمائه، وهي توقيفية باتفاق، أما أسماؤه تعالى ففيها خلاف كما سيأتي.

والحكمة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم بشر فربما تُسوهل في شأنه فأطلق عليه ما لا يليق، فسدت الذريعة باتفاق، وأما مقام الألوهية فلا يتجاسر عليه أحد، فلذلك قيل بعدم التوقيف، والمسمي له - صلى الله عليه وسلم - بذلك الاسم، جده على الصحيح، وقيل: أمه، وجُمع بأنها أشارت عليه بالتسمية بسبب ما رأته من أن شخصاً يقول لها: فإذا ولدته فسميه محمداً فلما أخبرته بذلك سماه محمداً رجاء أن يحمد في السماء والأرض، وقد حقق الله تعالى رجاءه كما سبق في علمه تعالى، والمسمي له به حقيقة هو الله تعالى لأنه أظهر اسمه قبل ولادته في الكتب السماوية، فهو بتوقيف شرعي، قال تعالى على لسان السيد المسيح: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].

قوله: [العاقب] نعت لمحمد وهو لغة اسم فاعل عقَبَ يَعقُب، عَقْبًا وعُقوبًا، فهو عاقِب، وكل شَيْء خلف بعد شَيْء فَهُوَ عاقب، ومعناه في حق نبينا - صلى الله عليه وسلم -: آخر الانبياء وخاتمهم ولهذا قال الناظم: [ لرسْل ] جمع رسول بضم السين، وقد تسكن كما هنا. وقد قرئ به في رسلنا ورسلكم ورسلهم.، وقد تقدم تعريف الرسول والنبي.
ولا ينافي هذا نزول عيسى ابن مريم – عليه السلام - في آخر الزمان، لأنه سيحكم بالإسلام، وكما أنه خاتم للرسل فهو كذلك خاتم للأنبياء، وقد اقتصر المصنف على ذكر الرسل دون الأنبياء على حد قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ} أي: والبرد، فيكون المعنى: العاقب لرسل ربه وأنبيائه، أو أن الرسول والنبي مترادفان عنده كما قال السعد، وإنما اختار التعبير بالرسل لأنه أمدح من التعبير بالانبياء، فإن الرسالة أشرف من النبوة لجمعها بين الحق والخلق خلافاً للعز بن عبد السلام .

[ ربه ] : أي خالقه أو مالكه أو نحو ذلك من معاني الرب، المنظومة في قول الشيخ السجاعي وهي:

قريب محيط مـالك ومـدبــــر ... مُربٍ كثير الخير والمولِي للنعم
وخالقنا المعبود جابر كسرنا ... ومصلحنا والصاحب الثابت القدم
وجامعنا والسيد احفظ فـهــــذه ... معانٍ أتت للربّ وادعُ لمن نظم.

[ و] سلام الله مع صلاته على [ آله ] والآل لغة: اسم جمع لا مفرد له، وهم الأهل والأتباع، وخاصة الرجل من جهة القرابة أو الصحبة، تقول آل الرجل لأهله وأصحابه، ولا تقول آل البصرة وآل العلم، وقالوا آل فرعون أي: أتباعه، وكذلك آل لوط، وقال المبرد: إذا صغرت العرب الآل قالت أهل، فيدل على أن أصل الآل الأهل، وقال بعضهم الآل: "عيدان الخيمة وأعمدتها" وآل الرجل مشبهون بذلك لأنهم معتمدة، والذي يرتفع في الصحارى: "آل" لأنه يرتفع كما ترتفع عيدان الخيمة، والشخص آل لأنه كذلك، والآل يخص بالاشراف، وذوي الاقدار، بحسب الدين، أو الدنيا، فلا يقال: آل حجام، وآل حائك ونحو ذلك.

والأهل: يكون من جهة النسب والاختصاص، فمن جهة النسب قولك: اهل الرجل لقرابته الأَدْنَيْن، ومن جهة الاختصاص قولك أهل البصرة وأهل العلم.اهـ من (الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري (1/281)
والمراد بهم هنا: أقاربه من بني هاشم، وقيل: كل مؤمن تقي، قال ابن الحاج: "فإن الآل له معان باعتبار مقامات، ولا يحسن أن تعد أقولا.اهـ ففي مقام الزكاة: فهم عندنا بنو هاشم لا المطلب، وبين الآل بذلك المعنى والصحب عموم وخصوص من وجه، يجتمعان في سيدنا علي مثلا، وينفرد الآل في أقاربه الذين لم يروه، والصحب في أبي بكر مثلا، وأما في مقام الدعاء: فكل مؤمن ولو عاصيا، وأما في مقام المدح: فكل تقي لما في الحديث الشريف: «آل محمد كل تقي» اهـ

وأتى الناظم بالصلاة على الآل، امتثالا لقوله – صلى الله عليه وسلم – حين قالوا له: { كيف نصلي عليك } ؟ فقال: قولوا: {اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد ... } الحديث، وفرارا من الصلاة البتراء التي لم يذكر فيها الآل.

وفي الصلاة على غير الأنبياء ثلاثة أقوال بالجواز والمنع والكراهة قال الإمام أبو عبد الله الأبي: قال بعضهم: الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء إنما هو في الاستقلال، نحو اللهم صل على فلان، وأما بالتبع نحو اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته فجائز، وعلى الجواز فإنما يقصد بها الدعاء، لأنها بمعنى التعظيم خاصة بالأنبياء كخصوص "عز وجل" بالله تعالى، فلا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً جليلاً، وكذا السلام هو خاص به، فلا يقال أبوبكر عليه السلام اهـ

[وصحبه] : جمع صاحب وهو لغة: من طالت عشرتك به – صلى الله عليه وسلم – ، والمراد هنا الصحابي وهو: من اجتمع بنبينا صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، بعد البعثة، في محل التعارف، بأن يكون على وجه الأرض، وإن لم يره، أو لم يَرْوِ عنه شيئاً، أو لم يميز على الصحيح، وأما قولهم: "ومات على الإسلام" فهو شرط لدوام الصحبة، لا لأصلها.

[ وحزبه ]: أي جماعته. والحزب الجماعة الذين أمرهم واحد في خير أو في شر، ومنه قوله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} والظاهر أن المراد به هنا من غلبت ملازمته له صلى الله عليه وسلم لأنهم أخص من الصحب الذين هم أخص من الآل، ويحتمل أن يراد به أتباعه مطلقاً، سواء كانوا في عصره أم لا، وهو الأولى، لما فيه من التعميم، ولا يغني عنه الآل لتخصيص بعضهم له بالأتقياء.

ثم قال: [ وبعد ] الواو نائبة عن " أما " و " أما " نائبة عن " مهما يكن " و " بعد " ظرف مبني لتضمنه معنى الحرف وهي الإضافة لحذف المضاف إليه ونية الإضافة به، وحرك لالتقاء الساكنين وضم لتكمل له الحركات؛ لأنه إذا ذكر معه المضاف إليه، أو نوي لفظه ينصب على الظرفية أو يجر بمن بلا تنوين فإن لم ينو لفظه ولا معناه نصب عليها، أو جر بمن منونا يحتمل أنه زماني باعتبار النطق وأنه مكاني باعتبار الكتابة، والمختار تعلقه بجواب مهما التي نابت عنها الواو بواسطة نيابتها عن أما والتقدير:

مهما يكن من شيء في الوجود بعد البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – [ ف] رابطة بين الشرط المقدر وجوابه، [ العلم ] جواب "وبعد"، وهو مبتدأ، -والعلم لغة هو :إدراك الشيء وحصول صورته في العقل، ويطلق مجازا على مجموعة من المسائل في موضوع معين ،
واصطلاحا : إدراك الشيء على حقيقة ماهو عليه في الواقع ، أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافا تاما ،وله حدود أخرى كلها لا تسلم من الدور، وهو ممنوع عقلا، لأنه يتوقف العلم بالتعريف على العلم بالمعرَّف فيلزم منه الدور، ولذلك قال بعض العلماء يستحيل حد العلم بحد جامع مانع، وينقسم العلم إلى : ضروري و مكتسب ،
-فالضروري : ما لا يحتاج إلى النظر والإستدلال ولا يقدر الإنسان أن يدفعه على نفسه بالشك والشبه كالأخبار المتواترة و أن الشمس مشرقة.
-و المكتسب ويسمى النظري : ما يحتاج إلى النظر والإستدلال، والنظر : الفكر في الشيء، والفكر : حركة النفس في المعقولات، وأما حركتها في المحسوسات : فتخييل، وله أقسام أخرى ليس هذا محل بسطها .

قوله: [ بأصل الدين ] متعلق بخبر المبتدأ، والاصل لغة : أساس الشيء، أو ما يبْتنى عليه غيره؛ كأساس المنزل، وأصل الشجرة، ونحو ذلك، والدين لغة: الجزاءُ والمكافأةُ. يقال: دانَهُ ديناً، أي جازاه. ويقال: " كما تَدينُ تُدانُ "، أي كما تُجازي تُجازى، أي تُجازى بفعلك وبحسب ما عملت. وقوله تعالى: {أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات: 53] أي مجزيُّون محاسَبون. ومنه الدَيَّانُ في صفة الله تعالى. وقومٌ دينٌ، أي دائنونَ.

والمراد به هنا: "العقيدة" وهو علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى، وصفاته، وأحوال الممكنات في المبدأ والمعاد، على قانون الإسلام، وقيل: علم يبحث فيه عن الأعراض الذاتية للموجود من حيث هو هو على قانون الإسلام، وقيل: علم يقدر معه على إثبات العقائد الدينية، مكتسب من أدلتها اليقينية، بإيراد الحجج ودفع الشبه. وقد تكلمنا على مبادئ هذا العلم عند قول الناظم: " ... جاء بالتوحيد ... " في البيت الثاني، فراجعه.

[ محتَّمٌ ] خبر المبتدإ المتقدم، وهو لغة: اسم مفعول من حتَّمَ عليه الأمرَ، يحتِّمه عليه، تَحْتِيمًا، أوْجَبَه وفرضه عليه، قَالَ تَعَالَى:
{كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] أي: واجب الوقوع لوعده الصادق، وإلا فهو سبحانه وتعالى لا يجب عليه شيء.
ومنه قول الشاعر:

فليسَ من عِندِي على جاري الأربْ ... إنِّي وحق الجارِ حتماً قد وجبْ.

واصطلاحا هو: ما طلب الشارع امتثاله طلبا جازما، وهو والفرض والواجب واللازم والمكتوب - عندنا معاشر المالكية – ألفاظ مترادفة، وسواء ثبت ذلك بدليل قطعى او ظنى، قال صاحب مراقى السعود فى نظمه: "والفرض والواجب قد توافقا. كالحتم واللازم مكتوبٍ ...".اهـ

وعليه فإن العلم بأصول الدين؛ فرض عين على كل مكلف، من ذكر وأنثى، وذلك بالأدلة الإجمالية، وأما بالأدلة التفصيلية ففرض على الكفاية، وقد سبق بيان هذا.

[ يحتاج ] أي: يفتقر، والضمير فيه عائد على "أصل الدين" أي: الفن الملقب بـ "أصول الدين" [ للتبيين ] أي: التوضيح، و البيان هو: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والإيضاح.

وإنما احتاج هذا الفن للتبيين؛ مع أنه مبين ومفصل في كتاب الله وسنة رسول – صلى الله عليه وسلم -، لأنه حدثت فتن ونزاعات بين المسلمين بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم - خصوصا في آخر عصر الخلافة الراشدة، مما أدى الى التفرق وظهور الاختلاف في الدين والميل إلى البدع والأهواء، فكثرت الفتاوى والواقعات، وأدخل المبتدعة على العقائد جملة من الشبهات، فظهرت القدرية والخوارج والرافضة والمرجئة والمعتزلة والجهمية والحشوية المشبهة والمجسمة، ثم انقسمت هذه الفرق الى فرق كثيرة متشعبة، نسأل الله السلامة والعافية .
فكان هذا سببا لانتهاض أهل السّنّة بالأدلّة العقليّة على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع، فقام بذلك الشّيخ أبو الحسن الأشعريّ إمام أهل السنة والجماعة، وتبعه جمهور الامة من المالكية والشافعية والحنفية وفضلاء الحنابلة لم يخالفه منهم الا رعاع من الحنفية والشافعية ، لحقوا باهل الاعتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا باهل التجسيم، وبرأ الله المالكية فلم يخالفه أحد منهم، وتوسّط الامام الاشعري بين الطّرق ونفى التّشبيه وأثبت الصّفات المعنويّة وقصر التّنزيه على ما قصره عليه السّلف. وشهدت له الأدلّة المخصّصة لعمومه فأثبت الصّفات الأربع المعنويّة والسّمع والبصر والكلام القائم بالنّفس بطريق النّقل والعقل. وردّ على المبتدعة في ذلك كلّه وتكلّم معهم فيما مهّدوه لهذه البدع من القول بالصّلاح والأصلح والتّحسين والتّقبيح وكمّل العقائد في البعثة وأحوال المعاد والجنة والنّار والثّواب والعقاب. وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإماميّة من قولهم إنّها من عقائد الإيمان، وإنّه يجب على النّبيّ تعيينها والخروج عن العهدة في ذلك لمن هي له، وسيأتي الكلام عن كل هذا بالتفصيل –إن شاء الله - عند مبحثه في هذا الكتاب.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، و على آله وصحبه وسلم.[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 42
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى