منتدى المدرسة العتيقة توبكال هلالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المرجع الأمين في شرح المرشد المعين (1)

اذهب الى الأسفل

المرجع الأمين في شرح المرشد المعين (1) Empty المرجع الأمين في شرح المرشد المعين (1)

مُساهمة من طرف الشيخ جلال الدين أصياد الأربعاء أكتوبر 10, 2012 4:41 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المنفرد بالخلق والإيجاد، المصطفي من خلقه من شاء وأراد، المرشد للناس إلى سبيل الفوز والرشاد، ويسر الكل لما خلق له فلا يصرف عنه ولا يذاد، وحجب الطريق القويم عن ذوي الكفر والعناد، فسبحان ربنا المتصرف بعدله في جميع العباد، نحمده تعالى على جميع ما أنعم به علينا وجاد، ونستغفره من جميع الذنوب المانعة لنا من الفضائل والجهاد، وأشهد أن لا إله الله شهادة إقرار وإذعان، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا رسوله المرسل بالإيمان، صلى الله وسلم عليه صلاة نرتقي بها إلى درجة ذوي الإحسان، وتأهلنا لأن نكون من ذوي الغرفات في أعلى الجنان، وآله وأصحابه أهل الكرم والمجد والإيمان، ومن سلك سبيلهم واتبع هديهم إلى يوم الدين آمين، أما بعد:

فهذا شرح لطيف على نظم " المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" للإمام الجليل سيدي أبي محمد عبد الواحد بن عاشر – رحمه الله ونفع به – انتقيته من عدة شروح معتمدة؛ لأرجع إليه عند الحاجة والضرورة؛ ومن أراد من الإخوان الباحثين الطلبة؛ معترفاً أن ليس لي فيه إلا النسخ والترتيب؛ وإني فيهما بين خوف التخطئة ورجاء التصويب؛ طالباً من الله سبحانه وتعالى الدخول في زمرة الأئمة المهتدين؛ والإندراج في خبر «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين » وسميته: "المرجع الأمين في شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" نفعنا الله به كما نفع بأصله الأصيل، وجعله خالصا لوجهه الجليل، ومن الله أستمد العون والتوفيق، والهداية إلى أقوم طريق، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وقبل أن نشرع في المقصود، يستحسن بنا التعريف بهذه المنظومة الجليلة فأقول:
تعتبر المنظومة المشهورة بـ "ابن عاشر" مرجعا أساسيا في جميع مدارس ومعاهد المالكية في العالم الاسلامي عامة، وفي بلاد المغرب العربي خاصة، وذلك لما اشتملت عليه من أقسام الدين الثلاثة: "الإيمان والإسلام والإحسان" وقد مدحها العلامة المشهور بـ "ميارة" وهو شارحها، فقال فيها:
"منظومة عديمة المثال في الاختصار وكثرة الفوائد والتحقيق؛ ومحاذاة مختصر الشيخ خليل؛ والجمع بين أصول الدين وفروعه؛ بحيث أن من قرأها وفهم مسائلها؛ خرج قطعاً من ربقة التقليد المختلف في صحة إيمان صاحبه؛ وأدى ما أوجب الله عليه تعلمه من العلم الواجب على الأعيان"اهـ
وفي مدحها قد قيل من أبيات ذكرت في الشرح الكبير لسيدي عبد الله العياشي:

عليك إذا رمت الهدى وطريقه ... وبالدين للمولى الكريم تدين
بحفظ لنظم كالجمان فصولـه ... وماهو إلا مرشـدٍ ومعيـن.

قال الحجوي المالكي: " يحفظها ولدان المغرب " .اهـ
وقد شاع عند بعض الطلبة المغاربة قولهم: "صل بالرسالة وحج بابن عاشر" .
ويكفي في شرفها وفضلها ما جعل الله لها من القبول لدى الخاص والعام، فهي فريدة في بابها، وميسرة لحفظ ألفاظها، وواضحة في معانيها، نسأل الله أن ييسر لنا فهمها، ويعصمنا من الخطإ والزلل فيها، إنه سميع مجيب.
قال الناظم – رحمنا الله وإياه -:

يَقُولُ عَبْدُ الْوَاحِد بِنُ عَاشِرِ ... مُبْتَدِئاً بِاسْمِ الإِلَهِ الْقَاِدِر
اَلْحَمْـدُ لله الَّـذِي عَلّمَـنَا ... مِنَ الْعُلُومِ مَا بِهِ كَلّفـَنَا
صَلّى وَسَلّـمَ عَلَى مُحَمَّـَدِ ... وَآلِه وَصَحْبِهِ وَالْمُقْتَدِي

[ يقول ]: فعل مضارع للحال، ومحكيه "الحمد لله" إلى آخر هذا الرجز، [ عبد الواحد ] بن أحمد بن علي [ بن عاشر ] نعت لعبد الواحد، أبو محمد الأنصاري نسباً الأندلسي أصلاً الفاسي منشأ وداراً، المتوفى: يوم الخميس ثالث ذي الحجة الحرام من عام أربعين وألف من الهجرة، وإلى عام وفاته أشار بحرف "الشين والميم" بحساب الجمل من قال:

وعاشرٌ المبرورِ غزواً وحُجةً ... إمام الهُدى والدين شمَّ قَرَنفُل.

قوله: [ مبتدئاً ] حال مقدرة من عبد الواحد وقيل: ماضية، أي حال كوني مبتدئا، [ باسم ] بإثبات الألف لقلة الإستعمال، خلافا للكسائي والاخفش، وتحذف في البسملة خاصة لكثرة الاستعمال، قاله الفراء، والباء فيه للإستعانة على الأصح [ الإله ] هو: المعبود بحق، وهو اسم من أسماء الله عز وجل، من "أَلَهَ يَأْلَهُ إلَاهَةً" - بالفتح فيهما مِنْ بَابِ فتح - بِمَعْنَى "عَبَدَ عِبَادَةً"، وقيل من "أَلِهَ يَأْلَهُ أَلَهاً" بكسر الماضي وفتح المضارع مِنْ بَابِ تَعِبَ، أي: "تحير"، وأصله: "وَلِهَ يَوْلَهُ وَلَهًا"، لأن العقول تأله في عظمته، وقيل: هو مأخوذ من "أَلِهَ يألَهُ" إلى كذا أي لجأ إليه لأنه سبحانه المفزع الذي يلجأ إليه في كل أمر، وأصل "الإله": "وِلاهٌ"، كإشاحٍ وِشاحٍ، ومعْنَى وِلاهٍ أَنَّ الخَلْقَ يَوْلَهُون إِلَيْهِ فِي حَوائِجِهم، ويَضْرَعُون إِلَيْهِ فيمَا يَنُوبُهم، كَمَا يَوْلَهُ كلُّ طِفْلٍ إِلَى أُمِّه، والفرق بينه وبين اسمه تعالى "الله" أن الله: اسم لم يسم به غير "الله عز وجل" وأما "الإله" فقد أطلقه المشركون على معبوداتهم الباطلة بدون حق، قال تعالى: { وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة: 73] وقال: { قل إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 19] .
ومعنى الآيتان: أنه لا يستحق العبادة إلا الله تعالى وحده لا شريك له.
[ القادر ] على كل شيء، فلا يعجزه شيء تعلقت قدرته عز وجل به ، والقادر: صفة للإله، وفيه إشعار بتبري الناظم من حوله وقوته، وتفويض أمره إلى من له القدرة، وعلى قدر تحقق العبد بهذا المعنى؛ تنفعل له الاشياء وتسخر له المكونات .
تلخيص: لما جرت عادة المؤلفين بذكر أسمائهم قبل الشروع في المقصود؛ ترغيبا للطالبين في مؤلفاتهم؛ وللنص على تحريم العمل أو الفتوى من الكتب التي جهل مؤلفوها ولم يعلم صحة مافيها، ولأن المعلوم يقتدى به؛ والمجهول يترك كلامه، ابتدأ المؤلف – رحمه الله – بذكر اسمه لذلك، ليعرف بنفسه، وزيادة على ما ذكرنا سابقا من التعريف بالمؤلف أقول:
كان - رحمه الله تعالى - عالماً عاملاً ورعاً عابداً مفتياً في علوم شتى قرأ القرآن على عدة شيوخ، وأخذ القراءات السبع، وكان متفننا في التوجيهات والتعليلات، وأخذ النحو والحديث والفقه وغيرها من العلوم عن جماعة من الأئمة، وكان الناظم رحمه الله ذا معرفةٍ بالقراءات وتوجيهها وبالنحو والتفسير والإعراب والرسم والضبط وعلم الكلام، ويحفظ نظم ابن زكرى عن ظهر قلب ويعلم الأصول والفقه والتوقيت والتعديل والحساب والفرائض وعلم المنطق والبيان والعروض والطب وغيرذلك وحج وجاهد واعتكف وكان يقوم من الليل ماشاء الله تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته ألف تآليف عديدة منها هذه المنظومة العديمة المثال، وشرح على مورد الظمآن، و أدرج فيه تأليفاً آخر سماه الإعلان بتكميل مورد الظمآن في كيفية رسم قراءة غير نافعٍ من بقية السبعة في نحو خمسين بيتاً وشرحه، وله شرح على مختصر خليل؛ وله رسالة عجيبة في عمل لربع المجيب في نحو مائةٍ وثلاثين بيتاً من الرجز، وله تقاييد على العقيدة الكبرى للإمام السنوسي، وله طرر عجيبةً على شرح الإمام أبي عبد الله محمد التنسي لذيل مورد الظمآن في الضبط، وله مقطعات في جمع نظائر ومسائل مهمة من الفقه والنحو وغيرهما، أصيب بالداء المسمى على لسان العامة بالنقطة ضحى يوم الخميس ثالث ذي الحجة الحرام من عام أربعين وألف؛ ومات عند الاصغرار من ذلك اليوم - رحمة الله ونفع به – انظر ترجمته كاملة في الشرح الكبير (ص: 5)

ولما كان الحمد على النعم مرغبا فيه شرعا ومطلوبا في افتتاح الامور ذوات البال، وكان هذا التأليف منها، ابتدأ بذلك ابتداء عرفيا فقال: [ الحمد ] بجميع أنواعه ثابت [ لله ] عز وجل، ولفظ الجلالة علم على الواجب الوجود، وهو أعظم أسماء ربنا عز وجل، وهو أخص الأسماء إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا، وهو اسم الله العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وأصله (إلاه) على وزن "فِعال" بمعنى مفعول لأنه مألوه أي معبود كقولنا: إمام بمعنى مؤتم به، فلما أدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام، قال الغزالي:" وكل ما ذكر في اشتقاقه وتعريفه تعسف وتكلف".اهـ
وأورد "الحمد" بعد التسمية وإن كان من أفرادها ،لأن المقتصر على التسمية لا يسمى حامدا عرفا، وهل (أل) في الحمد للجنس أو للإستغراق أو للعهد ؟ أقوال أصحها الأخير، أي: أحمد الله بذلك الحمد الذي حمد به نفسه، ولو كنت لا أعلمه على التفصيل .
والحمد لغة : هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، سواء تعلق بالفضائل؛ جمع فضيلة؛ وهي صفات ذات، أو بالفواضل، جمع فاضلة؛ وهي صفات فعل، وجمعها بعضهم في بيتين فقال:

فضائل صفات ذات يا فتى ... فواضل صفات فعل قد أتى
مفرد الأول أتى فضيلــة ... والثاني فاضلة خذ الوسيلة

وأما مورده فاللسان فقط، ومتعلقه الإحسان والكمال.
و أركانه خمسة، الصيغة، والحامد، والمحمود، والمحمود به، والمحمود عليه، وقد جمعها سيدي محمد الإلغي في بيتين من البسيط فقال :

الحمد أركانه المحمود والحامد ... وصيغة ما عليه أوبه حصلا
وقد يرى ذان ذاتا واحدا كالذي ... جاد فقلت جواد فاضل مثلا

وأما الحمد عرفا فهو: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، ومورده اللسان والجنان والأركان، ومتعلقه الإحسان فقط، وبين الحمد اللغوي والحمد العرفي عموم وخصوص وجهي
لصدقهما بالثناء باللسان في مقابلة الإحسان، وينفرد الحمد العرفي بصدقه بغير اللسان في مقابلة الإحسان، وينفرد الحمد اللغوي بالثناء باللسان لأجل الكمال .
وأما الشكرلغة : مثل الحمد عرفا أي: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، فبينه وبين الحمد العرفي الترادف، وبينه وبين الحمد اللغوي، عموم وخصوص وجهي .
والشكر عرفا : صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من سمع وبصر وغير ذلك إلى ما خلق من أجله : وهو إفراد الخالق جل وعلا بالعبادة ، فبين الشكر العرفي و الحمد اللغوي، عموم وخصوص مطلق لشمول متعلق الحمد لله تعالى ولغيره، واختصاص متعلق الشكر بالله تعالى، وبينه وبين الحمد العرفي عموم وخصوص مطلق، وقد جُمعت كل هذه المعاني في أبيات :

الحمد في اللغة لا في العرف ... الوصف بالجميل دون خلـف
لتعظيم الممدوح يا صديـق ... مورده اللسان بالتحقيــــق
علق بالنعمة أو سواهـــا ... حقيقة العرفي لا تنساهـــا
بتعظيم المنعم فعل يخبــر ... من اللسان والجنان يصــدر
وسائر الأركان مما علــقا ... بنعمة لا غيرها فحقــــقا
والشكر في اللغة مثل وذا وما ... بينهما من الترادف اعلــما
وبين كل منهما وبينــــما ... يدعى بحمد لغة فحتـــما
هوالعموم والخصوص في النظام...يجتمعان في اللسان والنعام
والحمد في اللغة أفرد باللسان ... من دونها وغيره بكالجنـان
بإزاء النعم قل لمن طلــب ... فهذه ثلاثة من النســــب
والشكر في اصطلاح وهو العرف... صرفك للجميع فافهم وصفي
فبينه وبين ما تقدمــــا ... من الثلاثة عموم وُســــما
كذلك الخصوص بالإطلاق ... لم ينفرد عنهما بالإتفــــاق
فهذه نسابها الست التــي ... سألتها فادع لنا بالرحــــمة.

قوله: [ الذي ] اسم موصول نعت أو بدل من لفظ الجلالة، [ علمنا ] فضلا منه وإحسانا، ووصف الله بما في صلته بيان النعمة التي حمد لأجلها، لأن الموصول مع صلته في حكم المشتق؛ فيؤذن بعلية ما منه الإشتقاق كما هو مقرر، [ من ] حرف جر لبيان الجنس [ العلوم ] أي: الكثيرة [ ما ] اسم موصول مفعول ثانٍ لعلم، [ به ] متعلق بـ [ كلفنا ] أي: ما أوجبه علينا من العلم الشرعي كالعقائد والعبادات والمعاملات والتزكيات.
وتقدير البيت: "الحمد لله الذي علمنا ما كلفنا بتعلمه من العلوم" والعلوم التي كلفنا الله بتعلمها؛ تنقسم إلى قسمين:
أحدهما - واجب على الأعيان، وهو: ما ينظر فيه الشارع إلى ذات الفاعل كالايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، والصلوات الخمس والزكاة الواجبة وصوم رمضان وحج البيت، وأحكام النكاح والبيع والاجارات ونحوها إن احتيج إلى ذلك، لان كل شخص تلزمه بعينه طاعة الله عز وجل لقوله تعالى: (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون).
ثانيها – واجب على الكفاية، وضابطه: أن الشارع ينظر فيه إلى نفس الفعل، بقطع النظر عن فاعله، كدفن الميت، وانقاذ الغريق ونحو ذلك، فان الشارع لم ينظر إلى عين الشخص الذى يدفن الميت أو ينقذ الغريق، اذ لا فرق عنده فى ذلك بين زيد وعمرو، وانما ينظر إلى نفس الفعل الذى هو الدفن والانقاذ مثلا وستأتى زيادة بيان – إن شاء الله – عند قول الناظم: الحكم في الشرع خطاب ربنا ... الابيات.
وعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ .اهـ.
قال ابن عبد البرِّ رحمه اللهُ في كتاب "جامع بيان العلم", بعد أن روى هذا الحديثَ من عِدَّةِ طرقٍ ذكرها: "قد أجمع العلماءُ على أنَّ من العلمِ ما هو فرضٌ متعيَّنٌ على كلِّ امرئٍ في خاصَّة نفسِه, ومنه ما هو فرضٌ على الكفايةِ إذا قام به قائمٌ سقط فرضُه عن أهلِ ذلك الموضعِ.اهـ

ثم قال – رحمه الله -: [ صلى ] الله [ وسلم ] تسليما [ على ] سيدنا [ محمد ] بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي [ و] على [ آله ] أي: أقاربه المؤمنون من بني هاشم، وهو قول ابن القاسم ومالك وأكثر أصحابه، وفيمن فوقهم إلى بني غالب قولان أما مافوق غالب فليسوا بآل. [ و] على [ صحبه ] وصحب اسم جمع، وقيل: جمع لصاحب كراكب وركب، والمراد الصحابي وهو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على الإسلام، ولو تخللت ردة على الأصح. [ و] على [ المقتدي ] أي: المتبع للنبي - صلى الله عليه وسلم – في شريعته الاسلامية ظاهرا وباطنا.

تلخيص: لما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – هو الواسطة العظمى في إيصال كل خير لنا دنيا وأخرى، فهو مسدلنا أحسن معروف، وهو القائل:
{ مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ، فَأَثْنُوا عَلَيْهِ، حَتَّى تَعْلَمُوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ }.اهـ (معجم ابن المقرئ (ص: 106).
وقد عُلم ضرورة أننا عاجزون عن مكافأته – عليه الصلاة والسلام – فلم يبق إلا الثناء عليه والدعاء له، ولهذا أتى المصنف – رحمه الله - بعد الثناء على الله بالصلاة والسلام على رسول الله أداء لحقه – صلى الله عليه وسلم - وشكرا على ما قدمه لنا من خير لا يحصى، وإحسان في غاية المنتهى.
والصلاة لغة :الدعاء ، واصطلاحا :فإن كانت من الله ، فهي ثناء الله عليه في الملإ الأعلى، قاله أبوالعالية ،ومن غيرالله عز وجل كالملائكة والجن والإنس طلب الثناء عليه من الله أو الإستغفار، وحكمها: فرض مرة في العمر، وقيل: كلما ذكر - عليه الصلاة والسلام – وجبت، والله أعلم
والسلام لغة: الأمان، واصطلاحا: زيادة تأمين وطيب تحية وإعظام، قاله: السنوسي.
ومحمد: اسم من أسماء نبينا – عليه الصلاة والسلام - وهو مشتق من الحمد أو من اسمه تعالى المحمود، ولهذا كان أبو طالب يقول كما روى عنه البخاري في تاريخه :

وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد

قال ابن القيم : "وهو علم وصفة واجتمعا في حقه ( صلى الله عليه وسلم ) وإن كان علما محضا في حق من تسمى به غيره "اهـ .
وهو منقول من اسم مفعول حُمِّد بصيغة المبني للمفعول بتشديد الميم ، سماه بهذا الإسم جده عبد المطلب بإلهام من الله ، رجاء أن يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله المحمودة .
والآل لغة: اسم جمع لا مفرد له، وهم الأهل والأتباع، وخاصة الرجل من جهة القرابة أو الصحبة، تقول آل الرجل لأهله وأصحابه، ولا تقول آل البصرة وآل العلم، وقالوا آل فرعون أي: أتباعه، وكذلك آل لوط، وقال المبرد: إذا صغرت العرب الآل قالت أهل، فيدل على أن أصل الآل الأهل، وقال بعضهم الآل: "عيدان الخيمة وأعمدتها" وآل الرجل مشبهون بذلك لأنهم معتمدة، والذي يرتفع في الصحارى: "آل" لأنه يرتفع كما ترتفع عيدان الخيمة، والشخص آل لأنه كذلك، والآل يخص بالاشراف، وذوي الاقدار، بحسب الدين، أو الدنيا، فلا يقال: آل حجام، وآل حائك ونحو ذلك.
والأهل: يكون من جهة النسب والاختصاص، فمن جهة النسب قولك: اهل الرجل لقرابته الأَدْنَيْن، ومن جهة الاختصاص قولك أهل البصرة وأهل العلم.اهـ من (الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري (1/281)
والمراد بهم هنا: أقاربه من بني هاشم، وقيل: كل مؤمن تقي، قال ابن الحاج: "فإن الآل له معان باعتبار مقامات، ولا يحسن أن تعد أقولا.اهـ ففي مقام الزكاة: فهم عندنا بنو هاشم لا المطلب، وبين الآل بذلك المعنى والصحب عموم وخصوص من وجه، يجتمعان في سيدنا علي مثلا، وينفرد الآل في أقاربه الذين لم يروه، والصحب في أبي بكر مثلا، وأما في مقام الدعاء: فكل مؤمن ولو عاصيا، وأما في مقام المدح: فكل تقي لما في الحديث الشريف: «آل محمد كل تقي» اهـ
وأتى الناظم بالصلاة على الآل، امتثالا لقوله – صلى الله عليه وسلم – حين قالوا له: { كيف نصلي عليك } ؟ فقال: قولوا: {اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد ... } الحديث، وفرارا من الصلاة البتراء التي لم يذكر فيها الآل.
وقوله: " وآله وصحبه والمقتدي " معطوفات على محمد، وفي الصلاة على غير الأنبياء ثلاثة أقوال بالجواز والمنع والكراهة قال الإمام أبو عبد الله الأبي: قال بعضهم: الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء إنما هو في الاستقلال، نحو اللهم صل على فلان، وأما بالتبع نحو اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته فجائز، وعلى الجواز فإنما يقصد بها الدعاء، لأنها بمعنى التعظيم خاصة بالأنبياء كخصوص "عز وجل" بالله تعالى، فلا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً جليلاً، وكذا السلام هو خاص به، فلا يقال أبوبكر عليه السلام اهـ

هذا ما وقفت عليه، والله أعلم، وضلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليما.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الشيخ جلال الدين أصياد
الشيخ جلال الدين أصياد
Admin

عدد المساهمات : 248
نقاط : 680
تاريخ التسجيل : 22/06/2011
العمر : 42
الموقع : www.toubkal-hilala.roo7.biz

https://toubkal-hilala.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى